موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٣ مايو / أيار ٢٠٢٠

في العيد الخامس لمزار سيّدة لورد

صلاتك معنا أيتها المباركة بين نساء العالمين

صلاتك معنا أيتها المباركة بين نساء العالمين

الاب رفعت بدر :

 

 

5 سنوات مرت على هذا المكان، وكم دخل من بابه أشخاص من مختلف الجنسيات، جاؤوا، قدموا ورودهم ورياحينهم وبخورهم واشعلوا شموعهم... ورفعوا ايديهم مردّدين: سلام سلام لك يا مريم، وقبل ذلك وبعده كم من أشخاص جاؤوا هنا وذرفوا دموعًا عزيزة، بسبب مرض عندهم أو عند اقاربهم، أو من أجل خطايا ارتكبوها بدون قصد وجاؤوا إلى هنا نادمين. وكم وكم جاء إلى هنا مقبلون على الزواج يريديون من الرب وامه البتول أن يساعدا على حسن اختيار "شريك \ة الحياة" ونالوا ما جاؤوا من أجله... ولا يستطع الكاهن أن يبوح بكل شيء في قلبه بعد أن كان شاهدًا عليه، وعلى عكس المثل العربي: "خليه في القلب يسرح ويمرح".

 

كم وكم من مجموعة -ليست سياحية- وإنّما حاجّة جاءت إلى هنا، ورفعت الصلاة بلغات متعددة، ولهم من الذكريات هنا العديد العديد، ومنهم الأخوة العراقيون الأحبّاء الذين جاؤوا هنا وصلّوا ورنّموا بلغتهم "المسيحية" كما يسمونها، وهي القريبة من لغة يسوع وأمه مريم. وكم من أحبة صغارًا وكبارًا جاؤوا إلى هنا، وهم الآن في دار الخلد إلى جوار مريم وبرناديت...

 

وأذكر هنا والدتي العزيزة التي جاءت على كرسيها المتحرّك وأشعلت شمعة للعذراء، وشكرت الله يومها أنّ المكان مهيأ للكراسي المتحرّكة الغالية على قلوب المحبّين، والحق أقول إنّ ذلك اليوم كان من أسعد الأيام على قلبي في المزار، ذلك أنّ الوالدة رحمها الله قد اتصلت في مساء يوم التدشين، بعد أن غادرت أفواج الناس، وهنأت بالتدشين هي التي علمتني صلاة المسبحة الوردية، ولذلك قالت لي في آخر يوم لها: "اطلقني يمّة، خليني أروح، ومريم العذراء ستبقى أمًا لك"، ثم أضافت كلمتها الشهيرة: "رحمة ربنا أحسن من كل اشي". وها أنا اليوم أشعر أنّ لي أمّين في ذات السماء الواسعة عند الله الرحيم. وأذكر الخال العزيز فريح -أبو جهاد- الذي فرح بعرس ابنه هنا. وأذكر القائد الكشفي صفوان نفاع الذي أحدث فراقه غصة لدى العديد من شباب الوطن. وأذكر الطفلة تيانا، ابنة وائل غرفة وربى ميمون، التي نالت سرّ العمّاد قبل يومين من دخولها إلى غرفة العمليات لإجراء عملية في القلب كانت محفوفة بالمخاطر، وبالفعل رحلت بثوب المعمودية الأبيض إلى الديار الخالدة.

 

ولن يستطيع المرء أن يصف الشعور الرائع الذي انتاب المكان وأهله حين زار "أسقف لورد" الفرنسية الأصلية المكان وصلى فيه كعلامة شركة وصلة روحية مع أمكنة تحمل اسم لورد. وكم من طفلة سميّت على اسم لورد تبرّكًا بالمكان وسيّدته مريم. وأذكر أمسية الشبيبة المسيحية هنا مع المطران الضيف، واحتفالات العيد السنوي بيوم المريض، ومسحة الشفاء، ومباركة القاعة التي اتخذت اسم "سيدة لورد"، وأمسية الصلاة التي أحيتها كاريتاس الأردن بمناسبة إعلان قداسة البابا بولس السادس والمطران الشهيد اوسكار روميرو... والعديد العديد من الأحداث الجميلة، وليس آخرها زيارة شخص عذراء فاطيما مع وفد رفيع من البرتغال.

 

بطاقة محبة في العيد الخامس عبّرنا عنها بإشعال شمعة لكل من أتى وزار وصلى هنا، ولكلّ من لا يستطيع المجيء في أوقات الجائحة، عبرنا عن حبنا للوطن الحبيب برفع رايته الأردنية على المكان، شاكرين الرب على سلامة الوطن والمواطن، وكذلك أعلام الدول الشقيقة والصديقة، وقد أتانا من مواطنيه ورعاته ومؤمنيه الكثير الكثير، والحمد لله.

 

وفي هذه السنة، نقدّم الذكرى الخامسة من أجل شفاء العالم، لكي يعود الناس الحاجّين على طرق هذه الأرض الفانية، يلتقون تحت السماء، كأخوة وأخوات، تحت مظلة الله الأب الرحيم، والأم البتول مريم... صلاتك معنا أيتها المباركة بين نساء العالمين. آمين. وكل عام وأنتم بألف خير.