موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ١٤ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٩

المغفرة فضيلة

بقلم :
المطران كريكور كوسا - مصر

"إذا خطِئَ إليكَ أخوكَ فوَبِّخْهُ، وإن تاب فاغفِرْ لَهُ. وإذا خَطِئَ إليكَ سبعَ مَرّاتٍ في اليوم، ورجعَ إليكَ سبعَ مرَّاتٍ فقال: أنا تأئِب، فاغفرْ لَهُ" (لوقا ??: ?-?). "سُبُلُ الرَّبِّ جَميعُها رَحمَةٌ وحَقٌّ لِمَن يَحفَظونَ عَهدَه ووَصاياه" (مزمور ??[?? ]: ??). ما ذكره المزمور عن الرحمة والحقّ هما في غاية الأهمية في المغفرة والمسامحة. لقد تكلّم عن الرحمة، والرحمّة محبّة، و"المحبّة تصبِر.. ولا تفرح بالظُّلْم، بل تفرح بِالْحَقِّ.. وتتحمَّلَ كُلَّ شيء" (قورنتس الأولى ??: ?-?). الله لا ينظر إلى استحقاقاتنا، بل إلى طيبة نياتنا وحُسن أخلاقنا وتصرفاتنا، لكي يغفر لنا خطايانا ويعدنا بالسعادة في الحياة الأبديّة. تكلّم هذا المزمور أيضًا عن الحقّ، لأنّ الله يفي دائمًا بوعوده الصادقة. فلنعترف إذًا بالله ولنأخذهُ مثالاً إلهيًّا متشبيهين به وبأعمالهِ، هو الذي أظهر لنا رحمته وحقّه. لننجز مثله، في هذا العالم، أعمال مفعمة بالرحمة والحقّ والصفح والمغفرة. لنكن مخلصين وطيّبين تجاه الخطأة والمرضى والضعفاء والفقراء وحتّى تجاه أعدائنا، "فإنِّي ما جِئتُ لأَدْعُوَ الأبرار بل الخاطِئين" ( متى ?: ??). فلنَعشْ بالحقّ محاولين تفادي أعمال الشر قدر المُستطاع. دعونا لا نُضاعف أخطاءنا ومن ثُمَّ نطلب المغفرة من الله، لأنّ من يستغلّ طيبة الله ورحمتُه، يُدخل فيه إرادة جعل الله غير عادل. فهو يظنّ أنّه حتّى لو استمرّ في خطاياه ورفض أن يتوب، فإن الله سيعطيه مع ذلك مكانة بين خدّامه المؤمنين. ولكن هل سيكون من العدل أن يضعك الله في المكانة ذاتها مع الذين تابوا عن خطاياهم، في حين أنك تثابر في ارتكاب الخطايا ؟ لماذا تريد جرّ الله إلى الانصياع لإرادتك؟ عليك بالحري أن تنصاع أنت لإرادته. كتبَ مؤلّف المزامير في هذا الخصوص: "لِيَجلِسْ على العَرشِ أَمامَ اللهِ لِلأبد ولْيَحْفَظْه الحقُّ والرَّحمَة" (مزمور ?? [??]: ?). لماذا قال "أمام الله؟". يحاول الكثيرون أن يتعلّموا رحمة الربّ وحقيقته من خلال قراءة الكتاب المقدّس. وحين يتوصّلون إلى ذلك، يعيشون من أجل أنفسهم، وليس من أجلِ كلام الله وتعاليمه. يبحثون عن مصالحهم الخاصّة، لا عمّا يريده الرّب يسوع المسيح. يبشّرون بالرحمة والحقّ، ولا يمارسونهما. أمّا ذاك الذي يحبّ الله والمسيح، حين يبشرّ بالرحمة والحقّ الإلهيَين، فهو يبحث عنهما من أجل الله، لا من أجل مصلحته الخاصّة. هو لا يبشّر من أجل أيّة غاية ماديّة، بل من أجل خير أعضاء جسد الرّب يسوع المسيح أي المؤمنين. هو يوزّع عليهم ما تعلّمه بروح الحقّ، "كَيلا يَحْيا الأَحياءُ مِن بَعدُ لأَنْفُسِهِم، بل لِلَّذي ماتَ وقامَ مِن أَجْلِهِم" (قورنتس الثانية ?: ??). فمَن سيبحث عن رحمة الله وحقّه؟ ذاك الذي يطلب المغفرة لنفسه ويسامح الآخرين، مقتدياً بتعاليم الرب يسوع: "فإن تَغفِروا للنّاس زلّ?اتِهِم يَغْفِرْ لكُم أبوكُمُ السَّماويّ، وإن لَم تَغفِروا للنَّاسِ لا يَغْفِرْ لكُم أَبُوكُم زلَّاتِكُم" (متى ?: ??-??). + المطران كريكور اوغسطينوس كوسا اسقف الاسكندرية للأرمن الكاثوليك