موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٤ فبراير / شباط ٢٠٢٢

ما هو الموقف الكاثوليكي أمام الحرب؟

ليرشد يسوع المسيح، أمير السلام، قلوبنا نحو طريق السلام

ليرشد يسوع المسيح، أمير السلام، قلوبنا نحو طريق السلام

الأب جيمس مارتن اليسوعي :

 

ما هو الموقف الكاثوليكي أمام الحرب؟

 

للإجابة على هذا السؤال، يمكنني أن أحدثكم عن ما فعله يسوع قبيل آلامه، كما ورد في إنجيل متى (راجع 26: 47-54). في مرحلة ما، تم القبض على يسوع في بستان الجسمانية من قبل مجموعة تحمل السيوف والعصي. ومن منطلق الرغبة في الدفاع عن يسوع، أخذ أحد تلاميذه سيفًا وقطع أذن خادم عظيم الأحبار. فقال له يسوع: "إغمد سيفك، فكل من يأخذ بالسيف بالسيف يهلك". ثم في إنجيل لوقا (راجع 22: 49-51) يقوم السيد المسيح بشفاء هذا الرجل. وهكذا، فإن معجزة يسوع المسيح الأخيرة قبل قيامته من بين الأموات كانت إحدى معجزة المصالحة، بعد أن هاجمه أحدهم.

 

أو يمكنني أن أخبركم عن القديس فرنسيس الأسيزي الذي رافق جيوش أوروبا الغربية إلى مصر خلال الحروب الصليبية في القرن الثالث عشر. كان فرنسيس يأمل في التحدّث بسلام مع القادة المسلمين، حتى لو كان ذلك يعني موته كشهيد. لقد اجتاز خطوط المعركة واقتيد إلى السلطان الملك الكامل المعروف بـ"الحاكم الحكيم". لقد أدرك كلّ منهما إنسانيتهما ​​المتبادلة، وتحدثا عن الله، وبعد أيام عديدة من الحوار، أعطى السلطان فرنسيس هدية من العاج، وهي اليوم متواجدة في بازيليك القديس فرنسيس في أسيزي. كان مثالهما نموذجًا ليس فقط للحوار بين الأديان بل لحوار السلام.

 

كذلك، يمكنني أن أخبركم عن القديس البابا بولس السادس عندما ألقى خطابًا أمام الأمم المتحدة عام 1965، وكان ذلك في ذروة الحرب الباردة. قال حينها: "هذا يكفي! يكفي أن نتذكر دماء الملايين، والمعاناة التي لا تحصى التي لم يسمع بها أحد، والمجازر غير المجدية، والآثار المخيفة... لا للحرب مرة أخرى، لا للحرب أبدًا مرة أخرى! إنه السلام! والسلام الذي يجب أن يوجه مصير أمم البشرية جمعاء!".

 

بالتالي، لديك استجابة السيد يسوع المسيح عندما يحيط بك حراس مدججين بالسيوف والعصي. كما لديك ردة فعل القديس فرنسيس الأسيزي وسط الحروب الصليبية. ولديك أيضًا ردة فعل البابا القديس بولس السادس في ذروة الحرب الباردة.

 

أسئلة الحرب معقدة. لكن تعاليم الكنيسة الكاثوليكية واضحة: "نحن ضد الحرب". والشخص الذي أوضح هذا هو القديس يوحنا بولس الثاني. بالنسبة لأولئك الذين يقولون بأنّ "الكنيسة لا تفهم الحرب أو السياسة"، فإنني أدعوهم لكي يتذكروا بأنّ البابا يوحنا بولس الثاني قد عاش في ظل كلّ من الأنظمة النازية والشيوعية في بولندا، وخلال فترة حبريته، تعامل مع كل زعيم سياسي تقريبًا على المسرح العالمي. وهذا جزء من خطابه للدبلوماسيين عام 2003، وقت غزو العراق:

 

"لا للحرب! الحرب ليست دائمًا حتمية. إنها دائمًا هزيمة للبشرية. القانون الدولي، والحوار الصادق، والتضامن بين الدول، والممارسة النبيلة للدبلوماسية: هذه أساليب جديرة بالأفراد والأمم في حلّ خلافاتهم. أقول هذا وأنا أفكر في أولئك الذين ما زالوا يضعون ثقتهم في الأسلحة النووية والصراعات العديدة التي لا تزال رهينة إخواننا وأخواتنا في الإنسانية…. [و] مع الانحطاط المستمر للأزمة في الشرق الأوسط، لن يفرض الحل أبدًا باللجوء إلى الإرهاب أو الصراع المسلح، وكأن الانتصارات العسكريّة يمكن أن تكون هي الحل. لا يمكن أن يعتبر المرء الحرب كمجرد وسيلة ثانيّة يمكن اختيارها لتسوية الخلافات بين الدول".

 

في وقت الحرب، دعونا نطلب الصلاة: أيها القديس فرنسيس الأسيزي صلِّ لأجلنا. أيها القديس بولس السادس، صلِّ لأجلنا. أيها القديس يوحنا بولس الثاني، صلِّ لأجلنا. صلوا من أجلنا يا جميع القديسين والقديسات الذين عملوا من أجل السلام، وليرشد يسوع المسيح، أمير السلام، قلوبنا إلى طريق السلام.