موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٢ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٠

أحد لوقا التاسع 2020

بقلم :
الأب بطرس جنحو - الأردن
لينيرنا الرب، الكلي الرأفة والرحمة، لزيادة ثروتنا الروحية

لينيرنا الرب، الكلي الرأفة والرحمة، لزيادة ثروتنا الروحية

 

الرِّسَالة

 

لِتَكُنْ يا رَبُّ رَحْمَتُكَ عَلَيْنَا  

اِبْتَهِجُوا أَيُّهَا الصِّدِّيقُونَ بالرَّبّ

 

فصل من رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل أفسس (5: 8-19)

 

يا إخوةُ اسلُكوا كأولادٍ للنّور، (فإنَّ ثمرَ الروح هوَ في كلِّ صلاحٍ وبرٍّ وحقّ)، مُختَبِرين ما هُوَ مَرضِيٌّ لدى الربّ. ولا تشتَرِكوا في أعمالِ الظُلمَةِ غيرِ المثمرة بل بالأحرى وبِّخوا عليها. فإنَّ الأفعالَ التي يَفعَلونها سِرًّا يقجُ ذكرُها أيضاً، لكنَّ كلَّ ما يُوبَّخُ عليهِ يُعلَنُ بالنّور. فإنَّ كلَّ ما يُعلَنُ هو نورٌ ولذلكَ يقولُ استيقظْ أيُّها النائِمُ وقُمْ من بينِ الأمواتِ فيُضيءَ لكَ المسيح. فانظُروا إذَنْ أن تسلُكوا بِحَذَرٍ لا كَجُهَلاءَ بل كحُكَماءَ مُفتَدِيِنَ الوقتَ فإنَّ الأيّامَ شِرّيرة. فلذلك لا تكونوا أغبياءَ بلِ افهَموا ما مشيئَةُ الربّ، ولا تَسكَرُوا بالخَمر التي فيها الدَعارَةُ بل امتَلِئوا بالروحِ مكلِّمين بعضُكم بعضاً بمزاميرَ وتسابيحَ وأغانيَّ روحيّةٍ، مرنِّميّن ومرتّلين في قُلوبِكم للربّ.

 

الإنجيل

 

فصل شريف من بشارة القديس لوقا (12: 16-21)

 

قال الربُّ هذا المثل: إنسانٌ غَنيٌّ أَخصبَتْ أرضُهُ فَفكَّر في نفّسِه قائلاً: ماذا أصنع؟ فإنَّه ليْسَ لي موضِعٌ أَخزِنُ فيه أثماري. ثمَّ قال: أصنع هذا، أهدِمُ أهرائي وأبْني أكبَرَ منها، وأجْمَعُ هناكَ كلَّ غلاّتي وخيْراتي، وأقولُ لِنفسي: يا نْفسُ إنَّ لكِ خيراتٍ كثيرةً، موضوعةً لسنينَ كثيرةٍ فاستريحي وكُلي واشْربي وافرحي. فقال له الله: يا جاهِلُ، في هذه الليلةِ تُطلبُ نَفسُكَ منْكَ، فهذه التي أعدَدتَها لِمن تَكون؟ فهكذا مَنْ يدَّخِر لنفسِهِ ولا يستغني بالله. ولمَّا قالَ هذا نادى: مَنْ لَهُ أُذنانِ للسَّمْعِ فَلْيسْمَع.

 

بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين.

 

أيها الأحباء

 

في هذه القراءة الإنجيلية  لهذا الأحد المبارك، وفي هذا المثل أراد الرب أن يعلّم آلام الجشع الخبيثة في حقول هذا الرجل الغني الذي أنتجت أكثر بكثير مما كانت عليه في السنوات السابقة. ولكن بدلاً من أن يشكر الله ويمجده على الحصاد الغني، غمره القلق والعذاب، لأنه لم يكن يعرف ماذا يفعل وأين يخزن الكثير من المحصول المتبقي. وأخيرا وجد حلاً. سأقوم بهدم المستودعات التي أملكها وسأبني مستودعات أكبر وسأجمع كل بضاعتي هناك. ثم سأقول لروحي: يا روحي، لديك العديد من الخيرات وهي تصل إليك لسنوات عديدة.

 

لقد قام بهدم المستودعات بالفعل وبنى مستودعات أكبر واستمتع ببضائعه. ولكن في لحظة ما ظهر الله وقال له: هذه الليلة تطلب نفسك منك. هذا الرجل الغني وصفه الله بأنه "أحمق" أي أحمق ومتهور، رغم أن فعله قد حدث بعد تفكير وتفكير كثير.

 

نجد أن فكر الإنسان مخالف تمامًا، من دينونة الله ولثلاثة أسباب رئيسية:

1- لأن أهتمامه بالعالم يبدأ وينتهي في نفسه. يمكننا أن نرى ذلك من خلال محتوى سرد المقطع الإنجيلي، الذي يستخدم ضمير الملكية "أنا" خمس مرات. أين أجمع ثماري، سأقوم بهدم مستودعاتي، ذريتي، بضاعتي وأحب روحي.

2- لأنه يعتقد أن نعيمه لا ينتهي وأنه لن يفقدها أبدًا، ولهذا يضع الخطط والميزانيات طويلة المدى.

3- لماذا وضع الله في أعماق الجزء غير الواعي من روحه.

 

بالطبع، الأزمة الحالية هي أزمة روحية أكثر منها اقتصادية. في العقود الأخيرة، أصبح هدف الإنسان هو تنمية الثروة المادية. وأصبح لا يكترث تجاه الحياة الروحية والتعليم الروحي. وقد أدى ذلك إلى دخولنا في الوضع الصعب الذي نعيشه جميعًا اليوم. الغرض من حياة الإنسان ليس المال وتراكم الثروة والسلع المادية. هدفنا هو الوصول إلى التأله، بعد أن تطهرنا من أهواءنا وخطايانا. الأنانية دائمًا تغلق العقل وتخرج الإنسان عن مساره الصحيح. إنه يقودنا بعيدًا عن الله ويشوه توجهنا الحقيقي.

 

يعلّمنا مثل الرجل الغني الجاهل أننا لا يجب أن نكون أنانيين وأغنياء، بل أن نكون رحماء مع إخوتنا في الإنسانية.

 

يجب أن نتأكد من أن لدينا ما نحتاجه وليس ما نريده. دعونا لا ندع الجشع يبقينا أسرى ونعلق على الأشياء المادية. لأننا إذا كنا نتطلع إلى الحصول على ما نريد، فلن نكون سعداء أبدًا وسيستمر جشعنا في النمو، ونتيجة لذلك نصبح مثل "الأغنياء بحماقة".

 

نتيجة لذلك، بدلاً من أن نحب جارنا كنفسنا واستخدام الأشياء، انتهى بنا الأمر باستخدام الناس وحب الأشياء. لسوء الحظ، فإن السعي المتهور للربحية المستمرة كصالح أسمى له تأثير سحق العلاقات الإنسانية.

 

نلوم الأسواق المالية الدولية لأنها تقدر الأرقام والمال أكثر من الناس. ولكن إذا كنا صادقين، يجب أن نعترف بأننا، حتى على نطاق أصغر، فعلنا الشيء نفسه في عالمنا المصغر. لسوء الحظ، من المهم بالنسبة للبعض منا أن يكون ويشعر بالقوة المالية والأمان والاستقلال من القديسين.

 

كنا نعتقد أن أفضل الأشياء وأكثرها تكلفة ستجعل الأمور أفضل. عيشنا اليوم، ندمّر غدًا.

 

ولكن هل فعلنا الشيء الصحيح؟

 

لقد فقدنا صحتنا لكسب المزيد من المال ثم خسرنا الأموال التي ربحناها لاستعادة صحتنا. لقد نسينا أنه بالمال يمكننا شراء سرير، لكن لا يمكننا شراء البقية. يمكننا شراء الدم، لكن لا يمكننا شراء الحياة. يمكننا شراء منصب أو مكتب، لكن لا يمكننا شراء الاحترام والقبول. إن التعرف على المشكلة وأسبابها لا يكفي لحل المشكلة. يجب أن نتوب ونعود إلى طريق الله لنرى تغييرًا جوهريًا ودائمًا في حياتنا.

 

إن التوبة الصادقة هي شرط أساسي لأي تغيير جوهري، والتي لا تشمل فقط سحق القلب والاعتراف بأخطائنا، ولكن أيضًا تصحيح حياتنا، كما يعلم القديس يوحنا الذهبي الفم. أولئك الذين ما زالوا يفكرون في أنهم سيجمعون ممتلكاتهم، في خضم الأزمة، فليستمعوا إلى الرسول بولس، كيف ينصح تلميذه تيموثاوس: إلى الله الذي يمدنا كل الأغنياء للتمتع. لعمل الخير، والثراء في الأعمال الصالحة، والاستعداد للعطاء، والحفاظ على الحياة الحقيقية".

 

قبل كل شيء، نحن مدعوون جميعًا لنرى حدث مهم في تاريخ البشرية ألا وهو التجسد الإلهي لربنا يسوع المسيح، والذي سنحتفل به عما قريب وكما يقول بولس الرسول: "فإنكم تعرفوا نعمة ربنا يسوع المسيح، أنه من أجلكم افتقر وهو غني، لكي تستغنوا أنتم بفقره" (كورنثوس الثانية 8: 9).

 

يعلمنا مثل اليوم عن الرجل الغني الجاهل، من ناحية، أننا يجب أن نكون محسنين تجاه إخوتنا من البشر، ومن ناحية أخرى، يجب ألا نسمح للجشع أن يبقينا أسرى ومتمسكين بالسلع المادية. وشيء أخر إذا كنا نسعى للحصول على ما نريد، فلن نكون سعداء أبدًا وسيزداد جشعنا، ونتيجة لذلك سنصبح، الآن وفي المستقبل إلى الأبد، رفقاء "الأثرياء الأغبياء".

 

قد ينيرنا ربنا الكلي الرأفة والرحمة لزيادة ثروتنا الروحية ومحاربة أهواءنا، حتى عندما يحين وقت دينونتنا، سنكون مستعدين لدخول ملكوت السموات! "من له أذنان للسمع فليسمع"! آمين.

 

الطروباريات

 

طروباريَّة القيامة باللَّحن الأوَّل

إنَّ الحجرَ لمَّا خُتِمَ من اليهود، وجسدَكَ الطَّاهِرَ حُفِظَ من الجُنْد، قُمْتَ في اليوم الثَّالِثِ أيُّهَا المُخَلِّص، مانِحًا العالمَ الحياة. لذلك، قُوَّاتُ السَّمَاوَات هَتَفُوا إليكَ يا واهِبَ الحياة: المجدُ لقيامَتِكَ أيُّها المسيح، المجدُ لمُلْكِكَ، المجدُ لِتَدْبِيرِكَ يا مُحِبَّ البشرِ وحدَك.

 

طروباريّة دخول السيّدة إلى الهيكل باللحن الرابع

اليومَ العذراءُ التي هي مقدِّمةُ مسرَّة اللهِ وابتداءُ الكرازة بخلاصِ البشر، قد ظهرَتْ في هيكلِ اللهِ علانيةً وسبقَت مبشِّرةً للجميعِ بالمسيح، فلنهتِفْ نحوها بصوتٍ عظيمٍ قائلين: إفرحي يا كمالَ تدبيرِ الخالق.

 

قنداق دخول السيّدة إلى الهيكل باللحن الرابع

إنّ الهيكلَ الكلّيَّ النَّقاوة، هيكلَ المخلّص، البتولَ الخِدْرَ الجزيلَ الثَّمن، والكَنْزَ الطاهرَ لْمجِد الله. اليومَ تَدْخُلُ إلى بيتِ الرَّبِ، وتُدخِلُ معَها النِّعمةَ التي بالرّوحِ الإلهيّ. فَلْتسَبِّحْها ملائكةُ الله، لأنّها هي المِظلةُ السَّماويّة.