موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٢٤ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٧

قصة لعيد الميلاد للأطفال

بقلم :
الأب منويل بدر - الأردن
مصباح الراعي الصغير

مصباح الراعي الصغير

 

مصباح الراعي الصغير

 

من بعد ما بشر الملائكة الرعاة بخبر ميلاد الطفل "اليوم قد ولد لكم طفل في بيت لحم"، قام الرعاة مسرعين متجهين إلى بيت لحم، كأن كلمات الملائكة قد ركّبت لهم أجنحة. ستجدون طفلا مقمّطا في مذود، كان الملائكة قد قالوا لهم. إذن طفل أفقر من فقير بينهم. ولأنه فقير حملوا له معهم هدايا سريعة، أهمها خروف على أكتافهم تناقلوه في مشوارهم وعصاً خشبية، كما ومعطفا جلديا وقارورة حليب.

 

بين الرعاة كان هناك راعٍ صغير ما كان يملك شيئا، إذ هو جديد بينهم. ماذا كان بوسعه أن يأخذ معه لهذا الطفل؟ إنه لم يجد شيئا به سيفرّح الطفل الذي سيزوره. وبعد تفكير تذكّر أته كطفل كان يحلم ويتمنى أن يكون له مصباح صغير خاص به، فكم كان فرحه لمّا تحقق حلمه، لذا فكان دائما يحمل هذا المصباح بيده أينما ذهب للحاجة. فلا بد أن يكون هذا الطفل أيضا بحاجة إلى مصباح صغير، لكنه شخصيا سيتألم أيضا إن بقي بلا مصباح. فهو يحتاجه كل ليلة في ظلام هذا الوقت الثقيل. وبين الأخذ والرد أقنع نفسه أن يضحي بهذا المصباح الذي رافقه من سنين. لكنه تشجّع وانضم إلى فوج الرعاة الذين ساروا إلى جانبه على ضوء هذا المصباح الصغير. ولما وصلوا المذود وجدوا أن كل ما قال لهم الملائكة عن هذا الطفل كان صحيحا.

 

لكن الغريب أن ضوء الملائكة التي كانت ترفرف فوق الطفل في المذود كان ساطعا جدا حتى أنهم لم يتمكنوا من الإقتراب من مذود الطفل إذ كان النور قد أعماهم، وكادوا لا يستطيعون رؤيته. عندها امتلأ قلب الراعي الصغير حزنا، إذ ضوء مصباحه البسيط لا يقارن مع هذا الضوء المنتشر في المغارة حوله. لكنه شدّ عليه وأخبأه فوق ظهره، إذ فهم أنه هدية غير لائقة لملك الملوك. وقد اعتراه الخجل من نفسه ومن هذا المصباح البسيط، الذي افتكر أنه به سيبسط هذا الطفل في عتمة المغارة، لذا تبلبلت عيونه بدمعة حقيقية. ولدى دخول الرعاة قامت مريم ويوسف واستقبلوهم بحرارة ومدوا لهم يدهم وسلّموا عليهم شاكرين للهدايا. ثم وقفوا جميعهم أمام المذود ليلقوا نظرة على هذا الطفل المقمط الراكد فيه.

 

وأما الراعي الصغير فجثا أمام هذا الطفل الذي أبدى ابتسامة على وجهه حينما رأى مصباح الراعي مضيئا بجانبه، فتململ وكأنه أراد أن يمد يده ليأخذ هذا المصباح البسيط.. وفجأة حدثت أعجوبة بحيث غاب الملائكة وغاب نورهم في المغارة فأصبحت معتمة لولا ضوء مصباح الراعي البسيط الذي راح يُرفرف في أرجاء المغارة كأنه ضوء شعاع قوي طمأن الموجودين، الذين تقرّبوا إلى بعض بحلقة دائرية حول هذا النور الصغير. وتمنى كل واحد منهم أن يبقوا طويلا على هذه الحالة ليشاهدوا وجه الطفل المشع من قريب. لكن أيضا فجأة رفرف الملائكة فوقهم وسطع نورهم أكثر من قبل لأنهم سمعوا خطوات المجوس نازلة إلى زيارة هذا الطفل. فقام الرعاة ورجعوا إلى أغنامهم فريحين.

 

وكل عام وأنتم بألف خير.