موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ١٤ ابريل / نيسان ٢٠١٨

ملحد يتجادل مع مؤمن حول القيامة

بقلم :
الأب منويل بدر - الأردن

المؤمن: لا أخجل من الاعتراف بالقيامة، فبولس يقول: إن اعترفتَ بفمك بالرب يسوع وآمنت بقلبك أنّ الله أقامه من الأموات، خلَصْت. الملحد (يسمع هذا القول فيحتج): ماذا أسمع؟ قيامةُ الأموات؟ أليست هذي خرافة؟ المؤمن: ماذا تسمع؟ هلْ تعتقدْ حقّاً أنّ قيامةَ الموتى خُرافة؟ الملحد: نعم أقوالُكُمْ وأوهامُكُمْ عَنِ القيامةِ هيَ غباوة إذ هذا مستحيلٌ تأكيدُه بعد ألفي سنةٍ يا قرابة المؤمن: ألا تخلّى عنْ أوهامِكَ فالوقتُ لا يسمحُ للغباوة ألا ترى الحياة الجديدة تدبُّ في الطّبيعةِ أمامك أما قال الشاعر جوته: الرَّبيعُ يُزيل الثلوجَ قدامك في الطّبيعةِ تدبُّ حياةٌ جديدةٌ لا يَداً لأيٍّ منّا فيها فالوديانُ تسيلُ صافيةً والورودُ تُزْهِرُ كماضيها الطيورُ تَخرُجُ من أوكارِها همُّها الوحيدُ الغناء تبني عشوشها فَهْيَ لا تعرف إلا الحياة لا الفناء فالقيامةُ حقيقةٌ لا تعرِفُ لا الغباوة ولا الخُرافة؟ فلم قيامةُ مسيحِنا لحياةٍ جديدةٍ لا تزالُ لكَ خُرافة الملحد: أنتَ في وادٍ وحديثُكَ عَنِ القيامةِ هُوَ حديثُ عَرَّافة المؤمن: القيامةُ في الطّبيعةِ هيَ حقيقةٌ لا اعتراضُ منّا عليها فكمْ بالحري قيامةُ مَنْ هو ربُّ الطبيعةِ لا شك فيها الملحد: ها أنتَ عُدْتَ لموَّالكَ السابق، القيامةُ خُرافةٌ وليستْ حقيقة فلا براهينُ معتَمَدةٌ ولا إثباتاتٌ علميّةٌ عنها مذكورة دقيقة فالطبيعةُ تقومُ بقواها وأمّا المسيحُ فقد مات وما قام فقط ذكرُه بقى حيّاً بما نسَبْتُموهُ لهُ مِنْ ظُهورٍ وكلام المؤمن: لكنْ في عيدِنا فنحنُ لا نعني فقطْ قِيامَ الطَّبيعةِ وحدها بل قيامَ يسوع ابنِ الله مِنْ بعدِ ما وصلتْ حياتُه حدّها هو المرسل من الله قد مات على يدِ البشرِ صلبا دُفُنَ في قبرٍ لكنَّهُ في اليومِ الثّالثِ قام مُمَجَّداً ربّا الملحد: أنتمْ لستمْ مِنْ هذا العالمِ فَلِلْعِلْمِ بُرهانٌ لا لإيمانكم العلمُ يطلبُ إثباتاً وبدونِ إثباتٍ لا نقبلُ تحدياتِكم العلمُ بمنظارهِ الحديثِ يتحدّاكُمْ وينفي تكهناتِكم فلا مكانَ لتعليمٍ هُوَ لا يُثْبِتُ نفسَهُ ويُقنِعُ أطفالكم المؤمن: بهذا التعليمِ أنتمْ تُظَلِّلونَ عقلَ الأطفالِ بأقوالكم من منهُمْ لمْ يسمعْ ولمْ يتَعَلَّم المسيحُ حقا قام من الموت أما جِدالُكُمْ مَعْهُمْ بالعلمِ فغامضٌ كمن يتكلَّمُ بلا صوت الملحد: عذرا أَنا سمعتُ أنَّ الإيمانَ بالقيامةِ هو رمزٌ فقط فيسوع عائش بقولِهِ لا بجِسمهِ وما زادَ فَهْوَ شطط المؤمن: كلامك مُظَلِّلٌ لَكنْ هلْ تنسى فحوى تعليمِ التلاميذ هُمْ شهودٌ لذاكَ الحدثِ العظيمِ دَوّنوهُ بأُسلوبٍ لذيذ فقد شاهدوهُ ولمسوهُ وجلسوا مَعَهُ على طاولةِ طعام قاسموهُ الأكلَ والشّربَ الحُلوَ والمُرَّ لا كباقي الأيام الملحد: أنت تنسى أنَّ حديثَهُمْ هُوَ عَنْ رؤيا والرؤيا كالحُلُم لا يُعتَمدُ عليها ولا برهانٌ فيها فكأنَّها تعليمٌ للطُرم هُمْ أشغلوا بالَهُمْ بهذا الحدثِ وأقْنعوا غيرَهُمْ أنَّهُ حقيقة بينما هو تخيُّلٌ فقطْ في العُقولِ فهذي حقيقةٌ غيرُ دقيقة المؤمن: ألا أتركْ برهانَ العِلمِ أمامَ برهانِ الإيمانِ فَهْوَ أقوى واقرأْ عنِ الوحيِ في العهدينِ إذْ فيهما للإلحاد دوى فالتلاميذُ ما أوجدوا القيامةَ بلْ عاشوها يومَ الفصح لذا فالخبرُ السّارُّ كانَ عظيماً لهمْ كأنَّهُ للطَّعامِ الملح والمسيحُ القائمُ من القبرِ باغَتَهُمْ ووقفَ حيّاً أمامهم حيّاهُمْ فافتكروه أوَّلاً وآخِراً خيالاً لا حقيقةً قدامهم أما هو فأثبتَ الحدثَ بالبرهانِ قالَ لهمْ مِنّي لا تخافوا فما رأوا يديهِ ورجليهِ وجنبَهُ حتّى مِنَ الخوفِ تعافوا فمن يسمع ذا الخبرَ لا يَسَعُهُ إلاّ أنْ يتخلَّى عَنِ البهتان ويخرَّ ساجداً أمامَهُ ويصيرَ كتوما تلميذاً قَوِيَّ الإيمان الملحد: أما ليْ فكلُّ براهينِكَ باطلةٌ إذْ لم يَحْدُثْ أَنْ قامَ إنسان مِنْ قَبْرهِ فحتّى حُرّاسُهُ قالوا تلاميذُهُ سرقوا الجُثمان أما قالَ كثيرونَ إنَّهُ لمْ يُصلبْ ولمْ يُقتلْ بلْ شبيهٌ لهُ كان فكُلُّ ما تقولونَ وتكتبونَ وتكرزونَ هُوَ أسطورةُ زمان المؤمن: تُرى ماذا تقولُ عَنْ خبرِ النِّسْوةِ فما شاهَدْنَ هُوَ برهان ولو لمْ يحدُثْ مَعَهُنَّ ما حدثْ لَنَقصَ في عالَمِنا الإيمان كُنَّ ذَهَبْنَ للبكاءِ على قبرِهِ كما العادَةُ لكنَّهُ كانَ خرج والقبرُ كانَ هوةً محفورةً فوقَها حجرٌ كبيرٌ قَدْ تدحرج هَمُّ النِّسوةِ كانَ مَنْ يُدحرجُ لنا َ عن بابِ القَبْرِ الحجر فما لمْ تَقْدِرْهُ النساءُ الثّلاثةُ أتفتكِرُ أنَّ إنساناً مُنْهَكاً قَدِر بعد الضَّرْبِ فالجلدِ وفُقْدانِ الدَّمِ وكَسْرِ اليدينِ والقدمين وضعوهُ في القبرِ بلا روحٍ فكيفَ عادَتْ إليهِ قوّةُ اليدين مِنْ أينَ لهُ القُوَّةُ ليُدحرِجَ الحجرَ والجنودُ كانوا قَدْ تأكدوا مِنْ موتِهِ قبلَ السّماحِ لأهلِهِ وأُمِّهِ بدفنهِ والمَكانَ حرسوا الملحد: لكنْ أنتَ تنسى أنّهُ وَصَلَنا الخبرُ أَنَّ تلاميذَهُ سرقوه وأذاعوا للسّامعينَ قد قامَ وهذا الخبرُ إلزاميٌّ فاقبلوه المؤمن: تفكيركَ لا يُطابِقُ لا العقلَ ولا المَنْطِقَ الصحيح بلْ رصيدُكَ العلمِيُّ بحاجةٍ لتوضيحٍ وتصحيح الملحد: قُلْ لي بالتّاليْ لِمَ تؤمنُ بالقيامةِ وما هِيَ إلاّ خُرافة أقْنِعْني ببرهانٍ لأعودَ إلى الإيمانِ وأَتْرُكَ الفلسفة المؤمن: أنا أؤمِنُ بحقيقةِ القيامةِ إذْ بدونِها لا أساسُ للديانة يسوع حيٌّ مَعْهُ سنحيا فهذا الخبرُ فيْ عُنْقِنا أمانة حياةٌ لا تليها قيامة أكيدة من بعد ما مات ربي وقام ليست جديرة أن تُسمّى حياة إنْ لم يلحقها الإتمام لا أريد أن أنتمي لديانة مؤسّسها يموت ولا يقوم إن قام فهو المخلص وإن لم يقم فذا شَرٌّ للعموم الملحد: أنت على حقٍّ فحياة تنتهي بموتٍ وفناءٍ لا بقيامة ليست من قيمة الله بل حياةً لا عِزَّ لها ولا كرامة