موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢١ مايو / أيار ٢٠٢٠

الأحد الخامس المعروف بأحد الاعمى

بقلم :
الأب بطرس جنحو - الأردن
البعد الروحي الشفاء الاعمى العجائبي، هو اعادة اكتشاف النور، نور المسيح، النور البهي لقدس مجد الآب الذي لا يموت

البعد الروحي الشفاء الاعمى العجائبي، هو اعادة اكتشاف النور، نور المسيح، النور البهي لقدس مجد الآب الذي لا يموت

 

الرِّسالة

 

يفرح الصدّيق بالرب استمع يا الله لصوتي

 

فصل من رسالة القديس بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس (2 كور 4: 6-15)

 

يا إخوة، إنَّ الله الذي أمرَ ان يُشرقَ من ظُلمةٍ نُورٌ هو الذي أشرَقَ في قلوبنا لإنارةِ معرفَةِ مجدِ اللهِ في وجهِ يسوعَ المسيح. ولنا هذا الكنزُ في آنيةٍ خَزَفيَّةٍ، ليكونَ فضلُ القوةِ لله لا منَّا، مُتضايقينَ في كُلِ شيء ولكن غيرَ مُنحصرين، ومُتحيَّرينَ ولكن غير يائسين، ومُضطهَدين ولكن غيرَ مَخذولين، ومَطروحين ولكن غيرَ هالِكين، حامِلين في الجسد كُلَّ حينٍ إماتةَ الرب يسوع، لتظهرَ حياةُ يسوعَ أيضًا في أجسادنا. لأنَّا نحنُ الأحياءَ نُسلَّمُ دائماً إلى الموتِ من أجل يسوعَ، لتظهرَ حياةُ المسيحِ أيضًا في أجسادِنا المائِتة. فالموتُ إذَنْ يُجرى فينا والحياةُ فيكم. فإذ فينا روحُ الإيمان بعيِنهِ على حَسَبِ ما كُتبَ إنّي آمنتُ ولذلك تكلَّمتُ، فنحنُ أيضًا نؤمِنُ ولذلك نتكلَّم، عالمين أنَّ الذي أقام الربَّ يسوعَ سيُقيمُنا نحن أيضًا بيسوعَ فننتصِبَ مَعَكم، لأنَّ كلَّ شيءٍ هو من أجلِكم. لكي تتكاثَرَ النعمةُ بشُكر الأكثرين، فتزدادَ لمجدِ الله.


الإنجيل

 

فصل شريف من بشارة القديس يوحنا (يوحنا 9: 1-38)


في ذلك الزَّمان، فيما يسوعُ مُجْتَازٌ رأى إنسانًا أَعْمَى منذ مَوْلِدِه، فسألَهُ تلاميذُه قائِلِين: يا رَبُّ، مَن أَخْطَأَ أهذا أَمْ أبواهُ حتَّى وُلِدَ أعمَى؟ أجاب يسوعُ: لا هذا أخطأَ ولا أبواه، لكن لتظهَرَ أعمالُ اللهِ فيه. ينبغي لي أنْ أعملَ أعمالَ الَّذي أرسلَنِي ما دامَ نهارٌ، يأتي ليلٌ حين لا يستطيع أحدٌ أن يعمل. ما دُمْتُ في العالَمِ فأنا نورُ العالَم. قالَ هذا وتَفَلَ على الأرض، وصنع من تَفْلَتِهِ طِينًا، وطَلَى بالطِّين عَيْنَيِ الأعمى، وقال له: ٱذْهَبْ وٱغْتَسِلْ في بِرْكَةِ سِلْوَام (الَّذي تفسيرُهُ الـمُرْسَلُ)، فمضى وٱغْتَسَلَ وعَادَ بَصِيرًا. فٱلجيرانُ والَّذينَ كانوا يَرَوْنَهُ من قَبْلُ أنَّه أعمى قالوا: أليسَ هذا هو الَّذي كان يجلِسُ ويَسْتَعْطِي؟ فقالَ بعضُهُم: هذا هو، وآخَرونَ قالوا: إنَّه يُشْبِهُهُ. وأمَّا هو فكان يقول: إِنِّي أنا هو. فقالوا له: كيف ٱنْفَتَحَتْ عيناك؟ أجاب ذلك وقال: إنسانٌ يُقال له يسوع صنع طينًا وطلى عينيَّ، وقال لي ٱذْهَبْ إلى بِرْكَةِ سِلْوَامَ وٱغْتَسِلْ، فمضيتُ وٱغْتَسَلْتُ فأبصرتُ. فقالوا له: أين ذاك؟ فقال لهم: لا أعلم. فأتَوا به، أي بالَّذي كان قبلاً أعمى، إلى الفَرِّيسيِّين. وكان حين صنعَ يسوعُ الطِّينَ وفتح عينَيْهِ يومُ سبت. فسأَلَهُ الفَرِّيسيُّون أيضًا كيف أَبْصَرَ، فقال لهم: جعلَ على عينَـيَّ طينًا ثمَّ ٱغتسَلْتُ فأنا الآن أُبْصِر. فقال قومٌ من الفَرِّيسيِّين: هذا الإنسانُ ليس من الله لأنَّه لا يحفَظُ السَّبت. آخَرون قالوا: كيف يقدِرُ إنسانٌ خاطِئٌ أن يعملَ مثلَ هذه الآيات؟ فوقعَ بينهم شِقَاقٌ. فقالوا أيضًا للأعمى: ماذا تقول أنتَ عنه من حيثُ إِنَّه فتحَ عينَيْكَ؟ فقال: إِنَّه نبيٌّ. ولم يصدِّقِ اليهودُ عنه أنَّه كان أعمَى فأبصَرَ حتَّى دَعَوْا أَبَوَيِ الَّذي أبصرَ وسأَلُوهُما قائِلِينَ: أهذا هو ٱبنُكُمَا الَّذي تقولان إنَّه وُلِدَ أَعْمَى، فكيف أبصرَ الآن؟ أجابهم أبواه وقالا: نحن نعلمُ أنَّ هذا وَلَدُنا وأنَّه وُلِدَ أعمى، وأمَّا كيف أبصرَ الآن فلا نَعْلَمُ، أو مَنْ فتحَ عينَيْه فنحن لا نعلَمُ، هو كامِلُ السِّنِّ فٱسْأَلُوهُ، فهو يتكلَّمُ عن نفسه. قالَ أبواه هذا لأنَّهُمَا كانا يخافان من ٱليهود، لأنَّ اليهودَ كانوا قد تعاهَدُوا أنَّهُ إِنِ ٱعتَرَفَ أحَدٌ بأنَّهُ المسيحُ يُخرَجُ من المجمع. فلذلك قال أبواه هو كامِلُ السِّنِّ فٱسألوه. فدعَوا ثانِيَةً الإنسانَ الَّذي كان أعمَى وقالوا له: أَعْطِ مجدًا لله، فإنَّنا نعلَمُ أنَّ هذا الإنسانَ خاطِئ. فأجابَ ذلك وقال: أَخَاطِئٌ هو لا أعلم، إنَّما أعلم شيئًا واحِدًا، أَنِّي كنتُ أعمى والآن أنا أُبْصِر. فقالوا له أيضًا: ماذا صنع بك؟ كيف فتح عينَيك؟ أجابهم: قد أَخْبَرْتُكُم فلم تسمَعُوا، فماذا تريدون أن تسمَعُوا أيضًا؟ أَلَعَلَّكُم أنتم أيضًا تريدونَ أن تصيروا له تلاميذَ؟ فَشَتَمُوهُ وقالوا له: أنتَ تلميذُ ذاك، وأمَّا نحن فإِنَّنا تلاميذُ موسى، ونحن نعلم أنَّ اللهَ قد كلَّمَ موسى. فأمَّا هذا فلا نعلم مِن أين هو. أجابَ الرَّجلُ وقال لهم: إنَّ في هذا عَجَبًا أَنَّكُم ما تعلَمُونَ من أين هو وقد فتح عينَيَّ، ونحن نعلمُ أنَّ اللهَ لا يسمَعُ للخَطَأَة، ولكنْ إذا أَحَدٌ ٱتَّقَى اللهَ وعَمِلَ مشيئَتَهُ فَلَهُ يستجيب. منذ الدَّهرِ لم يُسْمَعْ أَنَّ أَحَدًا فتحَ عَينَيْ مَولُودٍ أعمى. فلو لم يَكُنْ هذا من الله لم يَقْدِرْ أن يفعلَ شيئًا. أجابوه وقالوا له: إِنَّكَ في الخطايا قد وُلِدْتَ بجُملَتِكَ، أَفَأَنْتَ تُعَلِّمُنَا؟ فأَخْرَجُوهُ خارِجًا. وسَمِعَ يسوعُ أَنَّهُم أَخْرَجُوهُ خارِجًا، فَوَجَدَهُ وقال له: أَتُؤْمِنُ أَنْتَ بابْنِ الله؟ فأجابَ ذاك وقالَ: فَمَنْ هو يا سَيِّدُ لأُؤْمِنَ به؟ فقال له يسوعَ: قد رَأَيْتَهُ، والَّذي يتكلَّمُ معكَ هوَ هُو. فقال: قد آمَنْتُ يا رَبُّ وسَجَدَ له.

 

بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين.

 

المسيح قام  حقًا قام

 

أيها الأحباء: نحن اليوم في الأحد الخامس من الفصح والمعروف بأحد الأعمى. أي بعد ثلاثة أيام نودع عيد الفصح المقدس حسب الليتورجيا في الكنيسة الأرثوذكسية. ما زلنا نعيّد للفصح مع هذا المقطع الإنجيلي من بشارة البشير يوحنا (9: 1-38)، والذي يتكلم عن شفاء الأعمى منذ مولده  دليل لا يقبل الجدل على أن المسيح لم يكن فقط إنساناً كاملاً بل كان إلهًا كاملاً. المسيح  يمر عبر أورشليم، يلتقي برجل أعمى. الرّبُّ يسوع جبل الطينَ وصنع عينين للأعمى، ومسح عينيه، وأرسله إلى بركة سلوام. إن طريقة الشفاء هذه تذكرنا بالطريقة التي خلقها الله للإنسان وخلقه. الله في العهد القديم، يخلق الإنسان من التراب، والآن المسيح، يخلق عيون مولده مرة أخرى أعمى من التراب. نفس الإله! يختبر إيمان الأعمى ويرسله إلى بركة سلوام. وهذه إشارةٌ واضحة أنَّ يسوع هو الله المتجسّد. يحترم حرية الإنسان ويطالب بمشاركته الطوعية والحرة في المعجزة. لكن الأعمى بالإيمان يطيع أمر الله، ويغسل ويرجع ويرى. ومع ذلك، فإن حياة الرجل الأعمى الشافي لم تصبح أسهل. يصبح هدفا لشر وكراهية الفريسيين، لأولئك الناس الذين يؤمنون بالله بحماسة ويحفظون شريعته. إنهم يستجوبون الأعمى وبدلاً من أن يصدقوا المعجزة ورأوها حية أمامهم، يغلقون عيونهم. إن تعصبهم الديني لا يغلق أعينهم عن النفس ويزيل التمييز من نفوسهم فحسب، بل يبعدهم في النهاية من الله.

 

لقد خاف والداي الأعمى من الاعتراف بالمعجزة التي حدثت لولدهما الذي ولد أعمى. لقد كان إيمانهم وفرحهم إلى درجة أنهم تجنبوا سرًا الاعتراف بحدث حقيقي.  ربما غيرالمسيح خططهم جراء هذه المعجزة ، لأن ابنهم الأعمى كان يتسول. ربما انزعجوا من صمتهم لئلا يكونون بعيدين عن بقية أبناء جنسهم حيث كان عليهم الظهور في مجمعهم، وأن يقوم الآخرين باستجوابهم حول الذي حدث لولدهم.

 

البعد الروحي الشفاء الاعمى العجائبي، هو اعادة اكتشاف  النور، نور المسيح، النور البهي لقدس مجد الآب الذي لا يموت، النور الاكثر اضاءة، النور الحقيقي الوحي، نور المسيح الذي لا يغرب الذي يضيء كل شيء ومن كل جهة،الم يقول السيد المسيح: "أنا هو نور العالم من يتبعني لا يمشي في الظلام بل يكون له نور الحياة". من خلال شخص يسوع بكونه هو المسيا المنتظر المخلص، اذ به اي يسوع المسيح قد تحققت النبؤات حيث تمم اعمالا لا يمكن ان  يمارسها غير الله نفسه، لهذا الرب الذي يفتح الاعين الداخلية للقلب مع العيون الجسدية فيه تحققت النبؤات.

 

ان هذا النص الإنجيلي أيضا يرتكز على مفهوم العبور، العبور من عميان البصيرة الى النظر، من حالة الاعمى الى حالة المبصر،من حالة الخاطئ الى حالة المؤمن تمامًا مثلما فعل الرب مع السامرية ،كما تعلمنا في الاحد الماضي، بان الرب مملؤ حبا نحو الانسان مهتم بخلاصنا لم يتوقف عن اهتمام بنا مع انه لم يوجد من يبالي او يهتم به، بشكل كامل وحقيقي.

 

يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: تمتع المولود اعمى بالبصر الذي لم يتمتع به من قبلا وكأنه نال ميلاد جديدا يختلف عن مولوده السابق وايضا بركة سلوام تشير الى مياه المعمودية التي تهب مع التطهير وغفران الخطايا واستنارة داخلية.

 

ما يلفت الانتباه في هذه المعجزة أن اليهود أخذوا على المعلم أنه شفي الاعمى في السبت.عندهم ان هذا عمل والعمل ممنوع، لم يفهموا أن غاية الشريعة هي الرحمة. سجال طويل بين الأعمى واليهود، يقولون كيف فتح عينيك؟ الحادثة حصلت ويسوع من الله لان الشفاء هو عمل الله. وبدل من ان يعترفوا أنهم امام أعجوبة وقد رأوها أخرجوا الأعمى من طائفة اليهود.

 

وها نحن المسيحيون الذين نستفيد يوميًا من الله نشعر بالخجل أو نخشى الاعتراف بالله من إيماننا الصغير. نضع مصالحنا فوق الله، مؤمنين داخليا أنه سيفهمنا! سيتفهمنا لكنه سيرى أيضًا إيماننا والأولويات التي حددناها في حياتنا. سوف يرى الآلهة التي وضعناها في مكانه، وبطريقته الخاصة، لن يتوقف عن تذكيرنا بأنه نور العالم.

 

في النهاية، لم يشفي الرجل الأعمى أعين جسده فحسب، بل وأيضًا روحه. إنه يعترف ويعبد إله يسوع ولا يتردد في الاعتراف به للزعماء الدينيين بالشجاعة التي يحسدها الكثير منا. الإيمان وحده لا يكفي، والاعتراف بالإيمان مطلوب ليصبحوا أبناء يسوع الحقيقيين. عندما نعترف بالمسيح أمام الناس، سيعترف بنا أيضًا أمام أبيه، وقد وعدنا الرب.

 

الطروباريات

 

طروباريَّة القيامة لِلَّحن الخامس: لنسبِّحْ نحن المؤمنينَ ونسجُدْ للكلمة الـمُساوي للآبِ والرُّوح في الأزليَّة وعدمِ الاِبتداء، المولودِ من العذراء لخلاصِنا، لأنَّه سُرَّ بالجسد أن يَعْلُوَ على الصَّليبِ ويحتَمِلَ الم ويُنْهِضَ الموتى بقيامتِهِ المجيدة.

 

قنداق الفصح  باللحن الثامن: ولئن كنتَ نزلتَ إلى قبرٍ يا من لا يموت، إلاّ أنّكَ درستَ قوّةَ الجحيم، وقمتَ غالباً أيّها المسيحُ الإله. وللنسوةِ حاملاتِ الطيبِ قُلتَ: افرحنَ، ووهبتَ رُسُلكَ السلام، يا مانحَ الواقِعين القِيام.


قنداق باللحن الرابع: إنّي أتقدّم إليك أيّها المسيح وأنا مكفوف حدَقتي نفسي كالأعمى منذ مولدهِ صارخًا إليك بتوبة: أنت هو النور الفائق الضياء للذين في الظلام.