موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٦ يونيو / حزيران ٢٠١٦

حضور المسيحيين أثناء حُكم مبارك لمصر

بقلم :
عماد توماس - مصر

بعد اغتيال الرئيس أنور السادات، في ذكرى نصر اكتوبر في 6 اكتوبر 1981م تولى الرئيس حسني مبارك رئاسة مصر في 14 أكتوبر 1981، بعد ترشيح أعضاء مجلس الشعب له واستفتاء الشعب عليه، وأعيد الاستفتاء على رئاسته للجمهورية لفترات رئاسية جديدة في أعوام 1987 و1993 و1999، وفي عام 2005 تم انتخابه لفترة رئاسة جديدة. دماء فى رقبة مبارك يعتبر سليمان شفيق، الكاتب الصحفي والباحث في الملف القبطي، عصر مبارك هو أسوأ العهود التى عاشها المسيحيين، محملاً مبارك مسؤولية انتشار الفتنة الطائفية، وتعاظم قوة الإخوان الاقتصادية والسياسية، والاجتماعية، ويرصد شفيق حوادث لقتل المسيحيين وهدم كنائسهم على هويتهم الدينية كمسيحيين. ففي الفترة من 1981 وحتى إسقاط مبارك في 2011 ، يضع شفيق في رقبة مبارك بالأسماء والأماكن والتواريخ : دماء 157 قتيلاً مسيحياً، 811 جريحاً، استحلال أموال وممتلكات 1384 مسيحياً تم نهب ممتلكاتهم أو إتلافها وحرقها في 324 حادثة، والاعتداء أو حرق أو هدم 103 كنائس. وأبرز هذه الحوادث: مذبحة منشية ناصر بأسيوط في عام 1992: أودت بحياة 13 قتيلاً. ومذبحة أمام دير المحرق بالقوصية عام 1993 (6 قتلى) ومذبحة عزبة البداري بأسيوط (10 قتلى)، مذبحة كنيسة العذراء بأبو قرقاص بالمنيا عام 1997 (10 قتلى)، مذبحة كوم الزهير بأبو قرقاص عام 1997 (2 قتلى)، مذبحتي الكشح عامي 1999 و2000 (13 قتيلاً)، مذبحة العمرانية بالجيزة عام 2009 (3 قتلى)، مذبحة نجع حمادي بقنا عام 2010 (6 قتلى)، وأخيراً مذبحة كنيسة القديسين بالإسكندرية عام 2011( 27 قتيلاً). وفي كافة هذه الحوادث لم يتم عقاب الجناة إلا في حادث جريمة نجع حمادي بإعدام الكموني. التمييز الديني في عهد مبارك عانى المسيحيون في عهد مبارك من التمييز الديني في عدة مجالات، ففي التعليم عانوا من عدم المساواة وتكافؤ الفرص في التعيين، فلا يوجد أى مسيحي رئيساً لجامعة ولا عميداً لكلية ولا طبيب مسيحي بهيئة أعضاء التدريس بقسم النساء والتوليد بالجامعات المصرية منذ الثمانيات، ولا يوجد قسم للدراسات القبطية في أي جامعة مصرية (في شهر نوفمبر 2011 أنشئ معهد البحوث والدراسات القبطية بكلية أداب جامعة الإسكندرية). وعانى المسيحيون من عدم تكافؤ فرص التعيين والترقي فى الوظائف الحكومية، فلا يوجد محافظ مسيحياً، وعانوا من ضعف حضورهم المتعمد في كليات الشرطة والكليات العسكرية، حتى أن المجلس العسكري لا يوجد به مسيحياً واحداً ولا يوجد مدير أمن في أي محافظة مسيحياً. الحل الأمني لا السياسي لجأ الرئيس مبارك خلال سنوات حكمه، في التعامل مع المسألة القبطية إلى الحلول الأمنية لا السياسية، رغم أنه بدأ فترة حكمه بالإفراج عن البابا شنودة الثالث بعد إبعاد السادات له في الدير، وإعادة تعينه مرة أخرى، وقام بتعيين عدد كبير من المسيحيين في مجلس الشعب ضمن العشرة المعينين. كان الرئيس مبارك في أغلب الأوقات محايداً وسلبياً تجاه قضايا المسيحيين، فلم يخرج قانون بناء الكنائس إلى النور في عهده، وظل حبيس الادراج، وكان تصريح بناء كنيسة يستغرق سنوات عديدة، ووقف صامتاً أمام المشاكل الطائفية التي نالت من تماسك الوطن دون عقاب مرتكبيها. نشاط اقتصادى بارز برز المسيحيون في النشاط الاقتصادي وأكثرهم من رجال الاعمال، حتى أن مجلة فوربس الاقتصادية الأمريكية التي تعني بالثروة والأثرياء في العالم وضعت عائلة ساويرس في قائمة اغنى اغنياء العالم في مجال المقاولات والاتصالات. وفي صناعة الدواء، سيطر رجال الأعمال والأطباء على صناعة الدواء في مصر مثل الراحل الدكتور مكرم مهنى والدكتور ثروت باسيلي. بالإضافة إلى الإستشارات الهندسية مثل: عائلات باخوم وصناعة السيارات مثل عائلات غبور، وعائلة غالي فى الاستثمارات السياحية، وعائلة عدلي أيوب، في صناعة الإلكترونيات، وعائلة بشاي في قطاع الحديد والصلب وغيرهم. الدولة والكنيسة اختزل مبارك التعامل مع المسيحيين في شخص البابا، وارتضى البابا شنودة الثالث ان يقوم بهذا الدور فهو الممثل لشعب الكنيسة والمتحدث باسمهم والداعم الدائم للدولة، وازداد الدور السياسي للكنيسة، فهي التي ترشح أسماء الأقباط المعينين في مجلس الشعب، وهي التي تعبر عن مشاكل المسيحيون وتطالب بحقوقهم، وكان من السهل على الدولة أن تتعامل مع الكنيسة من خلال شخص الرئيس وشخص البابا، وتتغاضى عن الرقابة على أموال الكنيسة مقابل دعم الكنيسة للدولة ورفض تظاهر أقباط المهجر ضد النظام أثناء رحلات مبارك للخارج!. خرج البابا وقت ثورة 25 يناير يرفض خروج المسيحيين للتظاهر وداعهم للاعتكاف في منازلهم وظل البابا مدافعاً عن مبارك قبل تنحيه عن السلطة. إلا أن المسيحيين كسروا حاجز الخوف وخرجو خارج أسوار الكنيسة واعتصموا في ميدان التحرير كمواطنين مصريين ينشدون العدالة الغائبة والحرية الضائعة. عزلة الأقباط احتكر البابا الحديث باسم الأقباط في عهد مبارك، فزاد الأقباط من عزلتهم داخل الكنائس، وساعدت الكنيسة في ذلك، في ظل التمييز الديني ضد المسيحيون، فنظمت الكنيسة دوري الكنائس، واقامت العديد من الانشطة الاجتماعية الاحتكارية التي ساهمت في عزلة المسيحيين، واعتزل الطلاب المسيحيون في "ركن السى اتش" في الكليات، وظهرت منتجات الأديرة تُباع فى الكنائس. الكنيسة الانجيلية برزت الكنيسة الانجيلية في عصر مبارك، من خلال المدارس الانجيلية والمستشفيات، وقام الدكتور القس صموئيل حبيب، الرئيس الأسبق للطائفة الانجيلية والهيئة الانجيلية، بدور بارز في مشاريع التنمية سيما في مشاريع محو الأمية، ودعم المزارعين والفلاحين، وبرامج البيئة والاسكان، والصحة الانجابية للمراة...الخ. كما زاد الحضور الإنجيلي في مصر ، وتعددت كليات اللاهوت الانجيلية من معظم المذاهب الانجيلية وزاد عدد الكنائس الانجيلية. الكنيسة الكاثوليكية برزت الكنيسة الكاثوليكية في العديد من الانشطة الاجتماعية مثل: دار المغتربات، الملاجئ، رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، القوافل الطبية، تمكين المراة..) وساهمت في العديد من الخدمات الاجتماعية والجمعيات الخيرية مثل جمعية الصعيد للتربية والتنمية، جمعية “السنابل”، اللجنة المصرية للعدالة والسلام، كاريتاس، هيئة الإغاثة الكاثوليكية، جمعية القديس منصور، دار “العناية” لحماية الأم والطفل، دار سيدة السلام لخدمة المعوقين ذهنياً، بيت السامري الصالح. وساهمت بجهد كبير في التعليم من خلال مدارسها المتنوعة (العائلة المقدسة، القديس يوسف، الراعي الصالح، نوتردام، الفرنسسيكان...)، والتي تتميز بجودة التعليم وتفوق طلابها وقبول الطلاب المسيحيين والمسلمين دون تمييز. بالإضافة إلى اسهام الكنيسة الكاثوليكية في تقديم الرعاية الصحية لجميع المواطنين بأسعار مخفضة وخدمة متميزة فى المستشفيات والمستوصفات الطبية مثل (سانت تريز وغيرها). ايضا خدمة الملاجئ ورعاية الايتام مثل: (لليان تراشر، فوللر...). نهاية عصر مبارك مع حلول يوم الجمعة 11 فبراير 2011، أعلن الرئيس مبارك، تخليه عن رئاسة الجمهورية بعد اعتصام المتظاهرين في ميادين التحرير في معظم محافظات مصر، وشارك المسيحيون بقوة مع شركائهم في الوطن من المسلمين في التظاهر ضد نظام مستبد، ورغم رفض الكنيسة الارثوذكسية التظاهرات الا ان الشباب المسيحي خرج الى الميادين ينادي بالحرية والعدالة الاجتماعية، واعلنت الكنيسة الانجيلية في بيان رسمى صادر عنها قبل تنحي مبارك بدعم وتأييد التظاهرات ضد النظام. وانتهى عصر مبارك بتخليه عن السلطة وبدأت فترة حكم المجلس العسكري. فهل استمرت معاناة المسيحيين أم تبدلت أوضاعهم؟. هذا ما سنعرفه في المقال القادم باذن الله. مصادر الهيئة العامة للاستعلامات موقع الكنيسة الكاثوليكية في مصر emadtomas@hotmail.com