موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ١٦ يونيو / حزيران ٢٠٢٠

اﻹخلاص في العمل في زمن كورونا

محمد طالب عبيدات، وزير سابق، رئيس جامعة جدارا الأردنية

محمد طالب عبيدات، وزير سابق، رئيس جامعة جدارا الأردنية

أ.د.محمد طالب عبيدات :

 

جاءت الرسالات السماوية كافة بدعوة صريحة للعمل واﻹخلاص به، والحقيقة أن اﻹنسان الذي يعمل ويخلص بعمله يجني فوائد ومكاسب كثيرة بدءاً من رضا الله تعالى ومروراً برضا كل من حوله ومسؤوليه ووصولاً لرضاه عن نفسه، عدا عن المكاسب الدنيوية واﻷخروية المادية والمعنوية؛ وفي زمن كورونا بات الإخلاص بالعمل مطلوب أكثر حيث ربّ العمل يتابع الإنتاج ولا يرى العامل في ظل العمل عن بُعد والعمل المرن؛ وهذا يعني بأن مخافة الله تعالى يجب أن تترسخ أكثر:

 

1. اﻹخلاص في العمل مؤشر لرضا اﻹنسان عن نفسه وقناعته، والحصول على الرزق الحلال وراحة البال والطمأنينة وعدم القلق وتربية جيل مؤمن بربه واﻹنتاجية والعطاء وعدم الكسل أو التخاذل، والكثير من القيم اﻹيجابية الرائعة؛ وفي زمن كورونا أصبح ذلك أكثر حيث العلاقة بين العبد وربّه إبان العمل عن بُعد وإتقان روحية العطاء.

 

2. تستطيع أن ترغم الحصان أن يذهب إلى النهر لكنك لا تستطيع إرغامه على شرب الماء، كمؤشر على أن العمل ليس للمرآءاة أو عد الساعات فقط أو إرضاء المسؤول فقط أو النفاق لكنه من القلب دون منة أو شوفية؛ وفي زمان كورونا لان هذا عنوان وسياسة عريضة للعمل المرن والعمل عن بُعد.

 

3. البعض يتطلع للعمل من زاوية المكاسب فقط، فليكن عملنا لمرضاة الله تعالى ولوجهه الخالص؛ وهذا ما يقتنع به الإنسان في زمن كورونا لأن المكاسب وحدها لا تعني شيء فالإنسان مهدد بحياته وسيترك كل شيء خلفه.

 

4. تنتشر مع اﻷسف ظواهر سلبية كثيرة في العمل هذه اﻷيام من قبل البعض منها: الكسب غير المشروع، والعمل للأشخاص والنفاق مع المسؤول، وتضييع الوقت، والتفنن في وسائل عدم خدمة الزبون، والكثير الكثير؛ لكن ذلك كله تراجع في زمن كورونا إذ أصبح العمل عن بُعد ومرناً في الوقت الذي يطلب فيه من الموظف إنتاجيه وتميز دونما وقت محدد.

 

5. أي هدية أو مال أو مكاسب معنوية أو مادية تعطى ﻷي موظف كان من غير راتبه من قبل الزبون كنتيجة للقيام بعمله فهي رشوة، وللأسف تنتشر هذه اﻷيام عند بعض ذوي اﻷنفس المريضة طرق ملتوية لذلك سواء من قبل الموظف الرخيص أو الزبون اﻷرخص! وفي زمن كورونا لان الإيمان بالله أعمق ومن المفروض تراجع هكذا تصرفات غير مقبولة.

 

6. المال العام أمانه في أعناقنا والمحافظة عليه واجب ديني وأخلاقي ووطني، ومن لا يحافظ على المال العام إبان عمله مع الدولة أو أنّى كان في القطاع العام أو الخاص فهو خائن لوطنه ولضميره وللإنسانية؛ وفي زمن جائحة كورونا مطلوب تطبيق لغة القانون بصرامة بالحق.

 

7. المطلوب من كل موظف أو عامل أن يمتلك في عمله روحية إنسان مخلص لا مخ لص، ﻷن اﻷولى فيها قناعة ورضا والثانية فبها كل شيء رذيل! وفي زمن كورونا نرجو الله مخلصين أن يكون كل الناس من النوع الأول من المخلصين.

 

8. للعلم ما نتحدث به ينطبق على كل شيء بدءاً من ربة المنزل ومروراً بالموظف بالقطاعين العام والخاص ووصولا للعاطلين عن العمل؛ وفي ظل جائحة كورونا تتعمق هذه النظرة لتشمل كل شيء وكل الناس ليكونوا قنوعين ومخلصين ومحافظين دونما إسراف أو تقتير.

 

بصراحة: في زمن كورونا وما قبلها البعض ينظر للوظيفة لكسب المال فقط وهذا ظلم لنفسه وللوطن واﻹنسانية، والمطلوب منا جميعاً مخافة الله في عملنا أنّى كنا لنكسب الدنيا واﻵخرة، ﻷن اﻷصل إتقان العمل واﻹخلاص فيه لا إستخدام اﻷساليب الملتوية لزيادة المكاسب والمغانم.

 

صباح العمل بإخلاص وأمانة

 

(عمون)