موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٢٣ فبراير / شباط ٢٠٢٠

الصوم: صلاة وإيمان

بقلم :
المطران كريكور كوسا - مصر
الصوم... صلاة وإيمان

الصوم... صلاة وإيمان

 

في الإنجيل وقائع وأحداث متعدّدة تشير إلى الصوم بالتلازم مع الصلاة بإيمان:

 

فلما عجز التلاميذ عن طرد الشيطان عن الصبي المصاب بالصرع، تقدم والده من يسوع يشكو التلاميذ، "انتهره يسوع فخرج منه الشيطان، فشُفي الطفل في تلك الساعة". ولما استفهم التلاميذ من يسوع عن سبب عجزهم هذا، أجابهم: "لقلّة إيمانكم". الحقّ أقول لكم: "إن كان لكم الإيمان قدر حبّةِ خردل قلتم لهذا الجيل: إنتقل من هنا إلى هناك، فينتقل، وما أعجزكم شيء. وهذا الجنس من الشيطان لا يخرجُ إلاّ بالصلاة والصوم" (متى ١٧: ١٨-٢١).

 

وفي أعمال الرّسل مشاهد متعدّدة يقترن فيها الصوم بالصلاة. ففي لقاءٍ تم في الكنيسة التي في أنطاكية بين بعض الأنبياء والمعلّمين، ومنهم برنابا وشاول (أي بولس)، أقاموا الصلاة وهم صيام سعياً لاستلهام الرّوح القدس: "فبينما يقضون فريضة العبادة للرّب ويصومون، قال لهم الرّوح القدس: "أفردوا برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه". فصاموا وصلّوا ثم وضعوا عليهما أيديهم وصرفوهما" (أعمال الرُسُل ١٣: ١-٣).

 

وفي موقع آخر، بعد أن واجه بولس وبرنابا الاضطهاد في أيقونية، ولسترا، "عيّنا شيوخاً في كل كنيسة وصلّيا وصاما، ثم استودعهم الرّب الذي آمنوا به" (أعمال الرُسُل ١٤: ٢٣).

 

وهكذا نلاحظ أن الصوم والصلاة متلازمان، يرافقان أعمالاً، أكانت شفاء المرضى أم أفعال وضع اليد (أي السيامة الإنجيلية والكهنوتية والأسقفية). ولهذه الأفعال مرتبة عظيمة في الكنيسة تتم في فعلي الصوم والصلاة. وكأنهما فعلاً إرتقاء الجسد، في الصوم، والرّوح في الصلاة. ففي عملية الارتقاء هذه يتم أمران بالغا الأهمية في الكنيسة، وهما: طرد الشياطين، شفاء المرضى، إقامة الموتى وتهتدئة العواصف من ناحية. وحلول الرّوح القدس من ناحية أخرى. والصوم لا معنى له بدون مرافقة الصلاة بإيمانٍ له.

 

في الصوم يسمو الإنسان عن جسده وعن رغباته، وفي الصلاة يسمو الإنسان بروحه ليتّحد مع خالقه وربّه. وكأن الصوم والصلاة معاً يحققان وحدة الإنسان في سموه وتعاليه عن العالم، ليتّحد مع ربّه ويجد عنده مصدر تجدّده في جسده وفي روحه.

 

أتمنى لكم صيامًا مباركًا وتوبةً مقبولة.