موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٨ مارس / آذار ٢٠٢٠

بماذا يجرّب الإنسان؟

بقلم :
الأخت كلارا معشر - الأردن
لتكن كلمة الرب سلاحنا في هذا الزمن المقدس

لتكن كلمة الرب سلاحنا في هذا الزمن المقدس

 

قبل الإجابة عن هذا السُّؤال، دعونا نفكّر في ماهية التّجربة.

 

التّجربة هي عرضٌ فكريٌّ مغرٍ يقرع باب النّفس البشريّة ليُلبّي عندها حاجة أو رغبة.

 

وهذا العرض يتناول ثلاثة جوانب أوّلها: الماديّة (شهوة الجسد). وفِي هذا الجانب تحتلُّ الماديّات المرتبة الأولى، إذ ينغمس الإنسان في عالم المادة وينشغل في محاولة تلبية حاجات الجسد على حساب حاجات الرّوح. وهذا ما ظهر جليًّا في حديث المُجرِّب مع الرَّبِّ يسوع بعد أن صام أربعين يومًا وأربعين ليلة وشعر بالجوع دَنا منه المجرِّب وعرض عليه أن يحوّل الحجارة إلى خبز ليسدَّ جوعه.

 

واللافت للإنتباه أنّ هذه التّجربة حدثت في البريّة حيث لا يوجد خبز، مما يؤكد أن المجرِّب يرتّب المشهد قبل أن يبدأ بعرض تجربته.أما الجواب عن هذه التّجربة فهو أن نتذكّر بأنّنا كائنات روحانيّة تعيش في عالم ماديّ وليس العكس. وحياتنا لا تأتي من اشباع حاجاتنا الجسديّة فقط، بل من اتّحادنا بالله مصدر حياتنا وحركتنا ووجودنا.

 

والسّؤال : إلى أيِّ شيءٍ أنا جائع؟

 

الجانب الثّاني هو التّشكيك بكلمة الله. سار الشّيطان بيسوع إلى مكان مقدّس؛ إلى جناح الهيكل في المدينة المقدّسة، وطلب منه أن يُلقي بنفسه إلى الأسفل. نعم هذه هي رغبة الشّيطان الحقيقيّة أن يكون الإنسان في الأسفل، لذلك يعرض عليه أمورًا تختلف في معانيها وجوهرها عن حقيقة ما يريده الله منّا، فيصبح الإنسان عبدًا للشّهرة وطلب المجد والجري وراء السّلطة وحبّ الظّهور وتصدّر عناوين الصّحف، ويرفض بشدّة كلّ عمل خير صامت وغير مُعلن عنه.

 

والسّؤال ما الّذي أبحث عنه ولماذا؟

 

أمّا الجانب الثّالث والأخير فهو الرّغبة في المطلق (شهوة تملّك كلِّ شيء). وأخذ المجرِّب يسوع إلى جبل عالٍ وقال له: "أعطيك هذا كلّه، إن سجدتَ لي". يعرف المجرِّب جشع الإنسان ورغبته في الحصول على كلّ شيء، وهذه هي الخطيئة الأولى الّتي أوقعت أبوينا الأوّلين، أرادا أن يكونا آلهة يعرفان كلّ شيء ويملكان كلّ شيء. أمّا جواب يسوع فهو: "للرّبِّ إلهك تسجد وإياه وحده تعبد".

 

وأنا بماذا أرغب؟ ما هي الأشياء الّتي أريد أن أمتلكها؟

 

التّجربة بحدّ ذاتها ليست خطيئة ولكنّ قبولها والإصغاء لها ومحاورتها والتّجاوب معها هو ما يقود للسّقوط. فيسوع لم يدخل بنفسه للتّجربة وذلك حتّى يُعلّمنا ألّا نُلقي أنفسنا في التّجارب؛ ولكن إن سمح الله بها، فإنّنا نُجاهد بمعونته فننتصر عليها.

 

لتكن كلمة الرَّبِّ سلاحنا في هذا الزّمن المقدّس لنستطيع أن نتغلّب على التّجارب بجوانبها الثّلاثة، ونهتف مع القديس بولس: "من يفصلني عن محبة المسيح؟".

 

أحدًا مُباركًا أتمناه لكم أحبّتي