موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ١٩ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٠

كُلّنا أخوة

باختصار: «كلنا أخوة»، وثيقة جديدة تحمل رسالة سامية لإنسان اليوم

باختصار: «كلنا أخوة»، وثيقة جديدة تحمل رسالة سامية لإنسان اليوم

الاب رفعت بدر :

 

قبل 800 عام، أطلق القديس فرنسيس الأسيزي هذا الشعار: «كُلنا أخوة وأخوات»، ليس فقط لعلاقة الإنسان مع أخيه الإنسان، ولكن أيضاً مع الطبيعة التي أحبها وسائر الكائنات الحية. وبعد ثمانيّة قرون، يوقع قداسة البابا «فرنسيس» رسالته الجديدة في بلد القديس المذكور أسيزي، بعنوان: «كُلنا أخوة» Fratelli tutti، لكي يعيد لذلك الشعار رونقه وحضوره في عالم اليوم المتعدّد بالإثنيات والقوميات والأديان وسائر مظاهر التعددية والتنوع، بعد 5 سنوات من توقيعه وثيقة «كن مسبّحًا يا رب» التي استلهمها فرنسيس القرن الـ21 من فرنسيس القرن الـ13 حول الاعتناء بالطبيعة والبيئة.

 

تأتي الرسالة الجديدة في روح وثيقة أبوظبي، المعروفة بـ«الأخوة الإنسانيّة» التي وقعها كل من البابا فرنسيس وشيخ الأزهر في العاصمة الإماراتيّة في شباط 2019. كما في ضوء العلاقات الأخوية الرابطة بين الفاتيكان والبطريرك الأرثوذكسي المسكوني في اسطنبول برثلماوس الأول، بالإضافة إلى علاقات الفاتيكان الرسميّة والدبلوماسيّة مع الدول والمنظمات الدوليّة. ولا ننسى أنها تأتي في سنة الوباء العالمي الذي جعل العالم من جديد أسرة واحدة تعيش في ظرف واحد يتأرجح بين الألم والأمل.

 

تدعو الرسالة إلى احترام قدسية الحياة، من لحظة الحبل بالإنسان إلى لحظة مفارقته الحياة بشكل طبيعي. وتدعو إلى إيقاف الحروب وتعزيز قيم المغفرة والسلام، ليتمكّن البشر «معًا» من مجابهة الأخطاء التي تهدّد الأسرة الكونيّة، مثل الفيروس الحالي (كوفيد-19)، كما وسائر الفيروسات الاجتماعيّة الأخرى كالتغيّر المناخي والبطالة والفقر وقضايا اللاجئين والمهجّرين.

 

وتدعو إلى عودة السياسة إلى هدفها الرئيسي في خدمة الشعب والخير العام. وتميّز الرسالة بين «الشعبية» و«الشعبوية»، فالأولى تهتم برأي الشعب وتأثير الرأي العام، بينما الثانية تتجاهل وجود الشعب في سبيل خدمة المصلحة الشخصية. وتدعو الساسة إلى إيجاد حلّ لكلّ ما يهاجم حقوق الإنسان الأساسية مثل الاستبعاد الاجتماعي والإتجار بالبشر والأسلحة والمخدرات والاستغلال الجنسي والإرهاب والجريمة المنظمة وغيرها..

 

أما دور الأديان، فهو أن تكون في خدمة الاخوّة في العالم. ولا إرهاب في الدين، بل هو يتأتّى بسبب تفسيرات خاطئة للنصوص الدينية، ومن الضرورة طبعًا الحفاظ على الحريّة الدينية لكل أفراد المجتمع بدون استثناء. ومن الأمور المميّزة لهذه الرسالة الدعوة إلى إلغاء عقوبة الإعدام من القاموس، وكانت في السابق مرفوضة مع بعض الاستثناءات، ولكن اليوم تذهب الكنيسة إلى إلغائها كليّة، ذلك أنّ هنالك طرقًا عقابيّة أكثر نجاعة وإنسانيّة.

 

باختصار: «كلنا أخوة»، وثيقة جديدة تحمل رسالة سامية لإنسان اليوم، لكننا بحاجة جميعاً إلى العمل اليومي لتحويلها من نص وحبر على ورق، إلى فعل يومي ومبادرات واقعية. مع التحية لجميع اخوتي واخواتي في الأسرة البشرية الواحدة.