موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٢٥ مايو / أيار ٢٠١٨

بتولية العذراء

بقلم :
الأب منويل بدر - الأردن

العجائبُ كثيرةٌ لَكِنْ مِنها كاذِبَةٌ ومِنها صادقة للِتّمييزِ بينَها لنا مَرجِعِيَّةٌ مُهِمَّةٌ نَعْتَقِدُ أَنَّها لائقة هِيَ التّوراةُ وليسَ الخُرافاتُ والأقوالُ الفارغة إنْ لَقينا لها ذِكْراً فيْ هذا الكِتابِ فهي لنا بالغة اختلفتِ الآراءُ حولَ الإيمانِ بِبَتوليَّةِ مريم فَهْيَ لا شبيهُ ولا مثيلُ لها بَيْنَ نِساءِ الأمم الإيمانُ قالَ يسوعُ مولودٌ مِنْ امْرأَةٍ بتول أمّا العالَمُ فقالَ حَدَثٌ مُسْتحيلٌ ولا معقول فمَنْ يُؤمِنُ بذا مُخْطئٌ إذْ كُلُّ ابْنٍ له أب ومَنْ يعترِفُ بِخُرافَةٍ يُنْكِرُ مَا هُوَ الرب ما نَسْمَعُهُ ونقرأُهُ مِنْ مقالاتٍ وجِدالٍ أيّامَ العيد يَدُلُّ على سخافَةِ كاتِبِها فكأنَّهُ عَنِ الحقيقةِ بعيد يومَ عيدِ ميلادِ الطِّفْلِ كَتَبَ أَحَدُهُمْ أنَّ قِصَّةَ الميلاد لا عِلاقَةَ لها بِمَنْطِقٍ سليمٍ بَلْ بخُرافةٍ هِيَ للأولاد يا مَعْشَرَ النّصارى قال كَيفَ تُؤمنونَ بالعُذْرِيّة وَمَنْ أَفضى لنا بِسِرِّها الغامِضِ لِنَقْبَلْها بحريّة هذي عقيدَةٌ تُبْعِدُ عَنِ الدِّينِ بَلْ هي تَجْعَلُهُ مَهْزلة فللطَّبيعةِ قانونٌ واضِحٌ وكأنَّ الدِّينَ لا قانونَ له نقولُ الإيمانُ لا يَفْرِضُ الفَهْمَ بَلِ القُبولَ بالحقيقة جاءَ ذِكْرُها في الكتابِ فذاَ وَحْيٌ وتفاصيلُهُ دقيقة وكُلُّ حقيقةٍ جاءَ ذِكْرُها في الكِتابِ يُطْلَبُ الإيمانُ بها فهي مَدعومةٌ إما من قولٍ أوْ وحيٍ صادقٍ مِنْ ربها المُعادونَ قالوا لَوْ أنَّها وَحْيٌ لَذَكَرَتْها الأربعةُ أناجيل فَلَمْ يَذْكُرْها الاّ إنجيليّانِ وأما بولسُ فَصامِتٌ كما قيل غيرُهُمْ قالوا الأَوائِلُ آمنوا بِها فَقَطْ لِرَفْعِ مَقامِ يسوع وما بُتولِيَّةُ أُمِّهِ إلاّ أُسْطورة ٌوخُرافةٌ لا حقٌّ مشروع ولِلآْسَفِ هُناكَ ما زالَ مَنْ يرى فيْ أُعجوبَةِ الميلاد شَعْوَذَةً لا ارتباطُ لها بتدخُّلٍ نادِرٍ مِنَ الله ربِّ العباد فالسُّؤالُ الآنَ هَلِ الإيمانُ بذي العقيدَةِ للعقلِ مقبول فَهْوَ لا يُطابِقُ قانونَا معروفا كما ولا للتَّفكيرِ معقول متَّى يقولُ مريمُ كانَتْ تَنْتَظِرُ مولوداً مِنَ الرُّوحِ القدس حتّى قَبْلَ الزّواجِ ويُخبِرْنا عَنْ ذا الحَبَلِ الّذي لهُ أُسُس نَقْلاً عَنْ أشعيا الّذي قالَ ها العذراءُ تَحْبَلُ وتَلِدُ طفلا اسمُهُ يكونُ عمّانوئيلْ أيْ الله مَعْنا وَهْوَ مُخَلِّصُ الملا وها لوقا يَنْقُلُ لنا أخباراً غيرَ مُزيَّفةٍ عن هذي الأعجوبة جِبريلُ مَلاكٌ مِنَ السَّماءِ قالَ مريمُ هِيَ ابنةُ الله المحبوبة لذا فَهْوَ يُنزِلُ روحَهُ فيها لِتُصْبِحَ أُمّاً بتولا إنْ هي قبلت وبعدَ سُؤالٍ وجوابٍ أَقْنَعَهَا بِكَلامِهِ وللتَوِّ بابنِ الله حبلت بِهذا قَبِلَتْ بالمَلامَةِ على نفسِها وعلى يوسفَ وأهلِها فاحتاروا بِأَمْرِها إلى أّنْ طَمْأَنَهُمُ الملاكُ دونَ علمِها فعندما يُريدُ الله تَوصِيلَ خَبَرٍ هامٍّ للبشَرِ يَخْتارُ أنبياء يَنْشُرونَ الخَبَرَ شَرقاً وغرباً للشُّعوبِ على حدٍّ سواء فإنْ وَجَدْنا لهُ ذُكِرَىً مَرّةً واحِدَةً لا ثانيْ لها لا مانع اعتبارَهُ صحيحاً وقبولَهُ مُلْزِمٌ فَهْوَ مِنَ الله ولنا نافع ليسَ لنا أَنْ نُعيِّنَ كَمْ مَرَّةً على الله أَنْ يأتِيْ بالتعليم إذْ كلامُ الله هُوَ أساس التَّوراةِ وفيْ كُلِّ نِقاطِهِ سليم كفى أنْ نَجِدَ تَلْميحاً في الكِتابِ عَنْ حقيقةٍ لِنُؤمِنَ بها كانَ أَوْصَلَها الأنبِياءُ وتَحْمِلُ للنّاسِ رسالةً في قلبها قالَتْ يسوعُ المُخلِّصُ سَيَلِدُ مِنْ بَتولٍ مِنْ نسلِ داؤود فأيُّ اعتِراضٍ وأيُّ خطإٍ في نُبُوَّةٍ وقتُها غيرُ محدود إنْ شَكَكْنا فِيها أَوْ رَفَضْناها أبْطَلْنا قُوَّةَ الله في التوراة وما عُدْنا مُلزَمِينَ للإيمانِ بِتعاليمَ لا تَشْرَحُ لنا محتواه فَنَجْعَلَ مِنْ يسوعَ شَخْصاً تاريخِيّاً بِنَفْسِهِ لا بِنا اهتم لا إِلَهاً فِيْ طبيعَةِ إنسانٍ أَحَبَّنا وحياتَهُ بالموتِ ختم وننسى لولاهُ لما عَرَفْنا مِنْ أَينَ أتينا وأينَ نعود وما فَهِمْنا مَعْنى الوُجودِ إذْ فيهِ كلُّ شيءٍ محدود ميلادُ يسوعَ هو فِي الطَّبيعتَيْنِ البشريَّةِ والإلهية بُرهانٌ أنَّ الله قَرَّرَ خلاَصَنا بالإلهيةِ والإنسانية فلولا عقيدةُ الحبلِ بها بلا دَنَسٍ اخْتِلافاً عَنْ حوّاء لكانَ ابنُها عَبْداً للشيطان وما َوَجَدَ للخلاصِ دواء فَلْنَجْثو أمامَ مريمَ وابنِها فَهْيَ البتولُ وَهْوَ ابنها لِنُعْلِنَ إيمانَنا بالخلاصِ الّذي جاءَنا مِنهُ ومنها هيَ المُختارةُ مِنْ بينِ نِساءِ العالَمينَ بَقَتْ بتولا سِرٌّ لا نَفْهَمُهُ أَمّا للإيمانِ فَعِندَ الله ليسَ مستحيلا (تمّ نظم هذه القصيدة يوم الإثنين 21/05/2018 وأذيعت لأول مرة من راديو مريم يوم الخميس 24/05/2018)