موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ١٤ ابريل / نيسان ٢٠٢٠

عدوى الرجاء

كم يعطش العالم اليوم إلى هذه العدوى الإيجابية والجميلة، لأنها تشكل بارقة الأمل التي تسطع في النفوس والأفئدة!

كم يعطش العالم اليوم إلى هذه العدوى الإيجابية والجميلة، لأنها تشكل بارقة الأمل التي تسطع في النفوس والأفئدة!

الأب د. رفعت بدر :

 

في رسالته يوم أمس، وهي الموجهة إلى المدينة –روما- وإلى العالم Urbi et Orbi تحدث البابا فرنسيس عن أحوال العالم الحالية، وهي أحوال الكورونا التي أحدثت للعائلة البشرية محنة شديدة، وابتكر مصطلحًا جديدًا وهو "العدوى" الثانية التي يحدثها عيد الفصح وهي عدوى الرجاء. وكم يعطش العالم اليوم إلى هذه العدوى الإيجابية والجميلة، لأنها تشكل بارقة الأمل التي تسطع في النفوس والأفئدة، لتبشّر معشر البشر الحزانى حاليًا، بأنّ الغد سيكون أفضل بإذن الله.

 

ويقول البابا في كلمته أن الوقت ليس لأربعة أمور قد نكون اعتدنا عليها، ولكنّها لا تصلح لهذا الزمان العصيب، وهي: أنّ الوقت ليس للامبالاة، ولا للأنانية، لا للانقسامات، ولا للنسيان، فليست هذه هي الكلمات التي نريد –أو يتوجب علينا- أن نسمعها في الوقت الراهن، ونريد أن نلغيها من كل وقت. ويبدو أنها تنتصر فينا حين يخيّم الخوف والموت ونبتعد عن الإيمان.

 

وذكر البابا بكلمته خمس دول عربية بحاجة إلى السلام والطمأنينة وهي سوريا التي وصفها بالحبيبة، واليمن والعراق ولبنان، ولم ينسَ فلسطين، ولذلك قال: انّ الوقت الراهن يمكن أن يكون وقت استئناف الحوار بين الاسرائيليين والفلسطينيين، لإيجاد حل عادل ودائم يسمح لكل من الشعبين بالعيش بسلام. والرجاء الذي يتحدث عنه البابا هو المستند على الايمان بالله وبعيد الفصح –القيامة- من خلال العمل المشترك تحقيق النصر والغلبة على قوى البشر والظلام وكل ما يهدّد كرامة الانسان.

 

وبعد، كان نهار الفصح مؤثرًا في كنيسة مار بطرس وساحتها التي كانت كل عام تضج بالحجاج والمصلين والمؤمنين، من مختلف اللغات ومن كل أنحاء العالم، لكنها بدت صحراء خالية، كنتيجة للظروف القاهرة التي تجتاح كل ركن من بيت الانسانية المشترك.

 

وفي الوقت الذي ركز فيه البابا فرنسيس في عاصمة ايطاليا المنكوبة بعدد المصابين والشهداء من فيروس كورونا، على التضامن والرجاء واتجه بفكره بشكل خاص إلى الذين أصيبوا مباشرة به: المرضى، والموتى وأفراد الأسرة الذين بكوا فقدان أحبائهم، والذين لم يتمكنوا أحيانًا من توديعهم بالتحية الأخيرة. كان العملاق الموسيقي اندريا بوشيلي، يصدح بصوته التنور في كاتدرائية ميلانو التاريخية، في شمال ايطاليا، مؤديًا حفلا بدون جمهور، لبثّ الأمل والرجاء في بلده ايطاليا وفي العالم، فقدّم الترنيمة العالمية الشهيرة  Amazing Grace : ما اعجب النعمة لي من قلبك الكبير، من بعد ما ذقت العمى، ها انني بصير...

 

فرنسيس وأندريا، هنيئًا للبشرية بمثلكما... رسولا رجاء في يوم الفصح الفريد.