موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ١٢ ابريل / نيسان ٢٠٢٣

كيفيّة تحديد تاريخ عيد الفصح

كيفيّة تحديد تاريخ عيد الفصح

كيفيّة تحديد تاريخ عيد الفصح

الأب رفعـت بدر :

 

يسأل الكثيرون عن عيد الفصح وتاريخه، لماذا تقدّم في التوقيت الغربي ولماذا تأخّر زمنيًا في الحساب الشرقي. ولماذا يأتي الفرق بين التوقيتين عادة لمدة أسبوع واحد فقط، وفي بعض الأحيان خمسة أسابيع، وفي أحيان أخرى يحل العيد بتوقيتيه معًا؟

 

للإجابة عن هذه الأسئلة، أستند إلى مقال منشور في مجلة «الكلمة» في عددها رقم 4 في نيسان 1985، لكاتبه الأب ميشيل صبّاح (البطريرك حاليًا). ونعود أوّلا إلى الأصل، حيث أخذ المسيحيّون في الأيام الأولى يذكرون حوادث آلام السيد المسيح وقيامته. وعيَّدوا هذا العيد مع فصح اليهود. لأن جميع حوادث الآلام وكذلك القيامة حصلت في فصح اليهود. ولهذا اتخذ العيد المسيحي الاسم نفسه أي عيد الفصح، لأن هذه اللفظة تعني العبور أو الانتقال من العبودية إلى التحرّر ومن الموت إلى الحياة.

 

وكان البعض يعيِّدون مع فصح اليهود وفي اليوم نفسه، وفي أي يوم من الأسبوع. ثم أخذ البعض يعيِّده يوم الأحد الواقع بعد فصح اليهود. وبما أن تحديد عيد الفصح متوقف على التوقيت القمري والشمسي في الوقت نفسه، اختلفت الطرق والحسابات. ولهذا نظر مجمع «نيقية» في قضيّة تحديد عيد الفصح عام 325م. ووضع القاعدة التالية: يقع عيد الفصح يوم الأحد الواقع بعد تمام البدر الواقع بعد 21/3 أي بعد بدء الربيع. يتبع العالم اليوم التقويم الغريغوري الذي يطلق عليه أحياناً اسم «التقويم الغربي».

 

وتتبعه جميع الكنائس في العالم. وقد تبنت هذا التقويم منذ عام 1924 الكنائس الأورثوذكسية في القسطنطينية واليونان وقبرص. وتتبع بعض الكنائس الأورثوذكسية حتى اليوم التقويم اليولي. التقويم الغريغوري أو الغربي هو التقويم اليولي المصحّح. ويجب أن نلاحظ أن التقويم «الغربي» بدأ في مدينة روما عام 1582 على يد البابا غريغوريوس، وكذلك التقويم اليولي أو «الشرقي» فقد بدأ هو أيضاً في مدينة روما على يد يوليوس قيصر عام 47 ق.م. فالتقويم الغربي غربي والتقويم الشرقي أيضًا هو غربي.

 

ففي عام 304 ق.م. كانت السنة الرومانية تقسم إلى عشرة أشهر أولها مارس أو آذار، وآخرها ديسمبر، الشهر العاشر حرفيًا. ثم أضافوا شهرين قبل مارس وهما يناير أو كانون الثاني، فبراير أو شباط. وبهذا، فان الشهر الأخير أي ديسمبر (العاشر) أصبح الشهر «الثاني عشر» وكذلك نوفمبر (التاسع) أصبح «الحادي عشر» واكتوبر (الثامن) أصبح «العاشر». وفي عام 46 ق.م. صحّح يوليوس قيصر التقويم معتبراً السنة 365 يوماً وست ساعات. وبقي بعد هذا الاصلاح خطأ، لأن السنة تتكون من 365 يوماً وخمس ساعات و48 دقيقة و51 ثانية. وهذه الفرقية الطفيفة أي 11 دقيقة و51 ثانية تشكل يوماً كاملاً كل 129 سنة. هذا هو التقويم اليولي والمعروف باسم التقويم «الشرقي». جاء الإصلاح الغريغوري عام 1582، وسمي نسبة الى البابا غريغوريوس الذي أمر بالعمل به.

 

عام 1582 كان الفرق بين التقويم اليولي وحقيقة دورة الشمس السنوية عشرة أيام. فكان اعتدال الربيع يقع في 11 أذار بدلاً من 21 آذار. ولهذا تقرّر حذف عشرة أيام واعتبروا أن ثاني يوم بعد 4/10 (اكتوبر) يكون 15 أكتوبر. ثم زادت الفرقية بين الحسابين الغريغوري واليولي بمقدار يوم واحد كل 129 سنة. ولهذا فالفرق اليوم بين التقويمين هو 13 يوماً. ولهذا بما أن الكنيسة الأورثوذكسية في الأردن وفلسطين تتبع التقويم اليولي غير المصحح، فإنا نجد فرق 13 يوماً في جميع الأعياد الكبيرة والصغيرة. فعيد الميلاد مثلاً يقع في 25/ 12 في الكنيستين، الا أن 25/12 في الحساب اليولي يقابل في 7/1 التقويم الغريغوري.

 

وهناك فرق آخر بين التقويمين فيما يختص بالسنة القمريّة أيضا: فالشهر القمري في التقويم اليولي متأخر أربعة أيام عن التقويم الغريغوري. فإذا كان عمر القمر مثلاً 14 يوماً في التقويم الغريغوري يكون عمره في التقويم اليولي عشرة أيام. فالخلاف إذن خلاف حسابي ولا صلة له بأمور الدين مطلقاً. والقاعدة واحدة للجميع وهي قاعدة مجمع نيقية منذ عام325. الا أن تطبيق القاعدة الواحدة يؤدي الى نتائج مختلفة لسبب تخالف التقويمين المتبعين المصحح وغير المصحح. وقد يكون الفرق بين العيدين أسبوعا واحداً أو أكثر. مثلاً: في العام الحالي وقع الحساب الغربي في 27/3 وفي الشرقي يقع في 1/5. وفي العام 2006 هنالك فرق أسبوع واحد (16/4 و 23/4) وفي العام 2007 يقع العيدان معا في 8/4.

 

خلاصة الحديث: ان جميع الكنائس تتبع قاعدة مجمع «نيقية» عام 325، وهي أن الفصح يقع يوم الأحد الواقع بعد اكتمال البدر بعد الربيع. وينجم الاختلاف عن أن معظم الكنائس تتبع التقويم الغريغوري المصحّح وبعض الكنائس الأورثوذكسية (ومنها كنيسة القدس) ما زالت تتبع التقويم اليولي غير المصحّح. والخلاف يتركز في نقطتين: في السنة الشمسية فرق 13 يوماً بين التقويمين. وفي السنة القمرية فرق أربعة أيام بين التقويمين.

 

(الرأي الأردنية، 4 نيسان 2005)