موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٢ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٠

أحد آباء المجمع المسكوني السابع 2020

بقلم :
الأب بطرس جنحو - الأردن
أنتَ أيها المسيح إلهنا الفائق التسبيح، يا من أسستَ آباءَنا القديسين على الأرض كواكب لامعة، وبهم هدَيتنا جميعاً إلى الإيمان الحقيقي، يا جزيل الرحمة المجد لك

أنتَ أيها المسيح إلهنا الفائق التسبيح، يا من أسستَ آباءَنا القديسين على الأرض كواكب لامعة، وبهم هدَيتنا جميعاً إلى الإيمان الحقيقي، يا جزيل الرحمة المجد لك

 

الرِّسَالة 

مباركٌ أنت يا ربُّ إله أبائنا،

لأنَّك عدلٌ في كلّ ما صنعتَ بنا 

 

فصل من رسالة القديس بولس الرسول إلى تيطس

(تيطس 3: 8-15)

 

يا ولدي تيطُسُ صادقةٌ هي الكَلِمةُ وإيَّاها أُريدُ أن تقرِّرَ حتَّى يهتمَّ الذين آمنوا باللهِ في القيام بالأعمال الحسنة. فهذه هي الأعمالُ الحسنةُ والنافعة. أما المُباحَثات الهذَيانيَّةُ والأنسابُ والخُصوُمَاتُ والمماحكاتُ الناموسيَّة فاجتنِبْها. فإنَّها غَيرُ نافعةٍ وباطلةٌ. ورجُلِ البدعَةِ بعدَ الإنذار مرَّةً وأُخرى أعرِض عنهُ، عالِماً أنَّ مَن هو كذلك قدِ اعتَسفَ وهُوَ في الخطيئةِ يَقضي بنفسهِ على نَفسِه. ومتَى أرسلتُ إليكَ أرتمِاسَ أوتِيخيكوسَ فبادِرْ أن تأتيني إلى نيكوبولِس لأنّي قد عزمتُ أن أُشتّيَ هناك. أمّا زيناسُ معلِّم الناموس وأبُلُّوسُ فاجتَهد في تشييعهما متأهّبين لئلّا يُعوزَهما شيءٌ، وليتعلَّم ذوونا أن يقوموا بالأعمال الصالِحةِ للحاجاتِ الضَّروريَّة حتَّى لا يكونوا غيرَ مثمرين. يسلّمُ عليكَ جميعُ الذين معي، سَلِّمْ على الذين يُحبُّوننا في الإيمان. النّعمةُ معكم أجمعين.

 

الإنجيل

 

فصل من بشارة القديس متى

(متى 5: 14-19)

 

قال الربُّ لتلاميذه: أنتم نورُ العالَم. لا يمكنُ أن تَخفْى مدينةٌ واقعةٌ على جبلٍ، ولا يُوقَد سِراجٌ ويُوضَعُ تحتَ المكيال لكِنْ على المنارة ليُضيءَ لجميع الذين في البيت. هكذا فليُضئ نورُكم قدَّام الناس ليَروا أعمالكم الصالحةَ ويُمَجدوا أباكم الذي في السماوات. لا تَظُنّوا أنّي أتيتُ لأحُلَّ الناموسَ والأنبياءَ، إنّي لم آتِ لأحُلَّ لكن لأُتممّ. الحقَّ أقول لكم إنَّهُ إلى أن تَزولَ السماءُ والأرضُ لا يزولُ حَرْفٌ واحدٌ أو نُقطةٌ واحِدةٌ من الناموس حتى يَتمَّ الكلُّ. فكلُّ مَن يَحُلُّ واحدةً من هذه الوصايا الصغار ويُعَلّمُ الناسَ هكذا، فإنَّهُ يُدعَى صغيراً في ملكوتِ السماوات. وأمَّا الذي يعمَلُ ويُعلّم فهذا يُدعى عظيماً في ملكوت السماوات.

 

بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين.

 

أيها الأحباء: النور يعني الشيء الكثير، يعني الجواب على تساؤلات الإنسان حول معنى وجوده، معنى حياته وموته، معنى وجود الآخرين إلى جانبه. ولكنه ليس نورًا للعقل وحسب يكشف له غوامض الأمور، بل كما أن النور ليس فقط ينير الطريق ولكنه يبهج القلب أيضًا وينعشه، هكذا نور المسيح يخرجنا من "الظلمة الخارجية" التي يتكلم عنها الإنجيل، أي ظلمة عزلتنا عن الله وعن بعضنا البعض وعن أنفسنا، تلك العزلة المريرة التي هي الجحيم بعينه. نور المسيح ليس فقط ينير العقل ولكنه يحوّل القلب فيبث فيه حياة الله عينها جاعلاً إياه في ألفة مع الله ومع الآخرين وفي سلام مع نفسه، وينشر فيه الطمأنينة والفرح. النور المادي يحمل قوة الشمس التي تحيي الخلائق، وهكذا نور المسيح، "شمس العدل"، هو نور الحياة، يحيينا ويبهجنا ويوقظ فينا كل خير "لأن ثمر النور لفي كل صلاح وبر وحق" (أفسس 5: 8و9). النور حيث شعار الشمس أو ضياء المصباح يعطى لكل موجود صورته الفعلية وإن وجدت الظلال فهى تزيد المشهد جمالاً، ونور الشمس أو القمر هو المثال الذى يتحدث عنه المسيح حينما يقول "أنتم نور العالم".

 

ونحن الآن بصدد بحث هذا فكيف من جهة هو نورَ العالم،  ومن جهة أخرى، نكون نحن نورَ العالم؟. طبعاً حاشا للسيّد أن تكون في كلامه أيّة ازدواجيّة، أو أن يقول، في موضع، كلاماً  يناقضه، في موضع آخر، كلامٌ  له آخر. فإذا كان السيّد، في ( يوحنا 9:5) هو نورَ العالم، فلأنّه هو النور الحقيقيّ على نحو ما نعبّرعنه  في خدمة القداس الإلهيّ إذا نقول، بعد  المناولة، "قد نظرنا النّورَ الحقيقيّ...."، أي لأنّ النور هو منه وفيه، هو من جوهره وليس شيئاً خارجاً عنه فهو يستمدّ هذا النور من أبيه السّماويّ  باتّلاده أزليًّا منه ليكون، كما نؤمن به في دستور إيماننا، "النّور من النّور، الإله الحقّ من الإله الحقّ"، وليكون بالحقيقة، وكما تصفه الطقوس الليتورجية، "شعاع الآب". أليس هذا هو النورَ الذي شعّ منه على طور ثابور تجلّيًا لمجده ولم يرَ منه التلاميذ إلاّ ما استطاعوا رؤيته قبل أن يسقطوا على الأرض؟

 

أي إِنّنا مصابيحُ للنّور الذي ليس منّا، الذي يستودعنا إيّاه هو ربّنا يسوع المسيح، لهذا النور الذي ننظره في كلّ قداس إلهيّ، كما ذكرته سابقاً ، لهذا النور الذي لا يعروه مساءٌ  والذي نأخذ منه في سحر الفصح عندما نسمع رئيس الكهنة أو الكاهن قائلأ: "هلُمُّوا خذوا نورًا من النّور الذي لا يعروه مساءٌ". إنّنا مصابيحُ لهذا النور كيما ينظر الناس إلينا فيستنرون، لا بِنا، بل بالنّور الذي يوشّحنا به هو "أنتم نور العالم".

 

في العظة على الجبل وسياق التطويبات التي فاه بها يسوع على الجبل معلماً الجموع تاتي هذه الدعوة، وكأني بالسيّد أرادها تتويجاً لتطويباته ليقول لنا: بعد كلّ الذي سمعتموه منّي، إذا عرفتم أن تكونوا نور العالم، فالطّوبى لكم. هذه دعوتنا. فإمّا نحن كاشفون لنور المسيح، وتالياً مُعَدُّون لقيامة الحياة، أو نحن حاجبون له، وتالياً معَدُّون لقيامة الدينونة. فلنُبادر قبل الأوان ولنُدرك ما فاتنا، لئلاّ نسمعه صوته يبكّتنا: "إذا كان النّور الذي فيكم ظلامًا، فالظلامُ كم يكون؟" (متى 6 : 23).

 

على رسل المسيح المؤمنين به، أن يكونوا قريبين من شخصه، فيستنيروا بنوره، وبقدر ما يستنيرون، ينيرون، وعليهم أن لا يسمحوا للأرض وحطامها بأن تقف حائلاً بينهم وبين فاديهم. فكما أن الخسوف الطبيعي يحدث عادة إذا توسطت الأرض بين الشمس والقمر، كذلك (الخسوف الروحي) يقع إذا توسط العالم ومادته وعالميته بين المسيح: (شمس البر) وبين المؤمنين به. وعليهم أن يظهروا شخص المسيح وصفاته في خدمتهم، لا أن يظهروا ذواتهم. فإنّ مهمة المؤمنين بالمسيح هي إعطاء أكبر فرصة وإفساح أعظم مجال أمام نور المسيح، لكي ينتشر في العالم.

 

الله نور وساكن في النور وتسبحه ملائكة من نور. وتنبأ أشعياء قديما عن السيد المسيح " أنا الرب قد دعوتك للبرّ، فأمسك بيدك وأحفظك، وأجعلك عهدًا للشعب، ونورًا للأمم، لتفتح عيون العمي، لتخرج من الحبس المأسورين من بيت السجن، الجالسين في الظلمة" (اشعياء ٤٢: ٦–٧). والسيد المسيح له المجد يشبه حياة الإنسان برحلة وسط عالمٍ مظلمٍ، يحتاج إلى النور الحقيقي ليشرق عليه ويرافقه فلا يتعثر في الطريق. فيليق بنا أن نتبع الرب ونسترشد به في كل أمور حياتنا. إنه النور الحقيقي الذي نجد فيه سلامنا ويكون سراجًا ليس لعيوننا فقط بل ولقلوبنا وعقولنا وأرواحنا يقودنا في هذا العالم ويرفعنا بروحه القدوس إلى السماء.

 

المجمع المسكونيّ السابع

 

التأم في مدينة نيقية مجمع عُرف بالمجمع المسكوني السابع بين الرابع والعشرين من شهر أيلول والثالث عشر من شهر تشرين الأول من العام ٧٨٧م، رعت أعماله الأمبراطورة إيريني بصفتها الملكة الوصيّة على ابنها القاصر قسطنطين السادس البرفيري الذي لم يكن قد تجاوز العاشرة من العمر.

 

رأس المجمع البطريرك طراسيوس، بطريرك القسطنطنيّة، وحضره ممثّلون عن البابا أدريانوس وبطاركة كلّ من الاسكندرية وانطاكية وأورشليم. وقد بلغ عدد المشتركين ٣٧٦ شخصًا، إلى جانب عدد كبير من الرهبان.

 

الغرض الأساسيّ من هذا المجمع كان إبداء موقف الكنيسة بشأن موضوع إكرام الإيقونات، استنادًا إلى المجامع المسكونيّة السابقة وتعليم الآباء الموقّرين، وإعادة الإيقونات إلى صلب الحياة الكنسيّة بعدما كان الموقف الرسميّ المدعوم من السلطات المدنيّة الموحى به منها قد حظّر إكرام الصور الكنسيّة وعمل على مصادرتها وإتلافها وملاحقة مكرّميها والمدافعين عنها.

 

وجدير بالذكر أن الاضطهاد كان قد بدأ بمرسوم ملكي أصدره الأمبراطور لاون الثالث الإيصوري عام ٧٢٥م. واستمرّ في عهده إلى العام ٧٤١م. ثم في عهد ابنه قسطنطين الخامس الملقّب بالزبلي (٧٤١ – ٧٧٥م).

 

وأدّت موجات الاضطهاد المتلاحقة في هذه الحقبة إلى استشهاد البعض وتعذيب ونفي الكثيرين.

 

عقد المجمع ثماني جلسات، وأصدر (٢٢) قانونًا، واقتبل عددًا من الأساقفة المبتدعين ممن جاؤوا تائبين. كما أبسل (المجمع) البطاركة الهراطقة والمجمع المزعوم المنعقد في هنغاريا في العام ٧٤٥م، وغبّط ذكر الآباء الذين دافعوا عن الإيمان الأرثوذكسيّ القويم.

 

الطروباريات

 

طرروبارية القيامة على اللحن الثالث

لتفرح السماويّات، ولتبتهج الأرضيّات، لأنّ الربّ صنع عزّاً بساعده، ووطيء الموت بالموت، وصار بكر الأموات، وأنقذنا من جوف الجحيم، ومنح العالم الرحمة العظمى.

 

طروباريّة الآباء باللّحن الثامن

أنتَ أيها المسيح إلهنا الفائق التسبيح، يا من أسستَ آباءَنا القديسين على الأرض كواكب لامعة، وبهم هدَيتنا جميعاً إلى الإيمان الحقيقي، يا جزيل الرحمة المجد لك.

 

القنداق باللَّحن الثاني

يا شفيعةَ المَسيحيّين غَيْرَ الخازية، الوَسيطةَ لدى الخالِق غيْرَ المرْدودةِ، لا تَعرْضي عَنْ أصواتِ طلباتنِا نَحْنُ الخَطأة، بَل تداركينا بالمعونةِ بما أنّكِ صالِحة، نحنُ الصارخينَ إليكِ بإيمان: بادِري إلى الشَّفاعةِ وأسرَعي في الطلبةِ يا والدةَ الإلهِ المتَشفّعةَ دائماً بمكرِّميك.