موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ١ مايو / أيار ٢٠٢٠

أحد الصلاة من أجل الدعوات

بقلم :
الأب منويل بدر - الأردن
الأحد الرابع من الفصح: أحد الصلاة من أجل الدعوات في الكنيسة

الأحد الرابع من الفصح: أحد الصلاة من أجل الدعوات في الكنيسة

 

قال يسوع عن نفسه: أنا الرّاعي الصّالح!

 

قالوا: في القرون الوسطى كان فرضا على العائلات أن تُنجِبَ أقلَّه ثلاثة أولاد، للسبب العملي البسيط: الولد الأول ليرث وظيفة الأب، وهي غالبا ما كانت وظيفة الفلاحة ورعاية المواشي، والثاني ليصبح جنديّا لخدمة الوطن، وأمّا الثالث فلخدمة الكنيسة بوظيفة كهنوتية أو رهبانية. أمّا السّؤال المُحرج اليوم، خاصة في الدّول الأوروبيّة: كم هي العائلات التي تنجب هكذا أعداد من الأولاد؟ وَقَعَتْ مرّة إحصائيّة في يدي تقول: في ألمانيا، هناك مليون عائلة بولد واحد. مليوني عائلة بولدين. 3 ملايين عائلة بـ3 أولاد، و4 ملايين عائلة بـ4 أولاد، وما زاد عن ذلك بين الملايين المتزوجين أو العائشين فقط بدون شهادة زواج تحت سقف واحد، فنادرًا ما تلاقي عائلة بـ5 أولاد أو ما فوق، بل الأكثريّة الساجقة تعيش بلا أولاد. فأين هي العائلات التي يمكن للدعوات أن تنمو فيها؟ هذا وبرأيي أن من أكبر المشاكل هو قلّة الأولاد في العائلات. فهذا أساس الصعوبات لتجنيد الكثيرين، إن صحَّ التعبير، لحماية الدّين والكنيسة من العولمة والإلحاد.

 

إنه لا جدال فيه، أنّ الحياة الرهبانية والكهنوتية ليست فقط ضرورية، بل لها أولويّة في الوظائف الدّينية. لكن بما أن المُرشحين للكهنوت، هم من مبدئيا من طبقة الشبيبة، فما عادت هذه الشبيبة، بسبب انغماسها وانهماكها بالتكنولوجيا بل وإغراآتها، ما عادت تفتكر أو تعرف شيئا عن وظيفة الرّاعي الكاهن، بل سلّطت كل قواها وتفكيرَها على وظائف عصريّة مختلفة، هدفها كَسبُ المال. أما اختيار أو التفكير بوظيفة الرّاعي، فما عاد لها مكان في حياتهم. إن وسائل السّير المتوفرة، ابتداءً بالسيارة جعلتنا يوميا نتنقّل من مكان إلى مكان، وما عاد أيّ إنسان يُعجب بوظيفة الرّاعي، الذي ليس في حياته أي تغيير والسير ببطء كل يوم مع الخراف، لا يختلف كثيرا عن اليوم السّابق. بينما هناك وظائف أنظف وأرقى ومربّحة أكثر من العيش مع المواشي. هذا هو التفكير اليوم.

 

نحن ننسى، أنّ وظيفة الرّاعي في العهد القديم كانت من أرقى الألقاب والوظائف، إذ من هذه الفئة كان الشعب يختار ملوكه وحكامه. من أشهر الرّعاة اّلذين نعرفهم: قائين كان راعي. داؤود كان راعي. شاوول كان راعي. أكبر الموظّفين في الشعب كانوا من طبقة الرّعاة. رؤساء الكهنة كانوا يُختارون من الرّعاة. يسوع سمّى نفسه راعي: "أنا الرّاعي الصّالح".

 

لقد أصبح اختيار وظيفة كنسيةُ شبهَ مخجلٍ للشبيبة، كوظيفة الفلاح وراعي المواشي. فمن يريد أن يحمل جواز سفر مكتوب فيه الوظيفة: راعي مواشي! ومن لا يتذكر بهذا الصدد كيف أنَّ المسيحيين الأوّلين كانوا يخجلون من الصليب، لذا فهم اختاروا ليسوع لقب الراعي، وصنعوا له تماثيل في السّراديب التي كانوا يعيشون فيها وعلى مداخل مقابرهم كراعٍ، يحمل خروفا على أكتافه. هذه كانت أوّل صورة ليسوع نعرفها.

 

اليوم، الأحد الرابع بعد الفصح، معروف بأحد الرّاعي الصّالح، لكن للأسف صار هذا اللقب اليوم ليس فقط مُخجلا، كما ذكرت، بل ومشبوهاً به، خاصة بعد انتشار خبر التعدي الجنسي من قبل بعض المرتبطين بهذه الوظيفة، على بعض الأطفال أو الموظّفين في الكنيسة. إن الصّحف والسوشيال ميديا قد استغلّت الظرف وهوّلت به ما استطاعت، كأن هذا لا يجري إلاّ في الكنيسة وحدها. بينما الإحصائيات تقول: نسبيا، إنّ ما يحدث في حقل الكنيسة هو أقل بكثير، ولا يُقارن بما يحدث في المجتمع في هذا المجال. الكنيسة تقول: إنّ حالةً واحدةً بالنسبة لها هي كثيرة، لكن الصحف وجدت لها مسربا ومنفسا جديدا، كان مخفيّا، تُلهي به قُرّاءها، شَوّهت به وجه الكنيسة وأعطت عنها طابع الشمولية، كأنَّ كلَّ موظفيها ومؤسساتها فاسدة، فصدّقتها العقول الساذجة، والغير متعمِّقة في الدّين، ووصل التهجم على الكنيسة وموظفيها ومؤسساتها رقمَه القياسي، فأخذ الكثيرون هذه التهجمات المُغرضة سببا للخروج من الكنيسة، علما بأن أكثرهم ما كان له أية علاقة بالحياة اليومية مع الكنيسة أو الدّين. وهنا هم استغلّوا الظرف ،ليثوروا على ما لا يُعجبهم في حقل الكنيسة، وأهمُّه دفع الضرائب الكنسية الإجباري. فوجدوها مناسبة ملائمة لإعلان خروجهم من الكنيسة وذلك لتوفير قسطما ولو بسيطا من هذه االضرائب، طلباً للترفيه والأفراح الخاصّة، بدل دعم الكنيسة في مشاريعها ومسؤوليّاتها الإجتماعية: كبناء المدارس والجامعات والمستشفيات وملاجئ للمسنّين والمُعوّقين وبناء وتصليح الكنائس. هؤلاء هم كيهوذا، الذي باع يسوع بثلاثين من الفضّة.

 

 طبعا هذا الخبر، أي ترك الكنيسة، التي هم كانوا تاركينها صامتين من زمان، كان من بين الأسباب الكثيرة، لكنه أثبت نفسه في مقدّمة الأسباب، التي جعلت الكثيرين يعدلون عن التقدم لوظيفة الكهنوت، التي هي من أسمى الوظائف: أعني خدمة البشر والتبشير برسالة المسيح في العالم، الذي هو بأمسّ الحاجة لهذه الرسالة، ممّا أدّى إلى تراجع في الإقدام على الوظائف الكنسية والرهبانية، ووَضَعَ الكنيسة في موقف صعب بالنسبة لتأمين كلِّ رعية أو كنيسة بكاهن خاص، كما كانت الحال حتى سنين ثورة الشبيبة في الستينات من العالم المنصرم.

 

نتفاجاُ مرارا بالخبر: في المدينة الفلانية، تسحب الرّهبنة الفلانية آخر رهبانها أو راهباتها، أو تتخلى الكنيسة عن هذا المستشفى أو ملجأ العجزة، الذي أدارته تلك الرهبة لآكثر من مئة سنة أو لمآت السنين، وذلك لعدم توفر راهبات جُدُد، للقيام  بالعمل فيها. كما ونسمع بل ونعيش نفس المشكلة في الكنيسة، إذ أنّه لعدم توفّر وجود كهنة جدد، إضطرارا تلتحق هذه الرّعية بجارتها، وبهذا يزداد عدد الرعايا التي تضطر لإغلاق كنائسها وأديرتها أو بيوت سكن الكهنة السابقين. فعاد من الواضح أن الكنيسة في أزمة غير سابقة، وما عادت قادرة على توزيع كهنتها على عدد رعاياها كما كان الحال قبل 30 أو 40 سنة. فالكل يتساءل اليوم عن سبب قلّة الذين يسمعون نداء الله ويختارون الكهنوت؟ لماذا صار من الصعب على المدعوّين أن يأخذوا القرار الحاسم لحياتهم؟

 

هناك كاتب بولوندي Milan Kundera عاش في باريس، وكتب عن قلة الدعوات بهذا المعنى، قال: قديما كان يدخل الدّير أولئك الّذين ما كانوا يقبلون بملاذ العالم لأنها ليست ملاذّهم. امّا في عصرنا الحاضر، فيرفض العالم إعطاء الحق لأُولئك الّذين يختارون وظيفة فيها أفراح لا يقبلها هو. لذا عاد عدد الأديرة صغيرا وقليلا.

 

إن الكنيسة اليوم تعيش في حالة لا تُحسد عليها، خاصة في مجتمع أصبح علمانيا، حتى لا نقول معاديا للدّين، متعدد الجنسيات والإتجاهات الدينية، بل مبنيّاً على الماديات والملاذ الفانية، أضف إلى ذلك عالم تكثر فيه الحروب والمظالم بحق الشعوب الضعيفة، فما عاد لرسالة المسيح، ،الدّاعية بالسلام والعدالة واحترام حقوق الصّغار والمظلومين، من تأثير في الحياة اليومية، بسبب رفض تدخّل الدين بالحياة العامة، بحجة الحرّيةِ الدّينيّة( لنقل الكاذبة) فما عاد الدّين يلعب دوره الكبير السابق، هذا وقد قلّ عدد المصلين الّذين يزورون قداس أيام الآحاد والأعياد، ممّا جّر معه قلة منح الأسرار وقبولها، العماميد يقبلها القليل، التثبيت أو الزّواج الكنسي نزلا إلى درجة لا تلائم نسبة عدد المؤمنين.

 

عام 1958 ظهر لاهوتيّ فرنسيّ مشهور، كتب كتابا بعنوان: أوروبا أصبحت مناطق تبشير، عنى فيه الجهتين: أي أن الإيمان أصبح خفيفا في قلب أوروبا المسيحية، وثانيا أن المبشرين صاروا قليلين وعليهم الإعتناء بماطق كبيرة. هذا من جهة، ومن جهة ثانية بسبب أنَّ الثقافة الدّينية، فقدت أُسُسَها المتينة، فهي  ما عادت عميقة بل سطحية وغير مُقنعة. طبعا في جوٍّ مثل هذا، لا يمكن أنْ تنمو الدعوات الكنسية الكهنوتية. وهل نعجب من جهة ثالثة، أن عدد المبشرين أصبح قليلاً: العمل كثير وأمّا العمّال فقليلون. قبل مدّة أيضا صدر كتاب بعنوان: في مدينتك صحراء

 

"In deiner Stadt ist Wüste" هذه هي حالة الكنيسة اليوم. فبسبب الجفاف لا ينمو في الصحراء شجر مثمر، بل فقط الشوك والحسك، والدعوات أيضا لا تنمو على أرضيّةٍ جافّةٍ، بل الإيمان، سواء في العائلة أو الرعية، هو الماء الذي يجعلها تزهر، وهو غير قوي. فكم هي مسؤولية المعنيين مطلوبة، للتكاتف والعمل معاً لإحياء هذا الإيمان، كما قال المجمع الفاتيكاني الثاني: حقل الدّعوات هو إيمان الرعايا. إن خفّ الإيمان، سواء في البيت أو في الرّعية، فتخفُّ الدّعوات أيضا في الكنيسة.

 

بلا شك أنَّ العائلة هي العش الأوّل الذي تنمو فيه الدعوات بشرط أنْ يُلاقى المُتقدِّمُ الدّعم والتشجيع والترحيب الكافي من كل أفراد العائلة لهذه الرغبة، إذ فقط إن وقع الزرع على أرض خصبة، يعطي ثمرا، ولكن كما ذكرت في البداية، فإنّ قلَّة المواليد في العائلات هي عائق كبير لعدم الإقبال المُكثّف المعروف على هذه الوظيفة السامية، بل إن الأهالي عادوا في كثير من الحالات حجر عثرة على طريق الإختيار لهذه الوظيفة، وهم أنفسهم أوَّلُ من يضع العراقيل في طريق ابنِهم أو إبنتِهم، حينما يُعرب هؤلاء عن رغبتهم لاختيار هذا الطريق. فردّة الفعل سواء عند الأهل أو الأصدقاء هي مُحْبِطة، حيث يسمع الراغب تعليقات كهذه: أنت شاب في مقتبل العمر، فكيف تسمح لنفسك أن تضحي بحرِّيتِك وتدخُلَ الدّير؟ لماذا تريد أن تُضحّي بوظفتك البارزة والتي تُوفِّر لك حياةَ رفاهية لن تجدها في الدّير؟ خاصة اعتراض الأهل: لقد صرفنا عليك الكفاية حتّى أوصلناك إلى ما وصلت إليه، فهذا نكران جميل لما فعلناه لك. وكثير غيرها من هذي الإعتراضات، التي تضع وسواساً في عقل ابنهم أو ابنتهم، فيعدلون عن هذا الأرب. ولنقل كمؤمنين: عن سماع صوت الله فيهم، فيختنق.

 

طبعا من يهتم ويتابع موضوع النقص في النشء الكهنوتي يجد له أسباباً عديدة، لكن هناك سببا نعتبره من أكبر الأسباب، ألا وهو ضعف بل لنقل أزمة الإيمان، أمام مُغريات الغنى والأزمة الأخلاقية، التي تُبعد عن مطلب الكهنوت. الإيمان الحي ،يُحيي معه روحَ المحبّة لهذه الدّعوة. العالم الجغرافي له خوارطه، فكلّما كانت خارطة بلد أكبر، كلما كان عدد السكان عليها أكبر، وإمكانياته أقوى. لكن خارطة الدعوات غير مرتبطة بخارطة جغرافية، وإنما بخارطة الإيمان، لا فرق بين عدد أبناء الكنيسة. إن كان الإيمان حيّاً قويّاً، فهنا نجد أيضا دعوات كهنوتية او لنقل كنسية حيّة.  والكنيسة كالمصانع، فلكي تبقى الصّناعة في تحسّنٍ والمصانع دائمة الإنتاج، هي بحاجة لعمال كفوئين عددا وعُدّةً، وإلا فإن منتوجها سيتقلّص وتضعف. إذ نجاح أي مصنع تجاري مرتبط بعماله. كذلك الكنيسة، فهي بحاجة إلى دعوات جديدة تدلّ على تجدُّدِها وحيويَّتِها.

 

ومن أسباب قلة الدّعوات اليوم أيضا هو ليس فقط الولادات القليلة، بل هناك سبب آخر يُعيق نشؤ الدّعوات وسط العائلة، ألا وهو الوضع العائلي العام. فكما تقول الإحصائيات إن كل ثالث زواج إما وصل إلى مرحلة الإنفصال أو الطلاق. ففي جوٍّ عائليٍّ كهذا لا تنمو الدعوات إلاّ نادرا. وحيث لا يوجد إلاّ ولدٌ وحيدٌ في العائلة فنادرا ما تأتي الفكرة، لترك الورثة واختيار الكهنوت، كما فعل القديس فرنسيس. كذلك تربية الشبيبة الدّينية اليوم، فهي ما عادة لا وافية ولا مُلزمة، إذ تقديم الدّين يبقى لها سطحيّا، بدون توضيح وبدون الحث على اتخاذ قرار شخصي، بل هي فقط ،عرضٌ كباقي عروض التربية والثقافة، لا تسمح له بالتفكير العميق، الذي يجعله يقرر اختيار وظيفة حاسمة لحياته.

 

هذا ولا ننسى التفكير في النّاحية المادّيّة، الذي يبدو عائقا لعدم اختيار وظيفة الكهنوت. فكثيرون يتساءلون عن قضية المعاش، وبالتالي ينسون الموضوع، إذ هم يقولون هناك وظائف تدرّ علينا لبنا وعسلا ولا تتطلّب منا التضحية الكاملة بوقتنا وبارتباطنا كلَّ آخر أسبوع وكلّ عيد ويوم عطلة بمقابل مدخول قليل. وهذا يدل على الصّورة الغامضة التي في عقل الشبيبة عن هذه الوظيفة الرفيعة الرائعة. فالذي يريد أن يصير كاهنا، عليه أن يُضحي بالمادّيات الغير ضرورية، وبعض الكماليات، التي تُعطي انطباعا سيئا عن هذه الوظيفة، فما الكاهن بحاجة إلى شراء أحدث موديلات السيّارات وأغلاها، دون ذكرِ كماليّاتٍ أُخرى، حتى نذكر هذا فقط. وهنا يمكن أن يكون الخطأ عند المسؤولين، الّذين ما أوضحوا للشبيبة، أن محور هذه الدّعوة، هو ليس المال ولا المكافآت، وإنما التضحية بالذات للمحتاجين. هو إعطاء فكرة عن عمل المسيح للبشر، يحبّهم، يعزّيهم، يغفر لهم ذنوبهم. إن الإنسان يعيش في عطش دائم لله، فمن يُخمِدُ له عطشه هذا، إن لم يكن خادمُ الله: إذ ليس لأحد حبٌ أعظم من أن يضحّي بحياته لأحبّائه. كذلك دور الصحافة ضئيل عندما تتحدّث عن هذا الموضوع، إذ تُقارنُه فقط بالوظائف العالمية، وهذا غير صحيح. فللإطمئنان فقط، على طالب الكهنوت أن يعرف، أنه لن يجوع لاختياره هذه الوظيفة، ولن يحتاج ليُسجِّل اسمه عند الضرورة في المكاتب التي تهتمّ بالعاطلين عن العمل، أو لأخذ قرض من البنك.

 

نحن ننسى أنّ لله النصيب الأكبر في إحياء الدعوات، فروحه يهبّ من غير أن نعرف من أين يهبّ، أو مَنْ يختار، فهو الذي قال: أنا اخترتكم. أطلبوا من ربِّ الحصاد أن يُرسِل عملة إلى حصاده(متى 9: 38). لا ننسى أن الصّلاة من أجل الدّعوات هي ركيزة اساسيّةٌ مهمة وأساس متين، تُبنى عليه الدعوات في الكنيسة ، لتحرّك قلب الله أن يُرسل عملةً إلى حقله

 

الأحد الرابع بعد الفصح يحمل اسمَ أحد الرّاعي الصالح، نقرأ فيه الإنجيل الذي يقول فيه يسوع: أنا الراعي الصالح. تعتبره الكنيسة يوما مناسبا، لتنادي وتشجّع أبناءها، في كلِّ أنحاء العالم أن يُصلّوا بشكل جماعي طالبين من الله أن تثمر كنيسته ثمار الدعوات الكهنوتية، التي هي بأمس الحاجة لها اليوم. في صلاة قانون القداس، هذه الطلبة الجميلة: أرسل يا رب عمالا لكنيستك، حتى من هذه الرّعية. يشجعنا في ذلك ما قال يسوع في مكان آخر: صلوا ولا تملّوا فإن كلَّ ما تطلبون من الآب باسمي يعطيكموه.

 

أُنهي هنا بكلمات أحد الأساقفة في رسالته لأبرشيته في يوم الدعوات هذا: المطران هو Hans-Josef Becker von Paderborn:

 

يا أبنائي!

لأننا لا نريد أن يكون الله وابنه يسوع المسيح غريبا لأبنائنا

لأننا نشعر بأننا مسؤولون، أن الأجيال القادمة يجب أن تعرف ما هي الصلاة وتعرف عن قوة ومفعول الإيمان في أيام الفرح والترح

لأنه يهمنا أنّ تشترك عائلاتنا بالصلاة الجماعية والقداس الإلهي وقبول الأسرار ومنها سر المصالحة مع الله

لأنه يهمنا أن مرضانا، خاصة الذين على فراش موتهم، ألاّ يتركوا هذا العالم بدون خدمتنا الرّوحية

لأننا نريد أن تبقى كنائسنا وأديرتنا، أماكن تعبد وصلاة، لا متاحف تاريخية

لذا فلنتحمّل سويّة مسؤولية وجود دعوات من أبنائنا.

وكأُسقفكم أرجوكم أن تتحملوا معي همّي لتشجيع الدعوات في رعاياكم بالصلاة الجماعية وخلق جوّ ملائم، تتولّد فيه الدّعوات. وإن أمكن صلّوا في العائلات دعما لوجود هذه الدعوات وآخيرا لا آخراً ساعدوا أولادكم أن يربطوا صداقة خاصة مع سيدنا يسوع المسيح.

فأنا مقتنع أننا إذا قمنا بواجبات كهذه، أن الدعوات ستنمو في راعايانا.