موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٢٣ سبتمبر / أيلول ٢٠١٩

عصر الأخوّة بين البشر

الأب د. رفعـت بدر :

القيم النابعة من الله تعالى هي فوق كل القيم البشرية. هذا شعار يصلح ملخصا للعديد من المؤتمرات والمنتديات المحليّة والدوليّة التي تجري حاليا و تتحدّث عن الحوار بين الأديان ودوره «على طريق المواطنة والسلم الأهليّ»، كما جاء في عنوان مؤتمر عُقد مؤخرًا في لبنان، بتنظيم من «منتدى التنمية والثقافة والحوار»، برئاسة القس الدكتور رياض جرجور، بالتعاون مع برنامج الشراكة العربيّة الدانماركيّة من أجل الحوار. الجديد في هذا المؤتمر، القيام بزيارات ميدانيّة إلى مراكز إسلاميّة ومسيحيّة في جنوب لبنان وشماله وجبله، كانت مسرحا مؤلما في الحرب الأهليّة، وتمّت فيما بعد أعمال ومبادرات تصالحيّة بين المسلمين، سُنّة وشيعة، والمسيحيين والدروز. بلا شكّ، هنالك حكماء في هذا العصر، وهنالك أصوات كانت وما زالت أصوات ثقة وتلاقٍ ودعوة الى الشفاء من جروح الماضي. الأمر الثاني هو الشراكة العربيّة الدنماركيّة، عبر مؤسّسة دان ميشين Danmission، والتي عقدت أيضًا في الأردن العام الماضي مؤتمرًا دوليًّا رعاه سمو الأمير الحسن بن طلال. وقد بدأت هذه المبادرات الدنماركيّة منذ أكثر من عشر سنوات، إثر التوتّر الذي حصل وقتها بسبب «الرسوم الدنماركية المسيئة». نعم، إنّ هذه «الشراكات الإيجابيّة» بحاجة إلى تعزيز، وهي ليست فقط تمويلًا ماليًا للمؤتمرات، بل هي مدّ جسور التواصل بين الناس، في مختلف أمكان تواجدهم. وبعد، فهنالك مصطلحات جديدة بدأت تطفو على السطح عوضًا عن الكلام الإنشائي التقليدي. فالمصطلح اليوم هو «التحالف بين أتباع الأديان» لإنشاء قوّة معنويّة وأخلاقيّة تؤثّر في إشاعة أجواء من التفاؤل لمستقبل أكثر أمانًا. ومن المصطلحات التي سمعتها مؤخرًا هي «الحجّ نحو الآخر»، بمعنى التقرّب منه باحترام كبير لكرامته، من إجل إنشاء عصر جديد هو «عصر الأخوّة بين البشر». أردنيًّا، شارك وفد رفيع في هذا المؤتمر، وقد تحدّث كل منهم في ضوء «التجربة الأردنيّة» المميّزة في مجال الحوار والتلاقي. وظهر كأنّ هنالك تكاملا بين كلمات المتحدثين، دون تنسيق مسبق، من الدكتور حسن كريده من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وكاتب السطور مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، والقس سامر عازر مدير مركز الخيمة المسكونيّ الثقافيّ، والدكتورة مارسيل جوينات المختصّة بالإعلام. وهنالك تقدير بلا شكّ للتاريخ الأردني الحافل في مجال الحوار «على درب المواطنة والسلم الأهليّ». في الختام، كان لقاء في «خلوة» المرجع الديني للدروز سماحة الشيخ أمين العريضي، الذي استقبل الوفد العربي والدنماركي بحفاوة بالغة، وقال بصوت حكيم: «الدنيا ميدان، والنفوس فرسان، والأجسام خيل، والسباق إلى الله الحيّ».