موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٩ يونيو / حزيران ٢٠٢٣

في عيد القديسين بطرس وبولس

رعيّة قلب يسوع في تلاع العلي تحتفل بعيد القديسين بطرس وبولس

رعيّة قلب يسوع في تلاع العلي تحتفل بعيد القديسين بطرس وبولس

الأب رفعت بدر :

احتفلت رعيّة قلب يسوع الأقدس في تلاع العلي، شمال غرب العاصمة عمّان، بعيد القديسين بطرس وبولس. وتمّ خلال القداس رفع صلاة الشكر من أجل الأب منويل بدر (58 عامًا كهنوتيًا)، والأب رفعت بدر (28 عامًا)، والشمامسة الدائمين (11 عامًا شماسيًا).

 

وفيما يلي النص الكامل لعظة الاحتفال:

 

 

أخوتي الكهنة،

أخوتي الشمامسة،

أيها الأحباء،

 

ما أجمل الصلاة الافخارستية التي سنتلوها بعد قليل، على مذبح الرب، وفي هذا اليوم المجيد، عيد بطرس وبولس:

 

"بطرس أمير الايمان، كان أول من أعلن الإيمان بالمسيح

وبولس أفاض على هذا الايمان نور تعليمه الساطع

وقد أنشا صياد الجليل الكنيسة الأولى على البقية الباقية من الشعب

ومن كان بالأمس يضطهد كنيسة الله، صار لجميع البشر داعيًا ومعلمًا

هكذا بنى كل منهما، بما اوتي من المواهب، بيت المسيح الواحد

واذ يجمع بينهما اكليل مجد واحد، لذلك يجل العالم مقامهما الفريد في الكنيسة".

 

نعم بطرس ايها الاحباء، وكما راينا في الانجيل أول من يشهد للايمان بأن المسيح هو: ابن الله الحي، وهذه الشهادة كانت وجهًا لوجه مع المسيح السائل تلاميذه: "من أنا في قول الناس"، وبعدها "من أنا في قولكم انتم؟".

 

أحيانًا كثيرة نقول أنّ بطرس كان مندفعًا وهو الذي سينكر المعلم في لحظة الضيق. نعم ليكن الاندفاع من المحبة الكبيرة للرب يسوع، وليكن متحمّسًا، وليكن غيورًا على محبة المسيح. وهو يمثل الطبيعة البشرية التي أتى منها، هو لم يكن ملاكًا. الملاك في القراءة الأولى هو الذي أيقظه وأخرجه من الحبس. عانى الكثير في داخله ومن حوله، ولكن الرب ينقذه بطريقة عجائبية، لكي يكون القدوة الحسنة للتلاميذ والقائد المتواضع.

 

بطرس أيها الأصدقاء يمثل كل واحد فينا: الشخص المجبول بالاندفاع والحماس والنشاط، من جهة، والشخص الضعيف المسجون المكبّل الذي ينتظر العون من سيده ومخلصه، لكي يغفر له خطاياه، ويحرّره من المحابس التي يدخل نفسها إليها، أو يزجه الآخرون بها. لما رأى هيرودس أن قتل يعقوب أخ يوحنا قد ارضى اليهود وأبسطهم، اعتقل بطرس أيضًا. لاحظوا كيف يسرّ الكثيرون حين يوجه أتباع المسيحيين المتاعب. وهذا أخطر أنواع الاستهار: أن تفرح حين يتألم الآخرون ولأنهم يتألمون. لكنّ هنالك ربا يعرف كيف يخلص تلاميه المخلصين. وفي وسط ذلك كله يرسل الرب ملاكًا ينقذ ابنه وحامل مفاتيح كنيسته، وهامة الرسل. فيظن بطرس انه رأى رؤيا...

 

أما بولس أيها الأحباء، فلا يختلف عن زميله بطرس، رغم أنه كان يختلف معه كثيرًا. فيصف نفسه أجمل وصف في رسالته إلى ابنه الأقرب إلى قلبه طيموتاوس، اقترب وقت رحيلي... جاهَدتُ جِهادًا حَسَنًا، وَأَتمَمتُ شَوطي، وَحافَظتُ عَلى ٱلإيمان... والرب كان معي يقويني فنجوت من شدق الاسد. بطرس ينجو من فم الحبس، بقوة ملاك الرب، وبولس ينجو من شدق الأسد، بقوة الرب أيضًا. ليصبح كل منهما فخورا بصليب الرب وبصلبانهم وضعفهم، لأن في الضعف تكمن قوة الرب فيهم وفينا.

 

من هنا، نمجد الرب المحرّر في حياة كل من بولس وبطرس. لم يعدا نفسيهما أفضل من الآخرين، بل الأخيرين، حتى أن بولس قد وصف نفسه بالسقط... ولكنهما في الأخير، اليوم، في الملكوت يمكثان إلى الأبد شفيعين لكنيسة الله ولكل واحد منا.

 

أجمل ما عملته الكنيسة، هو اختيار هذا اليوم للرسامات الكهنوتية والشماسيّة: لأنه يوم البناء على إيمان بطرس وبولس. ولأنه يوم الضعف البشري المقوّى بنعمة الرب وملاك الرب وقوة الرب وقوت الرب الذي هو الافخارستيا اليومية في حياتنا ككهنة وشمامسة ومكرسين وشعب مؤمن. يحيط بنا شعب الله، الذي كان يصلي بحرارة الايمان في وقت سجن بطرس. نعم نحن بحاجة إلى صلاة الشعب لكي ننجو، ونكمل المشوار. ونحن في خدمة الشعب ومن أجله أقمنا جميعًا شمامسة diaconi أي خدامًا.

 

جئنا نشكر الرب معًا اليوم، الأب منويل بدر بعد 58 عامًا على تكريسه الكهنوتي. ذهبت به السفينة والطائرة شرقًا وغربًا، لكنه بقي الشخص الأمين والمحب للكنيسة والمسيح والشعب الذي خدمه في ألمانيا أو في الاردن. وأشكر الرّب شخصيًا معكم أيها الأحباء، على نعمة الكهنوت التي نلتها على غير استحقاق منذ 28 عامًا، واتخذت شعاري الكهنوتي: "أنت يا رب تنير سراجي".

 

وأشكر الرب معكم أيها الأخوة الشمامسة، يا من تحتلفون اليوم بمرور 11 عامًا على رسامتكم الشماسيّة، وفي هذه الكنيسة. وقد كانت يومها ممتلئة بعائلاتكم الثمينة، الشاهدة على رسامة أول شمامسة دائمين في أبرشيتنا منذ قرون. هذه خبرة نشكر الله عليها اليوم، ونأمل من الكنيسة أن تعدّ فوجًا جديدًا أيضًا لخدمة رعايانا الحبيبة التي هي جواهر ثمينة في عملنا الرعوي.

 

شكرًا لكم أيها الأخوة الشمامسة على عملكم الكنسي الدائم، وعلى شهادتكم أيضًا في المجتمع من خلال أعمالكم وعائلاتكم. فالعمل والعائلة هما طريقان يؤديان بنا إلى القداسة. هنالك فروقات في الأعمال بينكم، منكم موظفون في الكنيسة ومؤسساتها، ومنكم في مؤسسات تربوية ومنكم في أعمال مجتمعية. هذه أيضًا طرق قداسة لكم. وشكرًا لكم على حياة عائلاتكم وشهادتها لإيمانها في المجتمع اليوم، بالرغم من الأوضاع الاقتصادية الصعبة، تشهدون كما فعل بطرس وبولس على أن الرّب هو كنز الحياة الأكبر. وأن العائلة هي الطريق الاوتوستراد المؤدي إلى حياة القداسة والشهادة في مجتمعنا اليوم، على أصالة سر الزواج المقدّس، وعلى الأمانة الزوجيّة التي تعيشونها.

 

نحيي الشماس يوسف فتال الذي نال ابنه فادي رتبة ارتداء الثوب الاكليريكي قبل أيام، ونهنئ أبناءكم اجمعين في تحصيلهم الثقافي والإنساني. نصلي من أجل الشماس عبدالله دبابنة الذي سينال غدًا رتبة الكهنوت المقدس، طالبين له من الرب كل خير وبركة وقداسة في رسالته الكهنوتية. ونصلي طبعًا من أجل قداسة البابا فرنسيس، الخليفة الـ265 للقديس بطرس الرسول، لكي يبقى شاهدًا لمحبّة المسيح في عالم اليوم المنقسم. وداعيًا للعدالة والسلام.

 

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، لنطلب من الرب، بشفاعة الام مريم البتول، سلطانة القديسين والرسل، وبشفاعة مار بطرس وبولس، أن نبقى أقوياء بالرغم من ضعفنا البشري، أقوياء بقوة الرب القادر على أن يرسل لنا ملكه ليحررنا، بعدما تكون الخطيئة والضعف قد أضعفانا وحبسانا في سجون الخطيئة ورتابة الحياة اليوميّة. الرّب قادر على تغيير مسارات حياتنا دائمًا ليعدينا نحو درب الملكوت. آمين.