موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٢ أغسطس / آب ٢٠٢٠

القليل بين يديه، يصبح وفيرًا

بقلم :
الأخت كلارا معشر - الأردن
ليكن حبّ المسيح ملهمًا لنا لنهتمّ بإخوتنا في الإنسانيّة

ليكن حبّ المسيح ملهمًا لنا لنهتمّ بإخوتنا في الإنسانيّة

 

مشكلةٌ لا حلّ لها واجهت الرّسل، فالجماهير غفيرة؛ خمسة آلاف رجل عدا النّساء والأولاد يُصغون لكلام الرّبِّ يسوع، والمكان قفر والوقت متأخر.

 

اقتربوا من الرّبِّ يسوع متثاقلي الخُطى يقترحون حلًّا قائلين: "اصرف الجموع ليذهبوا إلى القرى ليشتروا لهم طعامًا".

 

نظر يسوع إليهم لديه الحل، ولكنّ حلّه لا يُشبه حلولهم أو حلولنا، إنّه حلٌّ مكسوٌّ بثوب الشّفقة والاهتمام والرّعاية الأبويّة:" لا حاجة بهم إلى الذّهاب، أعطوهم أنتم ما يأكلون".

 

خمس خبزات وسمكتين ما بحوزتهم، فكيف لهذا القليل أن يُشبعَ الجموع الغفيرة الجائعة؟

 

أجاب يسوع: " عليّ بها...".

 

إنّ الجوع من أكبر المشكلات الّتي يعاني منها العالم، ففي كلّ أربع دقائق، يموت شخص حول العالم بسبب الجوع. ليس بإمكاننا أن نحلّ هذه المشكلة بشكلٍّ جذريِّ، ولكن يمكننا أن نأتي بالقليل الّذي بين أيدينا إلى يسوع، وهنا ستتمُّ المعجزة كما تمّت عندما أطعم الجموع، لأنّ القليل بين يديه يُصبح وفيرًا.

 

ولنا في سرّ الافخارستيّا أكبر مثال، فالخبز القليل الّذي نقدّمه للرّب ويحولّه بقوة الرّوح القدس إلى جسد يسوع و كذلك عصير الكرمة الّتي تتحوّل إلى دم يسوع يغذيان ملايين الأشخاص حول العالم. ونحن بدورنا لا نستطيع أن نهب الآخرين من القليل الّذي لدينا ما لم نتحوّل نحن أيضًا إلى حبات حنطة تُطحَنُ على مذبح الحبّ، لأنّ العطاء لا يتمُّ إلّا بالتّضحية.

 

ليكن حبّ المسيح ملهمًا لنا لنهتمّ بإخوتنا في الإنسانيّة ونحبّهم ونشاركهم من الخير الّذي وهبنا إياه أصل كلّ خير.

 

في نهايةِ تأمّلي هذا، أُحبُّ أن أُورد بعض العِبر المُستفادة من إنجيل الأحد الثّامن عشر من زمن السّنة العادي. بدايةً أقول إنّ هذه المعجزة هي المعجزة الوحيدة الّتي أوردها الإنجيليون الأربعة لأهميّتها في ذلك الزّمان، وفي زمننا الحاضر وإلى انقضاء الدّهر.

 

- تحنّن عليهم وشفى مرضاهم: إشارة إلى الزامنا بالتّوبة والاعتراف قبل تناول جسد الرّب.

- أمر الجموع بالقعود على العشب: حتّى تحلَّ البركة بجلوس الشّعب في محبةٍ وتآلف.

- بارك وكسر الأرغفة وناولها تلاميذه والتّلاميذ ناولوها الجموع: وهنا إشارة إلى أنّ الرّبَّ أعطى الكنيسة لخدّامها، وهم سيعطون النّاس، أي أنّهم ورثته في هذا الميراث العظيم.

- وفضل اثنتي عشرة قُفّة: دليل عدد التّلاميذ الّذين ستبدأ بهم البشارة.

 

أحدًا مباركًا أتمنّاه لكم أحبّتي