موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٧ أغسطس / آب ٢٠٢٠

الأحد الثاني عشر بعد العنصرة

بقلم :
الأب بطرس جنحو - الأردن
أيُّها المعلّمُ الصالحُ ماذا أعملُ مِنَ الصلاح لتكونَ لي الحياةُ الأبديَّة؟

أيُّها المعلّمُ الصالحُ ماذا أعملُ مِنَ الصلاح لتكونَ لي الحياةُ الأبديَّة؟

 

الرِّسالة

 

رتِّلوا لإلهنا رتّلوا

يا جميعَ الأممِ صفِقّوا بالأيادي

 

فصل من رسالة القديس بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس (1 كو 15: 1-11)

 

يا إخوةُ، أعرِّفُكم بالإنجيلِ الذي بشرَّتُكم بهِ وقَبِلتُموهُ وأنتمُ قائمون فيهِ، وبهِ أيضاً تَخلُصون إن حافظتم على الكلام الذي بشَّرتُكم بهِ، إلّا أن تكونوا قد آمنتم باطلاً. فإنّي قد سلَّمتُ إليكم أوّلاً ما تَسلّمته، وهو أنَّ المسيحَ ماتَ من أجلِ خطايانا على ما في الكتب، وأنَّه قُبِرَ وأنَّهُ قامَ في اليومِ الثالثِ على ما في الكُتب، وأنَّهُ تراءَى لصَفا ثمَّ للاِثنَي عَشَر، ثمَّ تراءَى لأكثرَ من خمسمِائة أخٍ دفعَةً واحِدةً أكثَرُهم باقٍ إلى الآن وبعضُهم قد رقدوا. ثمَّ تَراءى ليعقوبَ ثمَّ لجميع الرسل، وآخِرَ الكُلِ تَراءى لي أنا أيضاً كأنَّهُ للسِّقط، لأنّي أنا أصغَرُ الرسُلِ ولستُ أهلاً لأنْ أُسمَّى رسولاً لأنّي اضطهدتُ كنيسةَ الله، لكنّي بنعمةِ الله أنا ما أنا. ونعمتُهُ المعطاةُ لي لم تكن باطِلةً، بل تعبتُ أكثرَ من جميعهم، ولكن لا أنا بل نعمةُ اللهِ التي معي. فسَواءٌ أَكنتُ أنا أم أولئكَ، هكذا نكرِزُ وهكذا آمنتُم. 

 

الإنجيل

 

فصل من بشارة القديس متى (متّى 19: 16-26)

 

في ذلك الزمان دنا إلى يسوعَ شابٌّ وجثا له قائلاً: أيُّها المعلّمُ الصالحُ ماذا أعملُ مِنَ الصلاح لتكونَ لي الحياةُ الأبديَّة؟ فقال لهُ: لماذا تدعوني صالحاً وما صالحٌ إلَّا واحدٌ وهُوَ الله. ولكِنْ إنْ كنت تريد أن تدخُلَ الحياة فاحْفَظِ الوصايا. فقال لهُ: أي‍َّةَ وصايا. قال يسوع: لا تقتُلْ، لا تزنِ، لا تسرِقْ، لا تشَهدْ بالزور، أكرِمْ أباك وأمَّك، أحبِب قريبَك كنفسِك. قال لهُ الشابُّ: كلُّ هذا قد حفِظتُهُ منذ صبائي، فماذا يَنقُصُني بعدُ؟ قال لهُ يسوعُ: إنْ كنتَ تريد أنْ تكونَ كامِلاً فاذْهَبْ وبِعْ كلَّ شيءٍ لك وأعْطِهِ للمساكين فيكونَ لك كنزٌ في السماءِ وتعالَ اتبعني. فلَّما سمع الشابُّ هذا الكلامَ مضى حزيناً لأنَّه كان ذا مالٍ كثير. فقال يسوع لتلاميذهِ: الحقَّ أقول لكم إنَّهُ يعسُرُ على الغنيِّ دخولُ ملكوتِ السماوات. وأيضاً أقول لكم إنَّ مُرورَ الجَمَلِ من ثَقْبِ الإبرةِ لأسْهلُ من دخولِ غنيٍّ ملكوتَ السماوات. فلَّما سمع تلاميذهُ بُهتوا جدًّا وقالوا: مَن يستطيع إذَنْ أن يخلُصَ؟ فنظر يسوعُ إليهم وقال لهم: أمَّا عندَ الناسِ فلا يُستطاعُ هذا، وأمَّا عند اللهِ فكلُّ شيءٍ مُستطاعٌ.

 

بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين.

 

أيُّها المعلّمُ الصالحُ ماذا أعملُ مِنَ الصلاح لتكونَ لي الحياةُ الأبديَّة؟

 

هذا السؤال طرحه على يسوع إنسانٌ غني. جواب السيّد، كما ورد في إنجيل متى 19: 17، كان: “إن أردت أن تدخل الحياة فاحفظ الوصايا”. وعاد الغني، ويبدو أنّه كان شاباً، فسأل: " أية الوصايا؟"، فأجاب يسوع: "لا تقتل، لا تزن، لا تسرق، لا تشهد بالزور، أكرم أباك وأمّك، وأحبب قريبك كنفسك". الوصايا الخمس الأولى مأخوذة من الوصايا العشر. أما السادسة والأخيرة: "أحبب قريبك كنفسك" فمأخوذة من موضع آخر، من سفر اللاويين 19: 18. كل هذه الوصايا موضوعها واحد وهو العلاقة بين الناس، والأخيرة جُعِلَت في آخر الكلام كما لتختصر الوصايا الأخرى وسائر الوصايا التي لم يذكرها يسوع ولكنها تندرج في ذات الفئة. كل علاقة بالناس، في الحقيقة، أساسها هذه الوصيّة الجامعة: " أحبب قريبك كنفسك".

 

هذه الوصيّة ذاتها، "أحبب قريبك كنفسك"، ذُكرت أيضاً جواباً من الرب يسوع عن سؤال لأحد الناموسيّين. هذا سأل: "يا معلم أية وصيّة هي العظمى في الناموس" (متى 22: 36). فأجاب يسوع بوصيّتين كأنهما واحدة وتتفرّع إحداها من الأخرى. الأولى، التي وصفها الرب يسوع بـ "الوصيّة الأولى والعظمى"، هي "تحبّ الربّ إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك". هذا بحسب إنجيل متى 22: 37. أما بحسب إنجيل لوقا ففيها تفصيل زائد: " تحبّ الربّ إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ومن كل فكرك" (10: 27). والوصيّة مستقاة، في الأساس، من سفر اللاويّين 6: 5. أما الوصيّة التي نحن في  محور حديثنا، أي "أحبب قريبك كنفسك"، فيصفها السيّد الربّ بأنها مثلُ الوصيّة الأولى ولكنه يصنِّفها ثانية (متى 39). ويختم كلامه بالقول: "بهاتين الوصيّتَين يتعلّق الناموس كلّه والأنبياء" (متى 40). إذاً كل وصايا الله، كما وردت في الشريعة الموسوية والأنبياء، تنبثق من هاتين الوصيّتين.

 

ولعل البعض يتسأل وباستغراب : لِمَ لا يكون كافياً أن يحبّ المرء قريبه؟  لِمَ علينا أن نحبّ الله أولاً؟ لِمَ يستحيل على الإنسان أن يحبّ قريبه ما لم يحبّ الله أولاً؟

 

الجواب هو أن الإنسان لمّا انفكّ رباطُه بالله، في المعصية، لم يعد قادراً على أن يحبّ. فالله هو المحبّة ومَن يزوّدنا بالمحبّة ولا محبّة من دونه. فإذ انقطع الإنسان عن الله انقطع عنه تيّار المحبّة. صار عابداً لنفسه، طالباً ما لنفسه، لا يمتدّ تجاه الآخرين إلا ابتغاء ما لنفسه في الآخرين. محبّته للآخرين صارت تتحكّم بها، بمقادير، محبّته لذاته. الآخرون صاروا إليه أدنى إلى الأدوات.

 

عاش الإنسان في لعنة الطرد من الفردوس كل أيام حياته. جوهره قلب ولا يستطيع أن يحبّ بمعنى الكلمة. لذا أضحى، في عمق كيانه، لا أقول إنساناً فاقد الإنسانية بل إنساناً ناقص الإنسانية.

 

لا شيء يُعيد المحبّة للناس، محبّتهم لبعضهم البعض، إلاّ إذا تابوا إلى ربّهم. بعودة الإنسان إلى ربّه يعود تيّار المحبّة ليوصَل به، ليُشعّ في قلبه من جديد. حينئذ تنساب المحبّة انسياباً بين الناس. تدفق دفقاً لتجمع إلى واحد، لتوحّد الإنسان بقريبه.

 

هذه المحبّة بالذات، أو اقتناء هذه المحبّة بالذات هو القصد، هو المبتغى، هو الغاية. "وأما غاية الوصيّة فهي المحبّة من قلب طاهر وضمير صالح وإيمان بلا رياء" (1 تيمو 1: 5). غاية الوصيّة، غاية كل الوصايا هي المحبّة. كيف نعرف أننا قد عرفنا الله؟ كيف نعرف أننا نحبّ الله وأن محبّته مقيمة فينا؟ الجواب يطالعنا به يوحنا الحبيب في رسالته الأولى: "بهذا نعرف أننا قد عرفناه إن حفظنا وصاياه. مَن قال قد عرفته وهو لا يحفظ وصاياه فهو كاذب وليس الحقّ فيه. وأما مَن حفظ كلمته فحقاً في هذا قد تكمّلت محبّة الله. بهذا نعرف أننا فيه" (1 يو 2: 3– 5).

 

ومعرفة الله، أن يعرف أحدنا الله معناه أن يحبّ الله، أن يكون الله فيه وهو في الله. هذه المعرفة، هذه المحبّة تتأتى، إذاً، من حفظ الوصيّة. " إن أحبّني أحد يحفظ كلامي ويحبّه أبي وإليه نأتي وعنده نصنع منزلاً " (يو 14: 23).

 

أحبائي: الحياة الأبدية هي محبّة الله، هي حياة الله، هي أن تكون لنا شركة مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح (1 يو 1: 3)، هي الله نفسه فينا. هذا ما يتحقّق في روح الحياة، في الروح القدس، إذ نقتني الروح القدس، إذ يقيم فينا الروح القدس إلى الأبد، إذ يستقرّ الآب والابن في الروح القدس فينا. "لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم الذي لكم من الله…" (1 كور 6: 19).

 

صليب المسيح، هو علامة المحبّة والسبيل إليها وتالياً إلى الحياة الأبدية. المحبّة في العالم الساقط، في عالم الخطيئة، لم تعد ممكنة إلاّ إذا كان طالبها مستعداً لأن يضحّي بما لنفسه وبنفسه أيضاً من أجل مَن يحبّ. ليس الصليب ناموساً إلهياً ولا يُسَرّ الله بآلام الناس. الصليب ضرورة علاجية أوجبتها خطيئة البشريّة.

 

إذا أردت أن تستأصل الخطيئة والشرّ فلا مناص لك من أن تحبب الخاطئ، على غرار يسوع، ولكن من دون خطيئته، ان تمتنع عن مقاومة الشرّ بالشرّ وأن تقابل الشرّ بالخير وأن تصل أخيراً إلى حدّ محبّة أعدائك.

 

الطروباريات


طروباريَّة القيامة باللَّحن الثَّالِث

لِتَفْرَحِ السَّمَاوِيَّات، وَلْتَبْتَهِجِ الأَرْضِيَّات، لِأَنَّ الرَّبَّ صَنَعَ عِزًّا بِسَاعِدِهِ، وَوَطِئَ الْمَوْتَ بالْمَوْتِ، وَصَارَ بِكْرَ الأَمْوَات، وَأَنْقَذَنَا مِنْ جَوْفِ الْجَحِيمِ، وَمَنَحَ العَالَمَ الرَّحْمَةَ العُظْمَى.

 

قنداق رقاد العذراء باللّحن الثاني

إنّ والدةَ الإلهِ التي لا تغفَلُ في الشَّفاعات، والرّجاءَ غيرَ المردودِ في النجدات، لم يضبطُها قبرٌ ولا موتٌ، لكن، بما أنّها أمُّ الحياة، نقلها إلى الحياة الذي حلَّ في مستودعِها الدائم البتوليّة.