موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٤ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٣

على ضفة النهر الشرقية

على ضفة النهر الشرقية

على ضفة النهر الشرقية

الاب رفعت بدر :

 

على ضفة النهر الشرقية وقف البابا بندكتس السادس عشر في العاشر من آيار عام 2009، ووضع حجر الأساس للكنيسة الكاثوليكية في موقع المعمودية – المغطس. وكان قبلها بيومين قد أشاد أيضاً بالحالة الأردنية اثناء لقائه الأول مع جلالة الملك عبدالله الثاني والأسرة الأردنية في مطار عمّان، إذ قال: «سأزور في الأيام القليلة موقع معمودية السيد المسيح في النهر الذي أعطى اسمه لهذه الأرض، سأُسعد بمباركة الحجر الأول للكنيستين اللتين ستشادان في موقع معمودية الرّب التقليدي».

 

وأضاف: «إن امكانية أن تبني الكنيسة الكاثوليكية في الأردن صروح عبادة أو كنائس هو دليل لاحترام الديانة في البلاد، وأود التعبير باسمها عن أسمى مشاعر التقدير لهذا الانفتاح العظيم".

 

وأضاف: «من المؤكد أن الحرية الدينية حق انساني أساسي، فأرجو رافعاً الصلاة الحارة كي تُحترم وتصان الحقوق غير القابلة للتصرف وكرامة كل رجل وامرأة، ليس في الشرق الأوسط وحسب بل في أنحاء العالم أجمع». كانت هذه الكلمة المنصفة للأردن للبابا بندكتس، لذلك لم يكن غريباً أن نرى جلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبدالله إلى جواره حين وضع حجر الأساس في موقع المعمودية – المغطس. الأمر الذي قدره العالم كثيراً، وجعل الصحافة الدولية تشيد بوجود قائد عربي مسلم يشارك بوضع حجر الأساس للكنيسة في بلاده.

 

إن الأردن بلد يحترم الأديان وبلد فيه الحوار الديني قد بدأ منذ ثمانينات القرن الماضي، لذلك حينما وقف جلالة الملك قبل أيام على ضفة النهر الشرقية أيضاً، ليتحدث لقناة cnn الفضائية، غير بعيد عن تلك الكنيسة التي تم وضع حجر أساسها قبل 14 عاماً، كان يحمل الهم ليس فقط الأردني وإنما المقدسي والفلسطيني والمشرقي بشكل عام. لذلك حينما سألني قبل أيام أحد الزملاء الاعلاميين ما هي المضايقات التي تواجهونها كمسيحيين في الاردن، التي جعلت الملك عبدالله الثاني يحذر من تلك المضايقات، فقلت له يا صديقي إن الملك عبدالله الثاني لا يحمل فقط هماً أردنياً ولا يتحدث عن مضايقات يتعرض لها المسيحيون في بلده، وإنما هو يتحدث عن مضايقات يعاني منها المسيحيون في القدس وفلسطين بشكل عام، بسبب الاحتلال الجاثم على فلسطين منذ عقود. وكذلك يتحدث عن المسيحية التي تعرضت للتهميش–والاضطهاد أحياناً- في بعض البلدان المجاورة وبالأخص في العراق وسوريا التي أجبرت الظروف السياسية والعنف السياسي المواطنين على الخروج بدون رجعة.

 

ونعود هنا إلى الكلمة التي قالها البابا بندكتس في عمان: «إن زيارتي للأردن فرصة كبرى كي أعرب عن عميق احترامي للديانة الإسلامية وأشيد بدور جلالة الملك عبدالله الثاني، في تعزيز وعي أفضل للقيم المعلنة في الاسلام، ومع مرور أعوام على نشر رسالة عمّان ورسالة الأديان المشتركة في عمان نستطيع القول أن هذه المبادرات النبيلة حصدت نتائج جيدة، في تفضيل وتعزيز تحالف الحضارات بين العالم الغربي والإسلامي، نافية بالتالي إدعاءات من يروجوّن لحتمية العنف والصراع».

 

في الواقع أضاف البابا العزيز الذي تودعه الاسرة الدولية في هذه الايام: «إن المملكة الأردنية تمثل ومنذ أمد طويل صدارة المبادرات الطيبة الهادفة لتعزيز السلام في الشرق الأوسط، وفي العالم. في تشجيعها للحوار ما بين الأديان ودعمها لمساعي ايجاد حل عادل للصراع الاسرائيلي الفلسطيني، وفي استضافتها للعديد من اللاجئين من العراق الجار، وفي سعيها الحثيث لكبح جماح التطرف». وزار البابا الراحل مسجد الحسين بن طلال والتقى بكبار العلماء المسلمين وعلى رأسهم سمو الأمير غازي بن محمّد.

 

إننا هنا نستذكر البابا بندكتس الراحل وندعو له بالرحمة، ونشكره على تقديره للأردن، وعلى زيارته التي دامت أربعة أيام في بلدنا المقدس وعلى السينودس الذي عقده للدفاع عن المسيحية في الشرق عام 2010. وكذلك نحيي الجهود التي يبذلها جلالة الملك عبدالله الثاني التي جعلت القاصي والداني يشيد بالأردن ودوره الطليعي في حوار الأديان، ولكن أيضاً في الهم الذي يحمله جلالة الملك على كتفيه: في الحفاظ على المسيحية في هذه المنطقة لأنها تعرضت للكثير من المضايقات وستبقى تجد في جلالته خير المدافع ونعم النصير.

 

(الرأي الأردنية)