موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٤ ابريل / نيسان ٢٠١٨

عيد البشارة بطبعته الأردنية

الاب رفعت بدر :

في مركز «الحسين» الثقافي، وهو اسم غالٍ على قلوب الأردنيين، جاء الاحتفال الأول بعيد البشارة، بطبعته الأردنية، وضمّ ممثلين عن المؤسسات المسيحية والإسلامية، برعاية نائب رئيس الوزراء معالي السيد جمال الصرايرة. ومن هذا الاحتفال نستقي خمسة من الدروس: أولاً: تهدف هذه المبادرة إلى إمداد التلاقي الإسلامي المسيحي بنكهة جديدة، وهي النكهة الأصلية للقاء، فبين الديانتين هنالك جوامع مشتركة، مؤسّسة على النصوص المقدّسة في كل من الكتاب المقدّس والقرآن الكريم، وهي تتخطّى -أو تكمّل وتجمّل- ما يُسمع هنا وهناك من كلام مجاملات وخطابات وقصص شعبية من الإيثار والأخوّة، تتناقلها الأجيال وتنغرس في النفوس، لكنّ ما جاء في الكتب المقدّسة لن تمحوه الأيام، وبالتالي فهو يؤسس لمرحلة أكثر متانة وثباتا. ثانيًا: إنّ الحضور الرسمي في الاحتفال قد أعطى دفعة جديدة للأمام، لكي يصبح في المستقبل عيدًا وطنيًا جامعًا. وقد نجح الأشقاء في لبنان في إعلانه عيدًا رسميًا، وأصبح كذلك يوم عطلة رسمية لجميع المؤسسات. وميزة هذا العيد أنّه عيد ديني يجمع بين الديانتين، حيث هنالك توافق بين النص القرآني والنص الإنجيلي لحدث بشارة الملاك جبريل للسيدة مريم العذراء. فعندما نقول «عيدا مشتركا» نقصد ما نقول، لذلك كان في الاحتفال تلاوة للنصين من الانجيل المقدس والقرآن الكريم على ذات المسرح، وهو يحدث لأوّل مرّة في بلادنا. وقد تبعته ترانيم لجوقة ينبوع المحبّة وأناشيد لفرقة الفلاح الفنية. ثالثًا: كان حضور الوفد اللبناني علامة مميّزة في ربط جسر من التواصل بين ما أُنجز في لبنان وما أُنجز في الأردن من مبادرات راقية، سلّط معالي راعي الحفل الضوء عليها: من رسالة عمان الى كلمة سواء الى أسبوع الوئام بين الأديان وتنظيم مؤتمر العرب المسيحيين واستضافة الأخوة المهجرين من الموصل. وكذلك كان لحضور سفراء عدد من الدول الأجنبية الصديقة مناسبة لتصدير رسالة الأردن الراقية في الإخاء والوئام. رابعًا: اشترك عدد من الشباب والشابات في تلك المناسبة، وهو خروج عن التقليد في المناسبات الحوارية التي تقتصر عادة على ذوي الخبرات الطويلة. لكنّ اشراك الشباب في معرفة بعضهم بعضًا وفي إحياء مناسبة مماثلة، يزرع التفاؤل، ويقول إنّ الدنيا بخير والأردن بخير، والمستقبل الذي سيبنيه هؤلاء الشباب بخير، كونهم يتدربون على معرفة الأخ –وليس الآخر- وعلى تعميق الجوامع والحفاظ عليها. خامسًا: سيّد البلاد جلالة الملك هو راعي المسيرة، وهو الذي ظهر في فيلم قصير أعدّه منظم الحفل المركز الكاثوليكي للدراسات والاعلام، وفيه ما تفضل جلالته به على منبر الأمم المتحدة في ايلول 2016، حيث قال: «أما يسوع «المسيح» (عليه السلام)، فقد ذكر 25 مرة، وأمه مريم، والتي يصفها الإسلام أنها «خير من خلق الله من النساء» مذكورة 35 مرة، كما في القرآن الكريم سورة كاملة باسم مريم. إن الخوارج يتعمدون إخفاء هذه الحقائق عن الإسلام ليفرقوا بين المسلمين وغير المسلمين، وهو أمر لا يمكن أن نسمح به». ومن هذه الرؤى الملكية جاء الاحتفال «الأول» بعيد البشارة فوق الأرض الأردنية المقدّسة.