موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢٢ فبراير / شباط ٢٠٢٠

الغناء مرآة ثقافة الشعوب

المتحدث باسم مجلس كنائس مصر

المتحدث باسم مجلس كنائس مصر

الأب رفيق جريش :

 

قال الفيلسوف الصيني كونفوشيوس «إن الموسيقى مرآة حضارة الشعوب» والموسيقى والغناء ليست أداة للهو والتسلية أو لقتل الوقت. لأنها أداة للتقفيف والتهذيب ومتعة الذهن والروح وتسمو بنفوس مستمعيها بما فيها من سحر وجمال خصوصًا عند الأطفال والشباب في مقتبل العمر. وحتى المسنيين حيث تكون لهم ذكريات مرافقة لما تسمعه آذانهم.

 

في الأسبوع الماضي جرت ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي والساحة الفنية والغنائية والإعلامية بعد قرار منع مطربي المهرجانات من الغناء، وتأكيد الفنان الكبير هاني شاكر، نقيب المهن الموسيقية، على أنه قرار نهائي ولا رجعة فيه وأن هذا القرار جاء بعد الكلام «غير المحترم» الذي قيل في حفل استاد القاهرة الدولي مساء الجمعة الماضية ليلة عيد الفلانين ـ عيد الحب مع نخبة من أبرز مطربى الغناء في العالم العربي وتقديمها أمام عشرات الآلاف من المشاهدين بعد أن كان مزمعًا «أن يكون حفلاً راقياً» في مكان متميز ليفرح بعيد الحب كل المصريين.

 

واقع الحياة الفنية في مصر الآن يكشف أنها فقدت الكثير من سحرها وبريقها الخاص، الموسيقى غذاء العقل ولم يعد المغنَى حياة الروح، وظهرت على السطح فئة جديدة تدّعي أنها من أهل الطرب، فئة لا تهدف للغناء وإسعاد الناس، بل لإفساد الذوق العام، وأصبحت هناك موجة جديدة للأغنية مثل أغاني «الميكروباصات» و«التوك توك» و«أغاني المهرجانات»، والشباب أصبح ضحية لهذه الموجة، أغان لا طعم لها ولا معنى، بعد ثورة يناير بالتحديد انتشرت نوعية جديدة من الأغاني تُسمى «أغاني المهرجانات»، وهي أغانٍ تدخل في تصنيف الأغاني الشعبية، ويقدمها مطربون حققوا شهرة سريعة على الساحة الفنية، رغم عدم امتلاكهم لمؤهلات المطربين، سواء في الموهبة والدراسة أو مساحة الصوت أو حتى الشكل، يتكلون على تقنيات حديثة من الموسيقى الإلكترونية، وأسماؤهم كلها مستعارة أصبحوا الآن الأكثر طلباً في سوق الحفلات والإعلانات والأفلام. وتبدل الحال وتغير الزمان وتغير معه شكل الأغنية الشعبية التي تحول اسمها كذباً إلى اسم أغنية المهرجانات. وللأسف تذاع من خلال الإعلانات في التليفزيونات والفضائيات وتدخل كل بيت مصري. وقد انتشرت عبر قنوات «قنوات الإنترنت» وهذه القنوات لا تخضع للرقابة من حيث المحتوى الذي تقدمه. وتلعب دورًا كبيرًا في تشكيل ذهنية الشباب وتحرض على سلوكيات سلبية نظرًا لما تقدمه من محتوى هابط ومنخفض متمثل في كلمات متدنية وموحية. أغاني المهرجانات قفزات غريبة تخرج من تحت السيطرة وتطرح نفسها على المجتمع، لا بد من المطالبة بضبط المشهد الفني والتحكم في المحتوى المعروض للجمهور باعتبار أن الفن قوى ناعمة تؤثر في المجتمع. وأنّ الانتشار الواسع لهذا النوع من الغناء لا يعكس الجودة أبدًا وأنه نجاح بلا قيمة أو هدف، وبالتالي لن يدوم طويلاً.

 

هناك فرق كبير بين الأغنية الشعبية والمهرجان فالأولى لها أصول وقواعد وملحنون ومطربون وفن هادف وجميل وكان هناك فرق قومية شعبية وكانت وتمثل مصر في مهرجانات عالمية ومحلية بأغان شعبية محترمة.

 

وإذا كنا نريد حماية الغناء من التشويه وحماية الذوق العام فيجب علينا أن نطالب بقانون يجرم كل إنسان يقدم أعمالا رديئة أو يشوه تراثنا الغنائي. ويجب على النقابة الموسيقية والمصنفات الفنية أن يكون لهما دور وموقف حازم كما فعل نقيب الموسيقيين الفنان هاني شاكر في منع هذه النوعية التي تؤدي إلى هدم الفن المصري العظيم والمورث الثقافي والتراث المجتمعي والذوق العام للفن الراقي.

 

(المصري اليوم)