موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٢٧ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢٠

الديموغرافيا تحت مطرقة كورونا

د. صبري الربيحات

د. صبري الربيحات

د. صبري الربيحات :

 

لا أظن أن أحدا منا عاش مرحلة كثرت فيها حالات الموت بين الأحبة والمعارف والاصدقاء كما تحصل هذه الايام. من غير اي تهيئة او توقع نسمع عن رحيل اشخاص لم يكن يبدو عليهم الاعتلال او اي بوادر ضعف.

 

في التاريخ الانساني سمعنا عن تفشي أوبئة الطاعون والحصبة والملاريا وغيرها، لكنها وبفضل التقدم الطبي والنظافة والوعي اصبحت ضربا من القصص والروايات التي يتحدث عنها البعض باعتبارها حصلت لأناس لا يمتلكون ما نمتلك من المعارف والادوات والحلول لما قد يواجهنا.

 

في كل يوم نتلقى تطمينات تقول إنه من غير الممكن ان تتعرض البشرية اليوم او في المستقبل لما تعرض له الأسلاف من فتك وقتل وإبادة بسبب هذه الأمراض والأوبئة.

 

في مختلف بلدان العالم وداخل مختلف الاوساط الاقتصادية والاجتماعية وبين معظم الفئات العمرية يتساقط الرجال والنساء بمعدلات غير مسبوقة. الخسارة في الارواح مترشحة للزيادة ما لم تحصل معجزة طال انتظارها. الناس من مختلف الألوان والجنسيات والمذاهب يتلهفون لسماع اخبار اكتشاف وتطوير لقاح آمن يحسن من فرص تغلبهم على الفيروس ويقلل من المخاوف التي استولت على عقولهم وقلوبهم. امكانية توفير وادارة توزيع المطاعيم الآمنة والفعالة لسكان العالم مسألة معقدة تخضع لعوامل سياسية واقتصادية ولوجستية متداخلة.

 

في بلادنا شهدت الاسابيع الماضية تزايدا كبيرا في اعداد الاصابات والوفيات وبمتوالية مقلقة. ارقام الاصابات المرصودة ارتفعت لتلامس 9000 ثم تعود لترتطم برقم 4000 دون توفر تفسير او تبرير لهذا التذبذب سوى اعداد الفحوصات ودرجة تعرض المفحوصين ومخالطتهم لحالات مصابة.

 

الوفيات المسجلة يوميا ترتفع هي الاخرى وبمعدلات قد تكون مساوية او اعلى من معدل عدد الوفيات اليومي بسبب الامراض والحوادث. خلال الاسابيع القليلة الماضية قفز عدد الوفيات بسبب الوباء الى السبعينيات والثمانينيات وزاد على التسعين حالة في بعض الايام.

الارقام الجديدة لوفيات كورونا تسهم وبشكل كبير في تقليص الفجوة بين اعداد المواليد واعداد الوفيات لتحد من معدل النمو السكاني الذي عجزت الكثير من سياساتنا السكانية عن خفضه.

 

للمرة الأولى ومنذ ستينيات القرن الماضي عندما تمكنا من خفض نسب وفيات الاطفال نشعر بتجدد اخطار الموت وضعف المناعة واحتمالية الخلل في العلاقة بين المعدل السنوي للولادات ومعدل الوفيات المحتملة.

 

في العام 2019 بلغ عدد المواليد الاحياء 197 ألف مولود حي، في حين وصل عدد الوفيات الى ما يقارب 29 ألف حالة اي بما يقارب سبع عدد المواليد. هذه النسبة كانت تشكل انخفاضا عن معدلات المواليد المسجلة العام 2018.

 

اليوم ومع اتساع انتشار الوباء في مختلف القرى والمدن والارياف وتسجيل البلاد لما يقارب 70 وفاة اضافية يوميا تتضاعف ارقام الوفيات وتزداد معها المخاوف وتتبلد مشاعر وأحاسيس الناس حيال الموت الذي اصبح مظهرا اعتياديا في حياة الكثير من الاسر والمجتمعات وخطرا يتهدد الجميع وهم يقفون في حالة استسلام كامل عاجزين عن القيام بما يمكن ان يحد من التهديدات الماثلة والقادمة.

 

(الغد)