موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٣٠ أغسطس / آب ٢٠٢٠

الاعلام رسالة ومهنة

د. عبير الرحباني

د. عبير الرحباني

د. عبير الرحباني :

 

ربما تكون صراحتي جارحة وصادمة للكثيرين .. وقد أميل الى الاعتدال لكن ليس على حساب الحق .. وما سأتحدث به هنا ليس دفاعاً عن اي وزير لكنني اتحدث عن المبدأ بغض النظر عن شخصية الوزير الذي تعرض مؤخراً للاهانات والتنمر من قبل بعض الاعلاميين والصحافيين..

 

فما سمعته عبر بعض الوسائل الاعلامية غير الرسمية .. وما قرأته عبر منصات التواصل الاجتماعي من منشورات مؤخراً .. معظمها للاسف صادرة من إعلاميين وصحافيين ..

 

للاسف أقول: اصحبنا نشهد حالة طعن وطحن ولا سيما بالشخصيات العامة .. معتقدين هؤلاء بان هذه هي الحرية التي منحها لهم جلالة سيدنا (حرية سقفها السماء ).. ومعتقدين ان السلطة الرابعة اي انه يحق لهم ان يتنمروا وان يشهّروا بالاخرين ولا سيما ببعض الوزراء عبر بعض القنوات الاعلامية غير الرسمية وعبر منصات التواصل الاجتماعي ..

 

اعتقد ان الاعلامي الذي يحمل هذا اللقب عليه ان يحترمه .. وان يحترم مهنته وان يحترم مفهوم (الحرية سقفها السماء ) .. الاعلامي المؤثر بالاخرين عليه ان يؤثر فيهم بطريقة ايجابية وبناءة وحضارية .. وعندما يقوم بإنتقاد اي شخصية في الدولة الاردنية .. سواء اكان وزير او غير ذلك عليه ان لا يتنمر ولا يخوض في خصوصياتهم .. لان هذه الامور ليست من شأنه .. وكان الاجدر في كل شخص استخدم هذا الاسلوب ان ينظر الى نفسه اولاً وان يطرح على نفسه تلك الاسئلة قبل ان يطرحها على اي وزير في الدولة .. وعلى هؤلاء ان يدركوا ان تعيين الوزراء جاء بقرار ملكي .. وعليهم ان يحترموا هذا القرار ..

 

هؤلاء الذين يدافعون عن السلطة الرابعة وشادين على انفسهم .. هم الذين قللوا من شأن السلطة الرابعة وقيمتها.. وذلك بعدم احترامهم للمهنة وللمعايير الاعلامية والمهنة الصحافية .. هؤلاء مصيبة على المجتمع لانهم بدلاً من يقوموا بتصغير المشاكل يسعون عبر بعض القنوات الاعلامية ومنصاتهم الفيسبوكية بإشعال دائرة المشاكل .. ويصنعون من الهفوات قضايا لا طعم لها .. ولا نجدهم يظهرون الا للانتقادات الفارغة وللتشهير فقط..

 

الإعلامي الناجح والمؤثر هو الذي ينتقد بطريقة بناءة وحضارية بعيدة عن الهجومية والتنمر والتدخل في خصوصيات الآخرين.. الإعلامي المؤثر لا يكون تأثيره بالصوت العالي ولا بالاسلوب المتعالي.. كي يقنع الناس..

 

فعلى الرغم من إنني اعلامية وصحافية ايضاً .. لكنني اقولها اليوم .. بأنني بريئة من هذه الفئة من الاعلاميين والصحافيين الذين حولوا المهنة الصحافية .. وحولو بعض وسائل الاعلام غير الرسمية الى ساحة من الطحن والطعن بالاخرين .. وحولوا رسالة الاعلام السامية ومهنة الصحافة الى ساحة من التنمر والاستهزاء والتشهير بالاخرين وبخصوصياتهم بخاصة ما جرى مؤخراً من اساليب غير حضارية تصدر من اعلاميين وصحافيين على بعض الوزراء والتهجم عليهم .. حتى وإن صدر من اي وزير هفوة او كلمة اخطأ بها وقام بتوجيهها لاي صحافي .. فهذا لا يعني التهجم على اي وزير بهذه الطرق غير الحضارية والبعيدة كل البعد عن الرسالة الاعلامية السامية..

 

فما يجري اليوم من مهازل واستهتار بما يتعلق بفهوم الحرية من بعض الاعلاميين والصحافيين عبر بعض وسائل الاعلام غير الرسمية .. وعبر صفحات بعض الصحافيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي..

 

يجعلني اشد تمسكاً بتكميم الافواه واشد تمسكاً بتطبيق قانون الجرائم الالكترونية.. واشد اقتناعاً بان من يحتاج اليوم الى تربية اعلامية وثقافة رقمية هم هذه النوعية من الاعلاميين والصحافيين والتي اصبحت تشكل عائقاً في تطور الاعلام الاردني

 

وصحيح اننا اليوم في 2020 ومن المفروض ان تتسع دائرة الحرية وان لا يكون هناك تكميم للافواه .. لكنني اعتقد ان في الماضي وعلى الرغم من عدم توفر منصات التواصل الاجتماعي.. وعدم وجود ثورة رقمية هائلة كالتي نشهدها اليوم .. الا ان الاعلامي والصحافي كان له قيمة وكان له وزن .. لانه كان يحترم نفسه اولاً ويحترم مهنته .. فكان للوزير هيبة وللحكومة احترام .. كان الاعلام رسالة ومهنة بكل ما تحمله هذه الجملة من معانِ سامية.. وكان الاعلامي والصحافي مرآة للمجتمع

 

اما اليوم ونحن نعيش عام 2020 اقول: نعم لتكميم كل الاقلام المسمومة .. عبر منصات وان جاز التعبير التناحر الاجتماعي .. نعم لتكميم كل الافواه التي لا تبث منها الا السموم والحقد عبر بعض القنوات الاعلامية غير الرسمية..

 

لهذه الفئة من الاعلاميين والصحافيين اقول: ما أحوجكم اليوم لتربية اعلامية والى تربية رقمية.. كي يحترم الناس السلطة الرابعة.. التي تتغنون بها.. وكي يكون لهذه السلطة قيمة وشأن في نظر المجتمع.. فالتحترموا مهنتكم ورسالتكم أولاً.. ولتحترموا مفهوم (حرية سقفها السماء) التي تطالبون بتطبيقها كي تستخدموها لاغراضكم ومصالحكم واهدافكم الشخصية للاسف.

 

(عمون)