موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ١٨ سبتمبر / أيلول ٢٠١٣

المسيحية والمال

بقلم :
بسام دعيبس - الأردن

لا يستطيع احد ان يكون لي تلميذا ان لم يتخلى عن جميع امواله. يحذرنا السيد المسيح من اخطار المال في تحقيق امر خلاصنا، ويدعونا ان اقتضى الامر ان نختار بين اموالنا وامر خلاصنا وان نضحي باموالنا في سبيل هذا الخلاص، ومن هذه الاخطار. اولا : قد يكون المال الها منافسا لله للمال عند الكثيرين من الناس منزلة كالرب الذي يعبد، يهتمون ويفكرون به اكثر مما يهتمون ويفكرون بالله، يهتمون ويفكرون كيف هي السبل لجمعه اكثلر مما يهتمون ويفكرون في في سبل ارضاء ربهم، يعملون ويكدون كثيرا من اجل جمعه ولا يكلفون انفسهم ولو بتضحية صغيرة من اجل الرب، ويخدمون هذا المال ليل نهار دون ان يوفروا ولو قليل من وقتهم في خدمة الرب، وبالتالي يصبح المال هو ربهم اذا لا يستطيعوا ان يجمعوا بين ربين كما قال السيد المسيح في انجيل متى 24:7: ما من احد يستطيع ان يخدم سيدين ، فانه اما ان يبغض الواح ويحب الاخر، او يلزم الواحد ويرذل الاخر، لا تقدروا ان تعبدوا ربين الله والمال. وخير مثال على من باعوا ضمائرهم من اجل المال يهوذا الاسخريوطي، الذي باع ربه بثلاثين من الفضة او اقل من ذلك، وحراس قبر المسيح، وهناك ومع الاسف الكثيرون في وقتنا الحالي ممن يبيعون دينهم ووجدانهم وكرامتهم ووطنهم من اجل المال. ثانيا: قد يكون المال عائقا لدخول السماء فالمال يمكنه ان يجعل الانسان محتالا وطامعا، مهملا لواجباته ومخالفا للوصايا، ومتعديا على الاخرين والاقرباء، وسالكا الطرق المعوجة، وبالتالي يكون المال عائقا في دخول السماء حيث يقول القديس لوقا انه لاسهل ان يدخل الجمل في خرم الابرة من ان يدخل غني ملكوت الله. ثالثا: قد يكون المال عائقا في طريق الكمال ان حب المال والغنى قد يكون احيانا اقوى من حب الله وحب الكمال، فمن اراد ان يكون تلميذا للمسيح وكاملا يجب عليه ان يتخلى عن جميع امواله لانه لا يستطيع ان يكون احد تلميذا للمسيح بغير ذلك، ونحن نذكر دعوة ذلك الشاب الغني للكمال، حيث قال له السيد المسيح في انجيل مرقس 22:10 اذهب وبع كل شي تملكه وتصدق بثمنه على الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال واتبعني، ويخبرنا الكتاب انه اغتم لذه الكلام ومضى حزينا لانه كان ذا مال كثير، وبذلك وقف المال عائقا في درب هذا الشاب بدلا من ان يقربه من الله. رابعا: قد يكون المال عاملا يجعل الانسان منكمشا على نفسه وبالتالي يفقد السعادة، لان السعادة تعني الانفتاح على الاخر لا الانكماش على الذات، وان المزيد من السعادة ليس حتما المزيد من المال لا بل العكس حيث ان كثرة المال تجعل الانسان يفقد الامان والطمأنينة وراحة البال. ما العمل امام هذا الواقع حيث لا نستطيع ان نعيش بدون المال وان المال امر لا بد منه والحصول عليه؟ ليس المطلوب ان نحتقر المال وليس المطلوب ان لا نعمل لكي لا نجمع المال من منطلق انه عدو الله وانما المطلوب منا ان لا نجعل المال سيدا ينافس الله وان لا نكرس له جميع قوانا العقلية والجسدية، كما انه من الواجب ان ان لا نجعله عائقا بيننا وبين اخينا الانسان، كما اننا مطالبون بان لا نجعل من المال هدفا لحياتنا وان نجمعه بكل الطرق الممكنة والمحرمة، فالمال الحرام كما يقول القديس يعقوب 3:5: سنشهد عليكم يوم الدينونة وتاكل لحومكم كالنار، فان كان بينكم لا سمح الله من دخل ذمته شي مما سرقه او اجور ظالمة او تزوير او غش في التجارة فعليه ان يعوض اذ انه لا تتغفر الذنوب ما لم يرد المسلوب. ايها المسيحي كن حكيما، واعمل بكلام المسيح القائل : لا تتخذوا اصدقاء لكم بالمال الباطل، حتى اذا ذهب عنكم بالموت، قبلوكم في المظال الابدية، وبقوله ايضا : ماذا ينفع الانسان اذا ربح العالم كله وخسر نفسه؟. وطوبى للمال الذي ينفق في اطعام الجياع والفقراء والمحتاجين والايتام والارامل.