موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٢٤ يونيو / حزيران ٢٠٢٠

الثقافة المجتمعية والقانون في زمن كورونا

وزير الأشغال العامة والإسكان الأسبق - رئيس جامعة جدارا

وزير الأشغال العامة والإسكان الأسبق - رئيس جامعة جدارا

د. محمد طالب عبيدات :

 

في زمن كورونا وفي عالمنا العربي أجزم أن العُرف والثقافة المجتمعية أقوى من القانون في كثير من الأمثلة والتطبيقات، بمعنى أن الناس تستحي من بعضها أكثر مما تخاف، وخصوصاً في ظل عدم مخافة الله تعالى عند البعض، ومن هنا فإن القانون لوحدة دون ثقافة مجتمعية أو مواثيق شرف لدعمة أو الإيمان به لا يسهم بفعالية بمنع الكثير من القضايا، وهذه ظواهر وحقائق يقرّها كثير من الناس؛ وتاليا بعض اﻷمثلة.

 

القانون يحظر التدخين في اﻷماكن العامة، ورغم ذلك الناس تدخّن في كل مكان وحتى بعض المشرّعين يدخنون تحت القبة، وكذلك يُدخّن بعض الأطباء رغم علمهم بخطورة التدخين؛ وهذا مؤشر لمخالفة القانون عند البعض؛ لكن العُرف يجعل الشباب يستحون لا بل يهابون أهليهم ولا يستطيعون التدخين أمامهم.

 

فقطع اﻹشارة الضوئية حمراء جريمة يعاقب عليها القانون، ورغم ذلك يقطعها البعض حمراء في غياب الرقابة الشرطية أحياناً، ولذلك يجب أن تأخذ الثقافة المجتمعية دورها؛ وأعتقد شخصياً بأن تلك جريمة لا تُغتفر لأي كان؛ ولهذا فالوازع والضمير والإنتماء هي محددات عدم مخالفة القانون.

 

وسرقة خدمات الماء والكهرباء والنت وغيرها يتبعها غرامات مالية وعقوبات شديدة ومخالفة قانونية، ورغم ذلك يعملها البعض لكنهم لا يُطلعون عليها أحد حياءً من الناس، فالثقافة المجتمعية هنا أقوى من القانون؛ وهذه الممارسات لا تُرضي أحداً لكنها باتت ثقافة إنتقامية عند البعض لمبررات واهية.

 

والغش في اﻹمتحانات منتشر بشكل مذهل رغم علم الجميع بصرامة العقوبات، فالطلبة يراهنون على عدم ضبطهم والغاية تبرر الوسيلة؛ ومهما كانت وسائل ضبط الغش إلّا أن البعض يبقى يحاول حتى ينال ما يريد؛ وهذا بالطبع غياب لمنظومة القيم ومخالفة للقانون.

 

وظاهرة نشل المارة موجودة عند بعض أصحاب النفوس الضعيفة والدنيئة، لكنهم يخشون الناس أكثر من القانون أو ربّ العزة؛ وهذا مؤشر على قوّة الثقافة المجتمعية المجرّمة للسرقة أو أفعال النشل وغيرها.

 

مطلوب أن يكون هنالك ثقافة مجتمع لنبذ الخطأ إلى جانب مخافة الله تعالى، فالقانون لوحده لا يمكن أن يردع؛ والترتيبية في الحياة تضع مخافة الله أولاً ثم القانون وبعدها الثقافة المجتمعية؛ لكن يبقى العُرف أقوى من القانون.

 

 وأخيراً؛ في زمن جائحة كورونا؛ لا يمكن أن يكون هنالك شرطي لكل مواطن، ولا يمكن أن تتغير سلوكيات البعض بالقانون فقط، أو التعويل على الضمير ومخافة الله تعالى، والمطلوب ان تكون الثقافة المجتمعية داعمة لثقافة المنع وفق القوانين المرعية.

 

(الدستور الأردنيّة)