موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٧ يونيو / حزيران ٢٠٢٠

أحْبَبْنا اللهَ فأَحَبَنا بروحهِ وتَكَلَمَ إلينا بيسوع المسيح

بقلم :
الأب سامر حداد - القدس
نشكُركَ يا ربّ لحضوركَ معنا بكلمتكَ الحية يسوع المسيح الذي ينبض بحبك روح الحق والحياة والسلام

نشكُركَ يا ربّ لحضوركَ معنا بكلمتكَ الحية يسوع المسيح الذي ينبض بحبك روح الحق والحياة والسلام

 

مُنذُ البداية ألهمنا الكتابُ المقدس بأنَّ اللهَ يُحِبُنا بروحِهِ ويَتكلَمُ إلينا بيسوعَ كلِمَتهُ الأزلي. الكتابُ المقدس يبدأُ بسفرِ التكوين الفصل الأول فيقول: "في البدءِ خلقَ الله" ومِن ثُمَّ يُكمِلُ فيقول: "وعلى وجهِ الغَمْرِ ظَلام ورُوحُ اللهِ يُرِفُّ على وجهِ المِياه". ومِن ثُمَّ يستفيض فيقول: " وقالَ الله ليكون نور فكانَ نور، ويُكمل الكتابُ المقدس الرواية الجريئة للخلق بواسطة كَلمته "كُنْ فيكُنْ". هكذا كانت رواية الخلق في سفرِ التكوين كان الله يقول كلمته وبقوة روحهِ يتمُ كُلُّ شيء. وأيضاً في سفرِ  الخروج الفصل العشرون عندما صَعِدَ موسى على جبلِ حوريب في سينا ليلتقي بالله كان موسى يسمع صوتَ الله الآب عِبرَ أثير الروحِ فتجسد كلام الله في شريعةٍ على لوحي الحجر. وعلى نفس الجبل إلتقى النبي إليا بالله في سفرِ الملوك الأول الفصل التاسع عشر، فكان النبي إيليّا يسمع كَلِمةَ الله في النسيم اللطيف. إذاً فقد ألهمنا الكتاب المقدس في أسفارهِ المتعددة بأن نُميز في الله شخصهِ وروحهِ القدوس وكلمته الأزلي، فقد مَيزَ العهد القديم وشعبِ العهد القديم بينَ الله ومجد الله وروح الله في شخصٍ واحدٍ أحد هو الربُّ الإله خالقِ السماوت والأرض وكُلِّ البشر بكلمتهِ وقوة روحه.

 

نطوفُ في الكتاب المقدس في أسفارهِ المتعددة وبينَ صفحاته المُلهِمَةِ بكلماتِهِ وتعابيرهِ وتشابيههِ لنَصِلَ الى بداية بشارة العهد الجديد وتحديداً في إنجيل القديس متى الفصل الأول حينما بَشَّرَ الملاك الذي يمثل حضور الله مريمَ العذراء بأنها سَتحبلُ مِنَ الروح القُدس وسَتَلِدُ الكلمة الأزلي يسوع المسيح. وكذلكَ في مشهد عِمَادِ يسوعَ في إنجيل القديس مرقس الفصل الأول حيث نرى يسوع كَلِمَة الله بأُمِّ أعيننا يخرج مِن مياهِ الأردن والسموات تنشقُ والروح ينزلُ عليه كَأنَهُ حمامة، ونسمع صوت الله يدوي مِن عرشِ السماء ليقولَ له أنت ابني الحبيب عنكَ رضيت، وهذه مِن أروع المشاهد الإنجيلة التي تصرخ وتنادي بالتميز في وحدانيةِ الله بروحهِ القدوس وكلمته المتجسد بيننا. وأيضاً في مطلعِ إنجيل القديس يوحنا حيث يقول: "في البدءِ كانَ الكلمة والكلمة هو الله وفيه كانت الحياة، فيُميز الإنجيلي يوحنا الله وكلمته ونسمة الحياة أي الروح القدس.

 

حياتنا الليتورجية كُلها صلاة ثالوثية، قداديسنا كُلُها موجهة إلى الله الآب بيسوع المسيح وبقوة الروح القدس. علاقتنا بالله الآب هي ثالوثية جوهرها الله الآب حققها يسوعَ المسيح وترجمها الروح القدس، يا لها مِن روعة فالله بكامل حُبه وحنانه علينا أرادَ بحكمتهِ أن يكونَ بعلاقة بخلقه بروعة ثالوثية.

 

عندما نقول ثالوث لا نعني ثلاثة بل هو وصف تميزي لجوهر الله الثالوث، الذي ألهمنا إياه الكتاب المقدس عن الله الآب والأبن الكلمة والروح الحب. إنَّ الله لم يرهُ أحد ولكنَّ يسوع المسيح الذي أخبرنا عنه وروحِ الله الذي قادنا إليه. لا يمكن لله إلاَّ أن يكونَ ثالوث، فلو لم يكن المسيح لما كانت لنا الحياة في عمق الله، فالمسيح مِن طبيعة وجوهر الله فهو كلمته ومن طبيعة البشر فهو الابن الحبيب، فهذه المعادلة جعلت مِنَ البشر الضعفاء الخطأة يستطيعونَ الحياةَ في عُمق الله، ولذلك تكمُن أهمية الاتحاد العميق بجسد المسيح الذي خَلَّصنا وبطاعتهِ ورضى الآب عنه جعلنا أهلاً به للحياة في جوهر الله. ولولا الروح القدس روح حب الله لما تحققت هذه المعادلة.

 

صحيح أنهُ يصعب علينا التوجه الثالوثي في العلاقة مع الله ولكنْ نقول نشكُركَ يا ربّ لحضوركَ معنا بكلمتكَ الحية يسوع المسيح الذي ينبض بحبك روح الحق والحياة والسلام. آمين