موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ١٤ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٠

التلوث البصري في مواسم الانتخابات

رمزي الغزوي

رمزي الغزوي

رمزي الغزوي :

 

تكادُ تغيب الذائقة الجمالية عن كثير من المترشجين لانتخابات هذه الدورة البرلمانية. وإلا كيف لنا أن نفسر هذا التجمهر المنفّر لعشرات أو مئات الصور للمرشح الواحد في منطقة صغيرة، أو على طول شارع قصير؟ لماذا هذا الحشد المتكرر؟.  ألا تكفي صورة واحدة أو صورتان في الشارع، أو عند كل دوّار ومنعطف؟ أم أن المترشحين في سباق محموم في من يعلق صورا أكثر، ويحتل موقعاً أهم؟.

 

هذه ليست معركة انتخابية بل هي أقرب ما تكون إلى صراعات صور صاخبة مزعجة نبتلى بها كل دورة. فالصور المبثوثة في عمان والمحافظات تشكل ضوضاء بصرية لا تحتمل. فعدا أنها تحتل أعمدة الإنارة، وتثبت بالمسامير على سيقان الأشجار، وتغطي إشارات المرور، وتعيق زواية نظر السائقين؛ إلا أن أغلبها معالجة ومجمّلة ببرنامج «الفتوشوب»، وهذا تزييف لا يقبل من مترشح يفترض أن يكون صادقا بعرض حقيقته كما هي.

 

صحيح أن الناخب الأردني لم يعد يأبه بالبرامج الانتخابية، ولكن هذا لا يعني أن يرى تزييفا لمترشح يضع صورته قبل عشرين سنة، أو لمترشحة تعتمد صورتها المعدلة وهي في مطلع العشرين. ولكن سيبقى الأكثر قهراً وغيظاً أن كثيراً منهم يدخل في أقبح عملية خداع ممكنة حين يتصوّر وخلفه مكتبة عامرة بالمجلدات والكتب، مع أننا نعرف «البير وغطاه»، وحارتنا ضيقة، كما يقول المثل اللاسع.

 

ومن اللافت أكثر أن أغلب المترشحين ينشرون صورهم منفردين. مع أن الترشح على اساس القائمة، وهذا دليل على أن القوائم لا تعني شيئاً في سوق البرامج الانتخابية، فالكل يغني على ليلاه، وأن القوائم ليست أكثر من وعاء لتمرير القانون.

 

وبعيدا عن معركة الصور؛ فإن المترشحين لهذه الدورة محظوظون بظلال جائحة الكورونا. فلا مقرات أو خيم انتخابية تستهلك آلاف الدنانير يومياً. ولا ديمقراطية باذخة الحلاوة تقطر قطراً تدور على الحضور بنوعيها: الخشنة والناعمة، ولا مناسف متللة باللحم واللوز، أو أجرة سيارات، ولوازم القهوة والماء والمناديل الورقية. لكنهم في المقابل سيقومون بجولات مكوكية على البيوت، دون أن يتسنى التأكد فيما إذا كانوا سيدخلون البيوت بيد من وراء، وأخرى من الأمام.

 

وعلى ذكر الجولات المكوكية لمترشحين، ما زلت أضحك كلما ذكرت ما تداوله الناس عن ناخب من البسطاء، كان يصرُّ على كل مترشح يطلب صوته أن (يبوس) يده ثلاث مرات ويضعها على رأسه، بحجة أنه سيضطر أن يبوس يده 300 مرة، إذا أصبح نائباً، كي يرد على هاتفه فقط.

 

(الدستور الأردنية)