رسالة من مسنة إلى الله

في قريتنا االصغيرة كانت امرأة مسنة بسيطة زارت مدرسة ابتدائية لكنها ما كانت نشيطة فلا عجب إن كانت تجدُ يومها طويلا تعيس والحياة فارغة مُرَّةٌ لها كلفتاة بدون عريس لا معيلَ لها ولا رجلَ تعتمد عليه في احتياجها هَمُّها الوحيد هو كيف وبما تملأ كل صباحها قالوا المال ليس كلُّ شيءٍ في الحياة لكنه يريح ويخفف هموما لا تزول حتى صاحبه يستريح أشغلت بالها ساعاتٍ في ذلك االصباح الطويل خرجت بذي النتيجة أنا ما لي إلا اللهَ مِنْ معيل أخذت قرطاسة وقلما وراحت تكتب أفكارها وصفت له حالها كفقيرة فَلِمَ لا تملك إفطارها فشعورا منه ما عليه إلا إرسالَ مئة دولار نقدا حتّى تَسُدَّ حاجاتِ يومِها الثّقيلةَ فذا هو أقل حدا ما لي أيُّ مَطْلَبٌ مُلِحٌّ في ساعة الصباح هذي متلهفة انتظر رضى الخالق وتحقيقه لرغبتي إن لم ينتبه لحاجتي الملحّة فلا يَعْجَبْ إنْ تذمّرت فأَنْ يعيشَ الإنسانُ بِلا مالٍ ولا مَلْبَسٍ هو الموت ختمتِ الرِّسالَةَ بطابَع وَرَمَتْها في صندوقِ البريد وَجَدَهُ الموزع صباحا فاستغرب هل العنوان أكيد المُرْسِل مُسِنَّةٌ تُعاني فُقْراً وجوعاً بين سكان قريتها بينما المُرْسَلُ إليه فهو خالق الكون الغني عنونتها فتحه وقرأه ثم قال أكيدٌ المعنيُّ هو مكتبُ الجمارك إنْ رمَيْتُهُ في صندوقِهِمْ سَتحدُثُ سُؤالاتٌ ومعارك افتكر الموزِّع وقال نهاية المكتوب هو سلة المهمَلاتْ أما قلبه فيقول هذي المسنَّةُ يَجِبُ أن تبقى على الحياةْ صدقوني حتى في مكتب الجمارك موظفون لهم قلب فلا بد سيحنون على هذي المسكينة وهذا هو الدرب قام تجوّل في مكاتب الجمارك العديدة شارحا السبب طالبا حَسْنَةً لِمُسِنَّةٍ لا تُؤمِنُ بِمُساعَدَةِ البشرِ بلا عتب بالتّالي طلَعَ لا بِمِئَةِ دولار كما في الرِّسالَةِ بَلْ بسبعين أرسلها للمسنة فورا على حسابه فعساها فيها تستعين فَرِحَتْ لِلتَّوِّ أَنَّ الله اسْتجابَ طِلْبَتَها بأسْرعِ ما افتكرت بِسُرْعَةِ البَرْقِ رِسالةَ شُكْرٍ له على فَضْلِهِ وحُبِّهِ كتبت لَكِنَّها وَضَعَتْ هذي المَرَّةَ شَرْطاً إنْ فَطِنَ الله مِنْ جديد وأَرْسَلَ لي مَبْلَغاً فلا عَنْ طَريقِ الجُمْرُكِ بَلْ في البريد فَهُمْ سرّاقونَ جَمْرَكوا الْحَسْنَةَ واقْتَطَعُوا مِنْها ثلاثين كَأنَّهُمْ فُقَراءُ مِثْلي أمَا الحَسْنَةُ مُعْفاةٌ ما عَليها قوانين