موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢٤ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٠

الوصيّة الكبرى

بقلم :
الأخت كلارا معشر - الأردن
الأخت كلارا معشر، راهبة وردية

الأخت كلارا معشر، راهبة وردية

 

"يا معلّم، ما هي الوصيّة الكبرى في الشّريعة؟" سؤال وجّهه أحد الفريسيين إلى يسوع ليُحرجه. أمّا جواب يسوع الّذي اختصر من خلاله تعاليم كتابيّة عمرها 5000 سنة تقريبًا فكان: "أحبب الرَّبَّ إلهك بكلِّ قلبك وكلِّ نفسك وكلِّ ذهنك، والثّانية مثلها: أحبب قريبك حبَّك لنفسك".

 

لماذا اختار الرَّبُّ يسوع المحبة ليجعلها أولى الوصايا وقاعدتها؟

 

لأنّ الله محبة، وخلق الإنسان على صورته كمثاله، لذلك الإنسان هو انعكاس لمحبة الله.

 

هذا الكون الّذي هو فيض من محبة الله، لا ينمو ولا يُشفى إلّا إذا امتلأ من نبع المحبة الّذي هو الله.

 

المحبة لله تُدخلنا في علاقة شخصيّة معه، لذلك قال الرَّبُّ يسوع: "أحبب الرَّبَّ إلهك.." ولم يقل إلهنا، أو إلهكم، والهدف هو عندما نحبّ الرّبّ بكلّ كياننا فإننا نبني علاقة شخصيّة معه، نجدّدها بالصّلاة اليوميّة، وعندما نحبّه نضعه على رأس أولوياتنا، وتلقائيًّا نتجنّب كلّ ما يغضبه بالقول أو بالفعل. فلا داعي بعد ذلك لوجود العديد من الوصايا والأحكام والقوانين لأنّ الله عندما يتربّع على عرش القلب، ويملك عليه، لا يعود للكلمات معنى، فالكلمة تصمت عند لقاء الحبيب والمحبوب، وكلٌّ منّا بالنّسبة لله هو المحبوب.

 

أمّا محبة القريب كمحبة النّفس، فهي تفترض أن يحبَّ الإنسان نفسه كي يستطيع أن يحبّ قريبه، ومحبة النّفس ليس المقصود بها الأنانيّة، وأن يعتبر الإنسان نفسه محور الكون ومركز الاهتمام،بل المحبة الصّحيّة الّتي تقوم على التّصالح مع الذّات والوحدة والانسجام بين العقل والقلب والإرادة. والمطلوب كما قال يسوع أن لا نحبّ قريبنا أكثر من محبتنا لأنفسنا أو أقل، بل حبّنا لأنفسنا.

 

المحبة أقوى من الحقد والكراهية والموت، لنجعلها تسود على قلوبنا وتوجّه حياتنا وسلوكنا.

 

أحدًا مُباركًا أتمناه لكم أحبّتي