موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٢٣ سبتمبر / أيلول ٢٠٢٠

في مناسباتنا الاجتماعية.. دقت ساعة التغيير

في مناسباتنا الاجتماعية.. دقت ساعة التغيير

في مناسباتنا الاجتماعية.. دقت ساعة التغيير

الاب رفعت بدر :

 

في الأشهر الأخيرة، تسببت العديد من المناسبات الاجتماعية بمآسٍ صحيّة، ذهب ضحيتها العديد من المواطنين. وفي الواقع، لم تبدأ مآسي المناسبات فقط من وقت الجائحة الكورونيّة الكونية، بل حدثت قبلها في الماضي أيضًا، مثلاً جراء إطلاق العيارات النارية، أو حدوث مشاجرات بين المدعوين. إلا انّ المشاركة العددية الجماهيرية بالمناسبات المفرحة أو الحزينة، قد عادت إلى الظهور بشكل قويّ وضاغط في وقت كورونا.

 

إنّ مجتمعنا عشائري، وهو ينظر إلى المناسبات من منطلق التباهي والتفاخر، العشيرة تجاه الأخرى، وهذه العائلة تجاه العائلة المتصاهرة معها، وفي الأعراس تحديدًا تكون الأمور سببًا للتنافس والمقارنات بين أهل العريس وأهل العروس. وبعد، لقد كّنا بانتظار من سيقرع الجرس، وإذ بكورونا تطل برأسها على «الإنسانيّة جمعاء» فتجبرها على التغيير الطارىء في العديد من أساليب و«بروتوكولات» الحياة، ومنها بالطبع العادات والتقاليد سواء في مناسبات الأفراح أو الأتراح.

 

كان الأمر صعبًا، ومازال طبعًا..! وقد قرّرت العديد من العائلات تأجيل الأفراح –من خطبات وزواجات- إلى إشعار آخر، لكي يُتاح المضي قدمًا بالأفراح كما كانت في الأيام الملاح. وقد سمعت عن خطيبات أصررن على «الحفلة» و"الرسيبشن»، وإلا يعود كل واحد إلى بيته، فتمّ الانفصال قبل الزواج المقرّر بأيام!

 

دقّت ساعة التغيير في العديد من عاداتنا وتقاليدنا، ومنها ما هو صادق في التعبير للأبناء والبنات عن الحبّ الصافي، ومنه ما هو للفشخرة والتباهي وصرف النقود بشكل متهوّر.

 

من العادات كثرة المعازيم، وقد قرّرت الحكومة والأوقاف والكنائس تحديد الرقم 20 لأي مناسبة اجتماعيّة لها علاقة أيضًا بمراسيم دينية. وعلى فكرة: إنّ إتمام سر الزواج له شرطان، وهما الرضى المتبادل والحرّ بين الزوج والزوجة، ووجود شاهدين للتوقيع على السرّ المقدس، وليس ضروريًا لا قانونيًا ولا دينيًا وجود مئات السيارات في الفاردات والجاهات...

 

علينا أيضًا –في حالات العزاء لا سمح الله– العمل على التخفيف عن العائلات المصابة بفقدان عزيز، من خلال تقليص أيام العزاء المرهقة، وإلغاء عادة الطعام التي أصبحت ثقلاً على العائلات المستورة.

 

نهاية، مع فترة كورونا، ازدادت نسبة البطالة والفقر، وفقدت عدد من العائلات وظائف ومداخيل، ولكم أن تتخيلوا الطلبة الجامعيين غير المتمكنين من دفع أقساط فصولهم الدراسيّة، أليس حريًا بأصحاب المناسبات –من الموسرين–الاستغناء عن المظاهر الاجتماعية المزيفة بمساعدة طلاب فقراء لإتمام دراستهم. لعمري، إنّ ذلك لأكثر فائدة وإنسانيّة.

لنفكّر بالأمر معًا!