موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
الرِّسالة
أَنْتَ الكَاهِنُ إلى الدَّهْرِ على رُتْبَةِ مَلْكِيصَادَق
قالَ الرَّبُّ لرَبِّي اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي
حتَّى أَجْعَلَ أعداءَكَ موطِئًا لِقَدَمَيْك
فصل من رسالة القديس يعقوب الرسول الجامعة (5: 10-20)
يا إخوةُ، اتَّخِذُوا الأنبياءَ الَّذين تكلَّمُوا باسمِ الرَّبِّ قُدْوَةً في احتمالِ المَشَقَّاتِ وفي طولِ الأناة، فإِنَّا نُطَوِّبُ الصَّابِرِين، وقد سَمِعْتُم بصبرِ أيُّوبَ ورأيتُم عاقِبَةَ الرّبّ. لأنَّ الرَّبَّ مُتَحَنِّنٌ جِدًّا ورَؤُوفٌ. وقَبْلَ كُلِّ شيءٍ يا إخوتي لا تَحْلِفُوا لا بالسَّماءِ ولا بالأرضِ ولا بقسَمٍ آخَر. ولكن، لِيَكُنْ كلامُكُم نَعَم نَعَم ولا لا لِئَلَّا تَقَعُوا في الدَّينونة. هل فيكم أحدٌ في مَشَقَّاتٍ فَلْيُصَلِّ أو في سُرُورٍ فَلْيُرَتِّل. هل فيكم مريضٌ فَلْيَدْعُ قُسُوسَ الكنيسةِ وَلْيُصَلُّوا عليهِ ويَدْهَنُوهُ بزيتٍ باسمِ الرَّبّ، فإِنَّ صلاةَ الإيمانِ تُخَلِّصُ المريضَ، والرَّبُّ يُنْهِضُهُ، وإنْ كانَ قد ارْتَكَبَ خطايا تُغْفَرُ لهُ. اِعْتَرِفُوا بعضُكُم لبعضٍ بالزَّلَّات وصَلُّوا بعضُكُم لأجلِ بعضٍ لِكَي تُبْرَأُوا. إنَّ طِلْبَةَ البارِّ تَقْتَدِرُ كثيرًا في فِعْلِهَا. كانَ إيليَّا إنسانًا قابِلَ الآلامِ مِثْلَنَا. وقدْ صَلَّى أنْ لا يَنْزِلَ المطرُ فَلَمْ يَنْزِلْ على الأرضِ مُدَّةَ ثلاثِ سنين وستَّة أشهُرٍ. ثمَّ عادَ وصلَّى فَأَمْطَرَتِ السَّماءُ وأَخْرَجَتِ الأرضُ ثمرَهَا. أَيُّهَا الإخوةُ، إنْ ضَلَّ أَحَدٌ بينَكُم عن الحَقِّ فَرَدَّهُ أَحَدٌ فَلْيَعْلَمْ أَنَّ الَّذي رَدَّ خَاطِئًا عن ضلالِ طريقِهِ قد خَلَّصَ نَفْسًا مِنَ الموتِ وسَتَرَ جَمًّا من الخَطَايَا.
الإنجيل
فصل شريف من بشارة القديس متى (14: 14-22 )
في ذلكَ الزَّمانِ أَبْصَرَ يسوعُ جَمْعًا كثيرًا فتحَنَّنَ عليهِم وأَبْرَأَ مَرْضَاهُم. ولمَّا كانَ المساءُ دَنَا إليهِ تلاميذُهُ وقالُوا إِنَّ المكانَ قَفْرٌ والسَّاعَةُ قد فاتَتَ، فاصْرِفِ الجُمُوعَ ليذهَبُوا إلى القُرَى ويَبْتَاعُوا لهُم طعامًا. فقالَ لَهُم يسوعُ لا حاجَةَ لَهُم إلى الذَّهَابِ، أَعْطُوهُمْ أَنْتُم لِيَأْكُلُوا. فقالُوا لهُ ما عِنْدَنَا هَهُنَا إِلَّا خَمْسَةُ أَرْغِفَةٍ وسَمَكَتَانِ. فقالَ لَهُم هَلُمَّ بِهَا إِلَيَّ إِلى هَهُنَا، وأَمَرَ بجلُوسِ الجُمُوعِ على العُشْبِ. ثُمَّ أَخَذَ الخَمْسَةَ الأَرْغِفَةِ والسَّمَكَتَيْنِ ونَظَرَ إلى السَّمَاءِ وبَارَكَ وكَسَرَ وأَعْطَى الأرغِفَةَ لتَلَامِيذِهُ، والتَّلامِيذُ لِلْجُمُوع، فَأَكَلُوا جَمِيعُهُم وشَبِعُوا، ورَفَعُوا مَا فَضُلَ مِنَ الكِسَرِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ قُفَّةً مَمْلُوءَةً. وكانَ الآكِلُونَ خَمْسَةَ آلافِ رَجُلٍ سِوَى النِّسَاءِ والصِّبْيَان. ولِلْوَقْتِ اضْطَرَّ يسوعُ تلاميذَهُ أَنْ يَدْخُلُوا السَّفِينَةَ ويَسْبِقُوهُ إِلى الْعِبْرِ حتَّى يَصْرِفَ الْجُمُوع.
بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد.أمين
أيها الأحباء: النص الإنجيلي الذي يتلى في هذا الأحد المبارك هو من الأصحاحِ الرّابع عشر من بشارة القديس متّى البشير، وَيأتي قَبْلَهُ مباشرةً الكلامُ على هيرودس رئيس الرُّبْع، كيف أنّه سَمِعَ خَبَرَ يَسُوع، فظَنَّ أنَّ يوحنّا المعمدان قد قامَ من الأموات، ولذلكَ تُعمَلُ بهِ القُوّات. والنص أيضا يخبرنا أنّ تلاميذَ يوحنّا المعمدان، "رَفَعوا الجَسَدَ ودَفَنوهُ ثمَّ أتَوا وأخبروا يسوع". وتبرز الصورة واضحة لدينا بإن تلاميذ يوحنا المعمدان كانوا يشعُرونَ بالأُلفةِ تِجاهَ يسوع. لقد تركوا كل شيء وتبعوا يسوع.
أمّا يسوعُ، فَانصَرَفَ إلى مَوضعٍ خَلاءٍ، ويسرد النّصُ: "فَلَمّا خَرَجَ يَسُوعُ، أَبصَرَ جَمْعًا كَثيرًا...". لقد استعمل يسوع المسيح الرحمة المتزايدة وشفى الجموع ولم يطلب منهم هنا الأيمان لأنهم أظهروا ارادتهم بتركهم المدن وبمجيئهم اليه وبثباتهم. دنوا تلاميذه منه وقالوا له ماذا نعمل أنصرف الجموع ليبتاعوا لهم طعاماً ولكنه أجابهم لا حاجة أن يذهبوا أعطوهم أنتم.
إن المسيح لا يميل في البداية الى اصطناع المعجزات الا اذا طلب منه ذلك وتأمل في حكمة المعلّم، لأنه لم يقل للوقت أنا أطعمهم، ولم يقل أنا أعطيهم لكنه قال أعطوهم أنتم ليأكلوا "فقالوا له ما عندنا ههنا الا خمسة أرغفة وسمكتان". ولنتعلّم درسا من فلسفة التلاميذ التيهي من الضروريات وكيف أنهم كانوا يتهاونون بالطعام. لأنهم كانوا اثني عشر وكان لهم خمس خبزات فقط وسمكتان، لا غير حتى أنهم ولا بهذا العدد القليل تمسكوا به. يجب أن نتعلّم انّه وان كان ما لدينا قليلاً ينبغي أن نجود به على الاخرين. لكن المعلم عندما أمرهم أن يقدموا خمس خبزات وسمكتين لم يقولوا من أين يكون لنا نحن المأكول؟ ولم يقولوا من أين نسد جوعنا، لكنهم للوقت أطاعوا. ولم يقف المسيح بالمعجزة عند هذا الحدّ، بل فضل من كسرات هذه الموائد.
لم يفهم التلاميذ سبب مخاطبة المسيح للجموع بواسطة الأمثال، فهم بذلك يظهرون وكأنّهم ليسوا مشاركين بشكلٍ مباشَرٍ وفاعلٍ في عمل المسيح التبشيري، لا بل قد نستنتج أنّ عملهم كان يقتصر على مرافقة يسوع وتقديم المساعدة، وهذه أيضًا بحاجةٍ إلى توضيح، فعلى سبيل المثال لم يستطيعوا تدبير أمر إطعام الجموع بل اختاروا الحلّ الأسهل: "اصرف الجموع... ".
لم يفهم التلاميذ فحوى الأمثال التي خاطب المسيح بها الجموع، بل كانوا بحاجةٍ إلى توضيحٍ من يسوع. اللافت في الأمر أنّ المسيح أمام تساؤل التلاميذ خاطبهم بأمثالٍ لأنّه كان قد أخبرهم الكثير عن موته وقيامته. نحن اليوم نشبه كثيرًا التلاميذ لأنّنا نعرف الكثير مباشرةً من المسيح، لكنّنا في سلوكنا اليومي نجد صعوبةً في فهم الأمور في ضوء إيماننا. يظهر هذا جليًّا في موقف التلاميذ من تلبية حاجة الجموع. ما فعله المسيح كان باستطاعة التلاميذ أن يفعلوه أي أن يطلبوا إلى الله أن يُطعِمَ هذه الجموع. ليست المسألة في عدد الخبزات والسمكات إنّما في الإيمان. لم تغادر الجموع المكان طلبًا للطعام لأنّها كانت "تثق" بالمسيح.
خلاصة القول: أن موقف التلاميذ قد أظهر إيمانهم بالمسيح ولكنه لم يخرج من دائرة التصديق إلى دائرة الفعل. فالإيمان كما يمكن فهمه من هذا النصّ ليس مجرّد تصديقٍ أو قناعة فكريّة أو عقليّة إنّما هو مصدر وإطار خيارات الإنسان وأفعاله.
من وحي تذكار النبي القديس ايلياس التسبيتي
لا شكّ في أنّ الزمن الذي عاش فيه إيليا كان زمناً رديئاً. كانت عبادة الله قد اختلطت بعبادات الآلهة الغريبة. هذا الاختلاط نسمّيه تلفيقاً. إذاً، التلفيق، في ذلك الزمان، كان على أشدّه. عبادة الله كانت في ضمور وعبادة البعل والعشتاروت في ازدياد. وطبيعي أن يميل الشعب، في زمن التلفيق، إلى المزيد من عبادة الآلهة الوثنيّة لأنّ الآلهة الوثنيّة هي من طبيعة أهواء الناس، تجسيدٌ لها. لهذا أخذت عبادة يهوه تموت شيئاً فشيئاً. استحالت، بالأحرى، صوريّة شكليّة لا روح فيها. لم تمت بالكامل، لكنّها بلغت، في زمن إيليا النبي، حدّ الانحطاط الكبير. في ذلك الزمان وفي تلك الأحوال، بالذات، أُرسِل إيليا حاملاً للشعب كلمة الله وقوّته.
إيليا الرجل كان وتراً مشدوداً. في أزمنة الاسترخاء يأتي الأنبياء على صرامة تصدم. لذا استبان غريباً في البيئة التي استوطن. آخاب وإيزابيل لجأا إلى كل الأساليب الضاغطة ليتخلّصا من إيليا ومن إزعاج إيليا. وإيليا قاوم. قاوم بكلمة الله. بقي صوتُ النبوّة فيه صدّاحاً في كل مناسبة. كان الله يفعل فيه ومن خلاله بقوّة.
إذاً، كان إيليا رجلاً لله كاملاً في غيرته. وقد جرت به آيات عظيمة باسم الله. لكنْ بقي إيليا إنساناً. وقد استبانت إنسانيّته، على وهنها، واضحة في أكثر من مناسبة. لم يكن منزّهاً عن التجربة. كثرة العِشرة الإلهية جعلته يظنّ أنّ ما يفعله كلّه مبرّر. ولم يكن الأمر كذلك عند الربّ الإله. لذا ارتكب إيليا قتلاً، كما باسم الله، حين ذبح أنبياء البعل عند نهر قيشون، ظانّاً أنّ في ذلك صالحةً لله. الخطيئة هي ما كانت بحاجة إلى ذبح لا الخطأة. النبوّة الكاذبة لا تموت بقتل الأنبياء الكذبة بل بالتوبة الصادقة. كل نفس أمّارة بالسوء إلى أن تتوب. والله لا يشاء موت الخاطئ إلى أن يرجع ويحيا. لذا سفّه الربّ الإله ما فعله إيليا حين تجلّى له، بعد حين، لا في الزلزلة، ولا في العاصفة، بل في النسيم العليل. فكأنّ الربّ الإله، بذلك، كان يحدّث عن حَمَل الله الآتي، عن عبد يهوه، عن ابن الإنسان الذي لا يقصف قصبة مرضوضة ولا يطفئ فتيلاً مدخّناً، الذي أحزاننا حملها وأوجاعنا تحمّلها، وهو يبرِّر كثيرين وآثامهم يحملها.
بات إيليا علامة في وجدان الكنيسة جيلاً بعد جيل. بات إيقونة للذين يقربون الله حسناً. هؤلاء عليهم أن يكونوا على غيرة كغيرة إيليا، وعليهم أيضاً أن يكابدوا المشاق في كل حين، وأن يكونوا وتراً مشدوداً بالنّغم الإلهي. فإذا ما ثبتوا على النحو الذي سلك فيه إيليا، يُعطَون أن يكونوا متكلِّمين بكلام الله، أن يكونوا أنبياء لله في كل جيل. لهذا إيليا، عندنا، معلّم كبير وشيخ كبير وذبيح كبير. صورة تسبق دائماً مجيء المسيح. وقد ورد أنّ المسيح متى حان أوانه، ثانية، لا بدّ لإيليا، أو لروح إيليا، أن تتقدّمه كمِثْل ما تَقدَّمه يوحنّا المعمدان. كلٌّ منا، في الحقيقة، يمهِّد لمجيء الربّ في تعاطيه المسيح، بين إخوته، في هذا الدهر أمين.
الطروباريات
طروباريَّة القيامَة اللَّحن السَّابِع
حَطَمْتَ بِصَلِيبِكَ الموتَ وفَتَحْتَ لِلِّصِّ الفِرْدَوُس، وحَوَّلْتَ نَوْحَ حَامِلَاتِ الطِّيبِ، وأَمَرْتَ رُسُلَكَ أَنْ يَكْرِزُوا بِأَنَّكَ قَدْ قُمْتَ أَيُّهَا المسيحُ الإله، مَانِحًا العَالَمَ الرَّحْمَةَ العُظْمَى.
طروباريّة النّبيّ إيلياس باللَّحن الرَّابِع
أَيُّها الملاكُ بالجِسْمِ، قاعدَةُ الأنبياءِ ورُكْنُهُم، السَّابِقُ الثَّاني لحضورِ المسيح، إيلياسُ المجيدُ المُوَقَّر، لَقَدْ أَرْسَلْتَ النِّعْمَةَ مِنَ العُلَى لأَلِيشَع، لِيَطْرُدَ الأَسْقَامَ ويُطَهِّرَ البُرْصَ، لِذَلِكَ يُفِيضُ الأَشْفِيَة لمُكَرِّمِيهِ دائمًا.
القنداق باللّحن الثّاني
يا شفيعَةَ المَسيحيّين غَيْرَ الخازِيَة الوَسيطةَ لدى الخالِقِ غيْرَ المرْدودَةِ، لا تُعرِضي عَنْ أصواتِ طلباتِنَا نَحْنُ الخَطأة، بَلْ تدارَكينا بالمعونةِ بما أنَّكِ صالِحَة، نَحنُ الصّارخينَ إليكِ بإيمان: بادِري إلى الشَّفاعَةِ وأَسْرِعي في الطِّلْبَةِ يا والِدَة الإلهِ، المُتشَفِّعَةَ دائمًا بمكرِّميك.