موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢١ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٩

مريـم العذراء الحواء الجديدة

بقلم :
المطران كريكور كوسا - مصر

إنّ الخطيئة الملعونة أرخت بظلالها القاتمة على سحر أصلنا النبيل وجماله الإلهيّ ووضعت حاجزاً بيننا وبينا الله خالقنا . ولكن حين وُلِدَت أم الجمال الأسمى مريـم العذراء ، استعادت طبيعتنا نقاءها فوجدت نفسها قد " صُنِعَت على صورة الله ومثاله " (تكوين ? : ?? ). بإبتعادنا عن الله بسبب معصيتنا محبة الله ووصاياه ، فضّلنا جميعًا العالم السفليّ الأرضي الزائل على العالم العلويّ السماويّ الأبدي . ولم يتبقّ لنا أي أمل بالخلاص . فطلبت حالة طبيعتنا البشرية الضعيفة النجدة من السماء ، إلى أن قرّر صانع الكون الإلهيّ ، بإرادته الإلهية الطيّبة، إظهار عالم جديد، عالم آخر، يسوده التناغم والنضارة بإرسال إبنه الوحيد الحواجز التي تعرقل طريق قداستنا وليصالحنا مع ابيه ومع بعضنا. ألم يكن مناسباً أن يختار الله عذراء غاية في النقاء والجمال ، كاملة الطهارة وخالية من الشوائب وأن تكون في خدمة هذا المخطط الإلهيّ الخلاصيّ ؟ أين نجدها هذه العذراء الفائقة القداسة ، والتي لا عيب فيها؟ أنجدها في المرأة الفريدة من بين النساء، التي اختارها خالق الكون قبل كلّ الأجيال ؟ نعم، هذه المرأة هي حواء الجديدة ، هي والدة الله، مريم ذات الاسم الإلهي، التي أعطت أحشاءها الجسد للكلمة ، للإله المتجسّد، وقد حضّرها هو نفسه بطريقة تفوق الطبيعة لتكون هيكله المُقدّس. إنّ مخطّط مُخَلِّص جنسنا عمل ثورةً أثمرت بحدث خلقاً جديداً بولادةٍ رُوحيّة لاستبدال الماضي . وكما أخذ الله المبدع في جنّة عدن من الأرض العذراء الخالية من العيب القليل من التّراب ليصنع آدم الأوّل ( تكوين ? : ? )، كذلك، في لحظة تجسّده الخاص، استخدم أرضًا أُخرى إذا صحّ القول أي بتعبير آخر هذه العذراء النقية بلا دنس، التي اختارها من بين كلّ خلائقه. وبها صنعنا من جديد من جوهرنا نفسه وأصبح آدم الجديد، " كان آدمُ الإنسانُ الأولُ نَفْساً حيَّة ، وكان آدمُ الآخرُ روحاً مُحْيِياً " ( قورنتس الاولى ?? : ?? ) هو الذي خلق آدم، حتّى يُخلّص القديم بالجديد والأبديّ. + المطران كريكور اوغسطينوس كوسا اسقف الاسكندرية للأرمن الكاثوليك