موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٩ فبراير / شباط ٢٠٢٤

مصفوفة الشمس والغربال

بشار جرار

بشار جرار

بشار جرار :

 

سرا وعلانية هو حب الصادق، وكذلك عطاؤه وتفانيه إلى حد الفداء، وتلك أعلى مراتب المحبة.

 

حبّا وكرامة هو ديدن الجواد الذي ما كبا يوما، وحرب الكرامة تشهد. وسلام الأردن ورسالته ما ترك مكلوما ألا وأجاره جارا كان أم شقيقا، وبعض الأشقاء توأم الروح.

 

الإنزال الهاشمي الذي قاده سيدنا يعيد تذكير من تنفع معهم الذكرى بأن القاموس الأردني زاخر بمفردات من طراز: في بلادي، أول الجند ملك..

 

الأدب الجمّ في الخطاب السياسي لمملكة تعيش فجر مئويتها الثانية، طالعنا أخبارا استهلت بجملة خبرية مفادها أن «شارك جلالة الملك» وما من قارئ للمشهد الأردني على مدى خمسة أشهر إلا وعرف في قرارة نفسه بأن سيدنا قاد كعسكري وليس كسياسي فقط، ما لم تخاطر به قيادة في التاريخ. آتني بقائد عسكري أعلى من رتبة -ربما نقيب- قام بنفسه بقيادة عملية إنزال جوي في ساحة حرب أرضا وجوا وبحرا.

 

الرئيس الأمريكي جو بايدن حرص في مستهل ترحيبه بسيدنا في البيت الأبيض على الإشارة إلى ذلك. ليس سرا أن الحرس الرئاسي الخاص «سيكريت سيرفيس» يعملون ولا يوصون فقط بإلغاء أي نشاط فيه ذرة مخاطرة بحياة الرئيس أو السيدة الأولى وكذلك الحال بالنسبة لمن هم في منزلة نائب الرئيس.

 

القضية ليست حملة سياسية وإنما التزام ميداني نوعا وكما.. مشاركتان لسيدنا ومشاركتان لقرة عيني الملك والملكة، الأمير الحسين والأميرة سلمى. وتدرّج في تحقيق زخم بلغ ما ملأ السمع والبصر، أضخم إنزال على شواطئ بحر غزة قاد فيه القائد وشارك إخوتنا في مصر والإمارات وفرنسا الصديقة.

 

فضلا عن مكانتها كدولة أطلسية، وعضو قياديّ في الاتحاد الأوروبي والسبع الكبار وإحدى الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، ثمة وقع خاص للإنزال على الشواطئ في زمن الحرب له أثره العميق في وجدان كل فرنسي وكل أمريكي منذ إنزال النورماندي الذي بفضله انتصر الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، وتحررت فرنسا من الاحتلال الألماني النازي المقيت.

 

الحدث ضخم في كل أبعاده، وأمام البعدين الروحي والإنساني كل شيء يتوارى إلى الظل، فالشمس لا تغطّى بغربال.. وللحديث كما يقال بقية، عما سميته مصفوفة الشمس والغربال، غربال الغربان من الناعقين غيظا وراء الشمس الحارة دفئا ولهيبا..

 

(الدستور الأردنية)