موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ١ مايو / أيار ٢٠٢٠

الأحد الثاني المعروف بأحد حاملات الطيب

بقلم :
الأب بطرس جنحو - الأردن
لماذا تطلبن الحي بين الأموات؟ ليس هو ههنا لكنه قام

لماذا تطلبن الحي بين الأموات؟ ليس هو ههنا لكنه قام

 

الرسالة

قوتي وتسبحتي الرب

أدبًا ادبني الرب

 

فصل من أعمال الرسل القدّيسين الأطهار (أعمال الرسل 6: 1– 7)

 

وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ إِذْ تَكَاثَرَ التَّلاَمِيذُ، حَدَثَ تَذَمُّرٌ مِنَ الْيُونَانِيِّينَ عَلَى الْعِبْرَانِيِّينَ أَنَّ أَرَامِلَهُمْ كُنَّ يُغْفَلُ عَنْهُنَّ فِي الْخِدْمَةِ الْيَوْمِيَّةِ. فَدَعَا الاثْنَا عَشَرَ جُمْهُورَ التَّلاَمِيذِ وَقَالُوا:«لاَ يُرْضِي أَنْ نَتْرُكَ نَحْنُ كَلِمَةَ اللهِ وَنَخْدِمَ مَوَائِدَ. فَانْتَخِبُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ سَبْعَةَ رِجَال مِنْكُمْ، مَشْهُودًا لَهُمْ وَمَمْلُوِّينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَحِكْمَةٍ، فَنُقِيمَهُمْ عَلَى هذِهِ الْحَاجَةِ. وَأَمَّا نَحْنُ فَنُواظِبُ عَلَى الصَّلاَةِ وَخِدْمَةِ الْكَلِمَةِ». فَحَسُنَ هذَا الْقَوْلُ أَمَامَ كُلِّ الْجُمْهُورِ، فَاخْتَارُوا اسْتِفَانُوسَ، رَجُلاً مَمْلُوًّا مِنَ الإِيمَانِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ، وَفِيلُبُّسَ، وَبُرُوخُورُسَ، وَنِيكَانُورَ، وَتِيمُونَ، وَبَرْمِينَاسَ، وَنِيقُولاَوُسَ دَخِيلاً أَنْطَاكِيًّا. اَلَّذِينَ أَقَامُوهُمْ أَمَامَ الرُّسُلِ، فَصَلُّوا وَوَضَعُوا عَلَيْهِمِ الأَيَادِيَ. وَكَانَتْ كَلِمَةُ اللهِ تَنْمُو، وَعَدَدُ التَّلاَمِيذِ يَتَكَاثَرُ جِدًّا فِي أُورُشَلِيمَ، وَجُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ الْكَهَنَةِ يُطِيعُونَ الإِيمَانَ.

 

الإنجيل

 

فصل شريف من بشارة القديس مرقس (مرقس  15: 16- 43 )

 

في ذلك الزمان جَاءَ يُوسُفُ الَّذِي مِنَ الرَّامَةِ، مُشِيرٌ شَرِيفٌ، وَكَانَ هُوَ أَيْضًا مُنْتَظِرًا مَلَكُوتَ اللهِ، فَتَجَاسَرَ وَدَخَلَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ. فَتَعَجَّبَ بِيلاَطُسُ أَنَّهُ مَاتَ كَذَا سَرِيعًا. فَدَعَا قَائِدَ الْمِئَةِ وَسَأَلَهُ:«هَلْ لَهُ زَمَانٌ قَدْ مَاتَ؟» وَلَمَّا عَرَفَ مِنْ قَائِدِ الْمِئَةِ، وَهَبَ الْجَسَدَ لِيُوسُفَ. فَاشْتَرَى كَتَّانًا، فَأَنْزَلَهُ وَكَفَّنَهُ بِالْكَتَّانِ، وَوَضَعَهُ فِي قَبْرٍ كَانَ مَنْحُوتًا فِي صَخْرَةٍ، وَدَحْرَجَ حَجَرًا عَلَى بَابِ الْقَبْرِ. وَكَانَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ أُمُّ يُوسِي تَنْظُرَانِ أَيْنَ وُضِعَ. وَبَعْدَمَا مَضَى السَّبْتُ، اشْتَرَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَسَالُومَةُ، حَنُوطًا لِيَأْتِينَ وَيَدْهَنَّهُ. وَبَاكِرًا جِدًّا فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ أَتَيْنَ إِلَى الْقَبْرِ إِذْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ. وَكُنَّ يَقُلْنَ فِيمَا بَيْنَهُنَّ:«مَنْ يُدَحْرِجُ لَنَا الْحَجَرَ عَنْ بَابِ الْقَبْرِ؟» فَتَطَلَّعْنَ وَرَأَيْنَ أَنَّ الْحَجَرَ قَدْ دُحْرِجَ! لأَنَّهُ كَانَ عَظِيمًا جِدًّا. وَلَمَّا دَخَلْنَ الْقَبْرَ رَأَيْنَ شَابًّا جَالِسًا عَنِ الْيَمِينِ لاَبِسًا حُلَّةً بَيْضَاءَ، فَانْدَهَشْنَ. فَقَالَ لَهُنَّ:«لاَ تَنْدَهِشْنَ! أَنْتُنَّ تَطْلُبْنَ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ الْمَصْلُوبَ. قَدْ قَامَ! لَيْسَ هُوَ ههُنَا. هُوَذَا الْمَوْضِعُ الَّذِي وَضَعُوهُ فِيهِ. لكِنِ اذْهَبْنَ وَقُلْنَ لِتَلاَمِيذِهِ وَلِبُطْرُسَ: إِنَّهُ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ. هُنَاكَ تَرَوْنَهُ كَمَا قَالَ لَكُمْ». فَخَرَجْنَ سَرِيعًا وَهَرَبْنَ مِنَ الْقَبْرِ، لأَنَّ الرِّعْدَةَ وَالْحَيْرَةَ أَخَذَتَاهُنَّ. وَلَمْ يَقُلْنَ لأَحَدٍ شَيْئًا لأَنَّهُنَّ كُنَّ خَائِفَاتٍ.

 

بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين.

 

المسيح قام... حقاً قام

 

أيها الأحباء: يوسف الرامي تجاسر ودخل إلي بيلاطس  وطلب منه جسد يسوع" (مرقس 15: 43). وأخذه "أنزله، ولفه بكتان نقي" (ووضعه في قبره الجديد الذي كان قد نحته في الصخرة، ثم دحرج حجرًا كبيرًا علي باب القبر" (متى 27: 57-60) و(لوقا 23: 52، 53). لقد كان موقف يوسف الرامي فيه شهامة ورجولة. الكثيرين ساروا وراء المسيح في مجده، ولكننا في ألمه لم نبصر أحدًا منهم فكأنهم كانوا يتبعون المجد وليس الشخص.

 

شجاعة يوسف تكمن بأنه طلب جسد إنسان حكم عليه بيلاطس الوالي وأسلمه للموت ، وصلبه اليهود خارج المحلة لئلا ينجس المحلة وكان رؤساء الكهنة  يتتبعون أنصار يسوع المصلوب لينالوا منهم ، حتى هرب التلاميذ واختفوا. أما يوسف فلم يهرب، ولم يختف.

 

قال عنه القديس لوقا الإنجيلي "وإذا رجل أسمه يوسف، وكان مشيرًا ورجلًا صالحًا وبارًا. وهذا لم يكن موافقًا لرأيهم وعملهم. وهو من الرامة وهذه مدينة لليهود. وكان هو أيضًا ينتظر ملكوت الله" (لوقا 23: 50، 51)، وقال عنه مرقس الرسول أنه كان مشيرًا شريفًا منتظرًا ملكوت الله (مرقس 15: 43). وقال عنه القديس متى الإنجيلي "ولما كان المساء، جاء رجل غني من الرامة أسمه يوسف. وكان هو أيضًا تلميذًا ليسوع" (متى 27: 57). وهنا وضحت الصورة جلياً أمامنا، ظهر تلاميذ يسوع الحقيقيون، الذين في قلوبهم حب وشجاعة. والذين لم يهزهم الخوف في وقت هز فيه الكثيرين.. والعجيب ان الاناجيل  لم تكن قد ذكرت اسم يوسف الرامي من قبل لكنه ظهر في الوقت المناسب ليعمل عملًا لم يجرؤ عليه أحد. وكان شخص أخر أسمه نيقوديموس اشترك مع يوسف الرامي بدفن جسد يسوع. ونيقوديموس كان فريسياً وعضو مجمع السنهدريم الأعلى، هذا أيضًا جاء واشترك مع يوسف الرامي في تكفين جسد المسيح. ويقول في ذلك يوحنا الإنجيلي: "وجاء أيضًا نيقوديموس الذي أتي أولًا إلي يسوع ليلًا، وهو حامل مزيج مر وعود نحو مئة منًا. فأخذا جسد يسوع، ولفاه بأكفان مع الأطياب" ودفناه (لوقا 19: 39-42). كان في موقفه خطورة، لأنه عضو في مجمع السنهدريم الذي حكم علي المسيح ظلمًا، وهو لم يكن موافقًا لهم.

 

ولكن للنسوة حاملات الطيب كان لهم دوراً ايضا حيث كن واقفات من بعيد يشاهدن دفن الجسد الطاهر. ابتعن طيوباً كثيرة الثمن وذهبن في الليل، من جهة خوفًا من اليهود ومن جهة ليتمّمن عادتهنّ  ويطيّبنه ويكملّن ما كان ناقصاً وقت دفنه. فعند حضورهن أبصرن شاهدن ملاكين لامعين كالبرق داخل القبر وآخر جالساً فوق الحجر وبعد هذا عاينّ المسيح وسجدن له وأما المجدلية فظنته البستاني وسألته عن ذاته.

 

كان جواب الملاكين للنسوة: "لماذا تطلبن الحي بين الأموات؟ ليس هو ههنا لكنه قام. اذكرن كيف كلمكن وهو بعد في الجليل قائلًا إنه ينبغي أن يسلم ابن الإنسان في أيدي أناس خطاة، ويصلب وفي اليوم الثالث يقوم " فتذكرن كلامه (لوقا 24: 5-8).

 

ماذا نرى في النسوة حاملات الطيب اليوم ونحن نعيش في عصر التكنولوجيا؟ بماذا تميزوا؟ هل بملاصقتهن وملاحقهتن للمسيح بصبر وثبات، وكأنهن يبحوث عنه، فهن خدمن المسيح، وتبعنه إلى أورشليم، ثم تبعنه وهو حامل الصليب، تجمعوا حوله عند الصلب على الجلجلة، نظرن مكان دفنه، تلقين بفرح من الملاك أخبار قيامته، ركضن ليخبرن تلاميذه، بهذه الحماسة كن متعلقات بالمعلم الرب يسوع.


ماذا يقولن النسوة حاملات الطيب لكم اليوم، هل أنتم تسعون وراء المسيح حقًا؟ هل تتقربون من المسيح حقا؟ هل أنتم تقتادون بالمسيح حقا ؟هل المسيح يملئ قلبكم حقًا؟ هل تتتلمذون للمسيح حقًا؟ حافظوا على محبتكم للمسيح إذا، ولا تدعوا قلوبكم تتعلق بأي شيء آخر سواه، مكرسين له بالإيمان والرجاء والمحبة أسرعوا وقدموا الطيب للمسيح، كما فعلت حاملات الطيب، الطيب الذي يطلبه المسيح منكم، هو التقوى والفضيلة والخدمة والتواضع والشكر. كل هذا هو علامة الإقتداء بالمسيح الناهض من بين الاموات. يا أبناء الصليب وفرح القيامة، لننشد معا مع ملائكة السماء والأرض بصوت عظيم: المسيح قام .. حقًا قام.

 

الطروباريات

(طروبارية القيامة على اللحن الثاني)

 

- عندما انحدرتَ إلى الموت. أيُّها الحياةُ الذي لا يَموت. حينئذٍ أَمتَّ الجحيمَ بِبَرْقِ لاهوتِك. وعندما أقَمتَ الأمواتَ مِن تحتِ الثَرى. صَرخَ نحوكَ جميعُ القُوَّاتِ السماويِّين. أيُّها  المسيحُ الإله. مُعطي الحياةِ المجدُ لَك.

 

- إنَّ يوسفَ المتَّقي أحدَرَ جَسَدَكَ الطَّاهِرَ من العود. ولفَّهُ بالسَّباني النَّقيَّة. وحَنَّطهُ بالطّيبِ وجَهَّزَهُ وأضجَعَهُ في قبرٍ جديد. لكنَّكَ قُمتَ لثلاثةِ أيَّامٍ يا رب. مانحاً العالمَ الرَّحمةَ العُظمى.

 

- إنَّ الملاكَ حَضَرَ عندَ القبرِ قائلاً للنسوةِ الحامِلاتِ الطِّيب. أمَّا الطِّيبُ فإنَّهُ لائقٌ بالأموات. وأمَّا المسيحُ فقد ظَهَرَ غريباً عَنِ الفساد. لكنِ اصرُخْنَ قائلاتٍ قد قامَ الرَّبُّ مانحاً العالمَ الرَّحمةَ العُظمى.

 

القنداق


أيها المسيح الإله، لما كلمتَ النسوةَ حاملات الطيب بالفرح، كففت بقيامتك نوح حواء الأم الأولى، وأمرتَ رسلك أن يكرزوا، بأن المخلص قد قام من القبر.