موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ١٧ سبتمبر / أيلول ٢٠٢٠

الحياة محاولات

رمزي الغزوي

رمزي الغزوي

رمزي الغزوي :

 

لم أتفاجأ بدخول السيدة «أليس شوارتز» إلى قائمة أثرياء العالم لهذه السنة العجيبة، فكيف لا؟ وهي صاحبة شركة «بايو-راد» المنتجة لفحوص فايروس الكورونا. ولا بدخول «إيريك أس يووان» مؤسس شركة «زووم»، بعد أن أجبرتنا الجائحة على التعلم والعمل من بيوتنا.

 

بل سأقف قليلا مع تربع مؤسس شركة أمازون (جيف بيزوس) على عرش القائمة للسنة الثالثة على التوالي، بثروة تجاوزت 179 مليار دولار. سأقف معه ليس لتحليل مصادر ومآلات هذه الثروة. بل عند قول لهذا الرجل المثابر (56عاما) الذي سلك طريقاً محفوفة بالغموض، ومحاطة بضعف المأمول في الربح السريع.

 

كابد صاحبنا قبل أكثر من ربع قرن للحصول على مليون دولار لبدء العمل في شركته، التي خصصها للتجارة الإكترونية بالكتب تحديداً. في زمن كان الكتاب يتهاوى عن عرشه. لكنه ربط اندفاعه بما سماه: (إطار تقليل الندم)، ليدفع ويدرأ عن نفسه الندم على عدم المشاركة المبكرة في ثورة كانت في بداياتها ومفتوحة على كل النهايات.

 

أمازون انطلقت من مرآب البيت، مثلما بدأت شركتا مايكروسوفت وفيسبوك. وهي الآن تتصدر التجارة العالمية عبر الانترنت باسمها المثير للدهشة، وبشعار كالبسمة، يبدأ من الألف إلى الياء، متربصاً حاجات الناس الجديدة؛ ليوفرها بسرعة التفكير.

 

لم يكتف بيزوس بالكتب، إنما تخصص بالأقراص الرقمية والمدمجة، وتنزيل وبث الفيديو، وتنزيل وبث ملفات  MP3، والكتب الصوتية، والبرمجيات، وألعاب الفيديو، والإلكترونيات، والملابس، والأثاث، والمجوهرات. وأنتج إلكترونيات استهلاكية شاعت كجهاز القراءة (كيندل).

 

لقنونا في مدارسنا ومجالسنا وحشوا أدمغتنا بمقولة: «إنك قد تندم على شيء قلته، ولكنك أبداً لن تندم على صمت صمته». وعلمونا أن نستنسخ هذا القول المثبّط على كل فعل يراودنا، أو يخطر في بالنا ويراود أفكارنا، فجنحنا إلى السكون والاستكانة والرضى بالواقع المر المرير، دون التطلع إلى العشب اليانع في الجهة الأخرى.

 

جيف بيزوس الذي عمل في بداياته طاهياً في مطاعم ماكدونالدز، قال قولاً يوازي ثروته مرتين بنظري: (كنت أعلم أنني لن أندم إذا فشلت، وكنت أعلم أيضاً أن الشيء الوحيد، الذي كنت سأندم عليه، هو عدم المحاولة أبداً).

 

أهدي روح هذه المقولة والمقالة إلى كلِّ تواق لشرف المحاولات من شبابنا، حتى ولو بدت فاشلة بنظر الآخرين. وأهديها خصيصاً إلى طلبتي المثابرين أينما كانوا الآن في اقاصي الأرض، والذين كدَّ بعضهم وعمل بجد من أجل رسوم الجامعة، دون التفريط بدراسته.

 

بالمحاولة نكسر إطار الندم: الحياة محاولات.... ومحاولات.

 

(الدستور)