موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٥ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٠

حملة أميركية مُركزة على «البابا الشيوعي»

محمد خروب

محمد خروب

محمد خروب :

 

 

يتعرّض بابا الفاتيكان فرنسيس الإصلاحي، المُتواضِع والمنحاز للفقراء وثقافة الحوار والسلام والعدالة، لحملة إعلامية مُركّزة تتجاوز مصطلحاتها وأهدافها حدود اللياقات الدبلوماسية والأخلاقية، لتعكس مدى العدوانية والتهافت التي بات عليها خطاب ادارة ترمب. خطاب لامَس الهستيريا إثر مواصلة استطلاعات الرأي التأشير على ارتفاع حظوظ منافسه بايدن، بعد المُناظرة الأولى بينهما، وظهور ترمب كمُهرّج وسوقي يرفض إلتزام قواعد اللعبة الديمقراطية.

 

ما علينا..

 

رفض البابا فرنسيس استقبال بومبيو، أسوأ وزير خارجية عَرفته واشنطن كأحد أكثر المُتطرفين الإنجيليين... إستعلائية وعُنصرية وتزمّتًا دينيًا وسعيًا لإخضاع العالم الى رؤية معسكره المحافظة جداً, والذي يضم بالمناسبة «كاثوليكًا» مُتطرفين، يصفون البابا بأنه «شيوعي». لماذا؟.. لأنه –في رأيهم– يتناول كثيراً التفاوُت الإجتماعي والمُهاجرين والمُهمّشين، على حساب العقيدة التقليدية حول العائلة والأخلاقيات الجنسية.

 

هذا جانب، وثمة ما هو أكثر «أهمية» في نظر معسكر ترمب/بومبيو، وهو الرغبة بـ«توظيف» الفاتيكان في حملة ترمب الإنتخابية، الأمر الذي رفضه الحبر الأعظم في هذا التوقيت وليس لسبب آخر، عندها جُنّ جنون بومبيو فذهب بعيداً في المسّ بالبابا والفاتيكان والغمز من قناتهما، بزعم أنهما لا يقفان الى جانب رعاياهما «الكاثوليك» في الصين، ما جعله يتجاوز حدود اللياقات الدبلوماسية عندما قال (بومبيو): نتمنى ان تتحلّى الكنيسة وكل الذين يُؤكدون، أننا مسؤولون أمام الرب في النهاية... بـ«الجرأة» الكافية في زمننا هذا». ولم يتورّع عن مُقارنة البابا الحالي بالبابا الأَحب الى أميركا، والذي انخرط في مشاريعها السياسية ضد الإتحاد السوفياتي والمعسكر الإشتراكي، وِفق ما كشف مسؤولون أميركيون سياسيون ورجال استخبارات، عن الدور الذي لعِبه البابا «يوحنا بولس الثاني»، في تقويض الإتحاد السوفياتي والكتلة الإشتراكية، عبر تحريض واحتضان المُنشقّين الذين رعتهم ومَوّلتهم المخابرات الأميركية والغربية. وقال بومبيو: «ما مِن بلد مثل الصين تُهاجَم فيه حرية المُعتقد», مُستشهدًا مرّات عدة بـ «إلتزام» البابا «يوحنا بولس الثاني» في الثمانينات ضد الكتلة السوفياتية، باسم ما كان يَصفه البابا البولندي بأنه بأنه «خَطر على الحُرية».

 

سِّر ذلك كُلّه.... هو توقيع البابا فرنسيس في أيلول 2018 اتفاقًا تاريخيًا مُؤقتًا مع الصين، أراد الفاتيكان مِن ورائه توحيد الكنيسة الصينية المُنقسِمة بين رسمية وسِريّة، ما منح البابا الكلمة الفصل في تعيين أساقفة صينيين، رأت واشنطن فيه خروجًا «غير مقبول» من الفاتيكان، ما انعكس توتّراً في علاقاتهما.

 

وإذ حمل الإتفاق صفقة المُؤقّت، فقد رأت واشنطن فرصة (الشهر الماضي) للضغط على البابا بعدم تجديده، بعد بروز رغبة الفاتيكان تجديده لسنتين قادمتين، ما دفع بومبيو لشنّ حملته القاسية على الفاتيكان قائلاً: أدعو كل القادة الروحيين الى التحلّي بالشجاعة، لمواجهة الإضطهاد الديني لـِ«جَماعتِهم»، مُتهما بيجين بقمع الأقليات «الكاثوليكية والإيغور المُسلمة».

 

يُدرك اتباع الكنيسة الكاثوليكية أن البابا فرنسيس ليس «شيوعيًا» بل رجلاً مُصلحًا وشجاعًا، لكن ادارة ترمب مَعنيّة بتأكيد تطرفها وعدوانيتها، وعدم تورّعها إتهام كل مَن يُعارِض سياساتها أو يُبدي استقلالاً، بأنه «شيوعي وإرهابي» مُلوِّحة بالعقوبات والحصار والنبذ.

 

(الرأي الأردنية)