موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٢٣ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٥

رسالة طفل المغارة للإنسان

بقلم :
الأب سالم لولص - الأردن

طفل المغارة يقف أمام مشهد الميلاد لهذا العام والدمعة على وجنتيه، يقفُ أمام المغارة الحقيقية المتجسدة في خيمة اللاجئين. يقفُ أمام حقيقةٍ عاشها، قد عاشها كإنسان.... عاشها حقيقة عندما رفضه الإنسان وجعله لاجئاً يبحثُ عن مكانٍ ليبيت فيه هو وعائلته، قد مشى تحتَ المطر والبرد إلى أن وجد مغارة.... مغارة للحيوانات. انقلبت الحكاية فابن الله الذي يجبُ أن يولد معززاً مكرماً في بيت الملوك قد ولد في مغارة حيوانات... أجل لقد انقلبت الحكاية إذ غدا الإنسان في الخارج حيواناً مفترساً، وأما الحيوانات الحقيقية في المغارة أصبحت إنساناً لديها قلب يتمتع بالدفء والحنان والأمان قلبٌ ينبض بالمحبة والحياة. هذا ما حصل مع طفل المغارة لقد رُفض مِن قِبل مَن أتى مِن أجلهم. لكنه لم يقف عاجزاً أمام هذا المشهد الرهيب المخزي من الانسان، بل بقي مصرّاً على تغييره من حيوانٍ مفترسٍ إلى حيوانٍ أليفٍ لا بل إلى إنسان... إنسان يتمتع بالحقوق والواجبات والحرية.... إنسان على صورته ومثاله. أريدك إنساناً إنساناً. إذا وعيت لهذه الكلمة سوف تراني إنساناً مثلكَ لستُ مختلفاً عنكَ بشيء فأنا وأنت واحد، أريدك أن تستيقظَ من نومكَ العميق وترى الحقيقة. أرجوك لا تغمض عينك عن الحقيقة؟. لكن وللأسف بقيت عيناه مغمضتين ورفض الإنسانية وجعل من كبريائه وحقده وعجرفته لا بل المال والكرسي الذي يجلس عليه جعلهُ يسحق مِن أمامهُ كل حقيقةٍ للإنسانية. والنتيجة إنك تدمر وتقتل أخاك الإنسان بل اسمح لي بأن أخبرك بأنك تقتل نفسك أجل تقتل نفسك أيها الغبيّ..... لا بل تدمر الكون بأسره، فأنت لم تعد تحترم البيئة وكلّ ما هو على هذه الأرض. فيا أيها الإنسان الذي لم يعد إنساناً، لماذا كل هذا ؟ لقد اشتقت بأن أناديك إنساناً.. أدعوك لي متى سوف يحين الوقت؟ قل لي أيها الإنسان متى سيحينُ الوقت؟ أريدك إنساناً مليئاً بالتواضع: التواضع الذي جئت به إليك جئتُ لأخلعَ من قلبكَ ثمرةَ الحقد والكبرياء والدّمار وأزرع مكانها التّواضع. أريدك إنساناً قوياً: قوياً أمام الحقيقة قوياً أمام الصعوبات والسّقطات والعثراث، أريدك قويا.. عيناكَ ترنو دوماً إلى العلا لتقومَ من جديد وتعلن الحقيقة لأنك لا تخاف من نشرها إلى الإنسانية جمعاء. أريدك محباً: لنفسك وللآخرين لأنك عندما تفعل ذلك فأنت تحبني. فتذكر أيها الانسان أنني أحببتك إلى أقصى درجات الحبّ أصبحتُ إنساناً لا بل صُلبتُ مكانكَ ومُتُ من أجلكَ لأُخلصكَ وأفديك وأمنحك السّلام لأمنحك الانسانية. في النهاية أريدك طفلاً: طفلاً يتحلى بالبساطة والبراءة... طفلاً يتمتع بالابتسامة والفرح طفلاً يتمتع بالإنسانية. وأخيراً يا أيها الإنسان أُريدك أن تتكلَ عليَ وتثق بي أريدك أنْ تُسلم مركبة حياتك بين يدي، أريدك أنْ تضع قلبك بقلبي إنسانيتك بإنسانيتي وستجد نفسك أسعد إنسانٍ على الأرض تنادي بالإنسانية الحقيقية ستصبح طفلاً صغيراً نائماً في المهد طفل بيت لحم. بل ستذوق طعمَ الحياة والفرح والسّلام والرحمة والمحبة. أيها الإنسان تلك رسالتي لك لعام 2015.