موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٤ مايو / أيار ٢٠١٥

مع مريم نجد المسيح

بقلم :
الأخت برونا عودة - الأردن

تعبوا وهم يبحثون عنه ولكنهما وجدوه في النهاية يعلّم في الهيكل بين علماء الشريعة وفي عرض البحر وبين شباك الصيد، حيث كان التلميذان ينظران نحو الأفق الواسع حيث تكمن الحقيقة الأزلية فتتلاحق الأحلام في مخيلتها لاكتشاف الحقيقة. وبينما يوحنا يعمد، ظهر يسوع قادماً نحوه فأشار إليه يوحنا "هوذا حمل الله"، موجهاً أنظار الجميع إلى العريس، ساعياً إلى التناقص والإختفاء (له أن ينمو ولي أن انقص). "وجدنا المسيح"... لقد ظن التلاميذ أنهم هم من وجدوا المسيح، لكن المسيح وجدنا منذ الأزل، وجدنا حتى قبل أن نفكر في البحث عنه، إنه ينتظرنا منذ زمن بعيد وغايته ومبتغاه أن يقيم فينا. إنه يقرع على بابنا راغباً في الدخول إلى ذواتنا وذلك بمعونة مريم التي هي طريق المسيح إلى الناس وطريق الناس إلى المسيح. مريم تطلب منّا شرط لملاقاة المسيح ابنها، كما فعلت هي وسمعان الشيخ... وهو أن ننتظره ونترقبه لأنه لا يأتي للقائنا إلا بمقدار محبتنا له وانتظارنا للعيش معه وهذا الإنتظار يمر بعقبات وبظلمه، هذا هو أسلوب المسيح الذي اعتاد ألا يقترب منّا دون أن يحرقنا بنزاعه وصليبه. "وجدنا المسيح" برفقة مريم.. المسيح أثمن ما يمكن أن نجد، يكفينا في هذه الحياة أن نكون قد قابلناه، وتحدثنا واستمعنا إليه وبنينا علاقه معه، ووجدنا فيه كفايتنا فما من شيء يعوزنا. لقاؤنا مع المسيح هو لقاء حب، وكل من يمتلىء من هذا الحب يفيض به، على الآخرين ويدعوهم لمشاركته، فتكون نتيجة اللقاء ليست مجرد نظام روحي يتضمن بعض أوقات الصلاة أو التأمل بل حياة كاملة تواقه إلى الإتحاد بالمسيح، برفقة مريم. مع مريم المتألمة تحت أقدام الصليب، نجد المسيح حتى لو تألمنا معه، يكفي أننا معه، فما أتعس لحظات بعدنا عنه وما أحلى لحظات إتحادنا به. فبالمسيح ومع المسيح وفي المسيح كل حياتنا، ففي ديانتنا المسيحية كثير من القيم والمبادىء العميقة ولكن أجمل ما في المسيحية شخص يسوع المسيح، حتى الأبدية بكل أفراحها، لا تعتبر نعيماً بدون المسيح وشفاعة العذراء لأنهما الفرح الحقيقي الكامل. إجعلوا مريم تستحوذ على حياتكم، لا تفقدوا شهيتكم في البحث عنها، فطعمها لذيذ. اتركوا كل ما يتعبكم ويرهقكم لتجدوا مريم، واعطوها فرصه جميلة لإعطاء المسيح مجالاً ليتدخل في حياتكم، ليجرب قوته فيكم ويظهر قوته ومواهبه من خلالكم ومجده في تواضعكم. سلّموا محطات حياتكم للعذراء مريم لتقودكم إلى المسيح ليلتقي فيكم، وتؤمنوا به وتثقوا فيه ليقيم معكم وفيكم.. فابحثوا عنه في كل وقت وفي كل مكان وعمل، في كل حالة، في كل مرة سمعتموه دون أن تصغوا له، أو رفضتموه دون أن تنتبهوا له، في كل مره هربتم من لقائه، حيث لمسه التلاميذ في الإنجيل، في ضميركم، في القريب، في تعاليم الكنيسة، في الأسرار المقدسة، عندها سترددون مع مريم والتلاميذ وجدنا المسيح، وجدنا السلام، وجدنا الحقيقة والسعادة الأبدية، وجدنا المسيح فلنتمسك به ونسعد بلقائه.