موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ١٦ ابريل / نيسان ٢٠٢٣

خمس شمعات فصحيّة

المسيح قام... حقاً قام

المسيح قام... حقاً قام

الأب د. رفعــت بدر :

 

الشمعة الأولى هي من القدس الشريف التي احتفلت بالفصح على مدار أسبوعين؛ الأسبوع الأوّل للكنائس السائرة على التقويم الغربي، والأسبوع الثاني على التقويم الشرقي. وهنالك العديد من الطقوس التي يُحتفل بها بحسب التقاليد الكنسيّة، وكذلك بحسب الـ"ستاتو كو" المقرّ منذ مئات الأعوام. هنالك بالطبع مُعيقات للاحتفال بالعيد، وهي التي تابعناها في وسائل الإعلام من مضايقات وتحديد لأعداد المصلين وحركتهم، من سلطات الاحتلال. ولكن مدينة القدس تبقى هي الانطلاقة، والجوهرة، والنواة التي انتشر منها نور المسيح القائم، ولذلك يحقّ للمدينة المقدسة أن تبشّر العالم بالقيامة، وبذات الوقت أن تدعو لقيامتها هي نفسها.

 

الشمعة الثانيّة هي شمعة الاحتفالات لنا في الأردن، ولها رونق خاص، ذلك أنّ الأردن هو أوّل دولة قد وحّد المسيحيون تقويمي الاحتفال بعيد الفصح المجيد بوقت واحد، وذلك منذ ما يقارب عن النصف قرن، وصارت دول العالم التي تريد توحيد العيد تقول: أريد أن أصبح مثل الأردن. ليلهم الرّب الحكّام ورؤساء الكنائس لكي يصبحوا فعلاً "مثل الأردن" موحدين للأعياد، ولكن ليس فقط بالتقويم والرزنامات، وإنما أيضًا بوحدة القلوب.

 

الشمعة الثالثة هي المعايدات. تأخذ التهاني منذ سنوات طابع المعايدات الإلكترونيّة، وهنا نُشيد بهذه التطوّرات التقنيّة والتكنولوجيّة التي أسهمت في تقريب الناس بعضهم من بعض، فلم يعد الإنسان يشعر بأنّه غريب أو بعيد عن أخيه الإنسان، وبالأخص أبناء البيت الواحد الذين يتشاركون يوميًّا بأخبارهم وصورهم ومؤثّراتهم السمع-بصريّة التي تصلهم لتعبّر عن قربهم المعنوي بالرغم من بعدهم الجغرافي. شكرًا للتكنولوجيا التي جعلت للأعياد رونقًا خاصًا، وبالأخص بالمعايدات في الأعياد.

 

الشمعة الرابعة تأتينا ممن لبنان الشقيق، حيث رسالة الأستاذ الدكتور محمد السمّاك، وهو أمين عام اللجنة الوطنيّة الإسلاميّة المسيحيّة للحوار، الذي يُرسل رسالة سنويّة في عيدي الميلاد والفصح المجيدين. وهذا العيد وهو يحتفل مع اخوتنا المسلمين في العالم بالعشر أيام الأخيرة من شهر رمضان الكريم، يقول: "في عيد الفصح المجيد، جعله الله عيد محبة وخير وأمل عليكم وعلى الناس جميعًا، أستذكر ما ورد في القرآن الكريم: ’إذ قال الله يا عيسى، إني متوفّيك ورافعك إليّ، ومطهّرك من الذين كفروا، وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة، ثم إليّ مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون‘ (3/55). عيد مبارك، مع أطيب التحيات".

 

الشمعة الخامسة من الفاتيكان، ومن شرفتها الرسميّة تحديدًا، حيث يطلق البابا فرنسيس سنويًّا رسالته المعنونة: "إلى المدينة، أي روما، وإلى العالم". وهذا العام لم تخل رسالته من الإشارة إلى عدّة بلدان عربيّة، حيث طلب الصلاة والدعم، وبالأخص أولاً من أجل الأرض المقدّسة لكي يُعاد مناخ الثقة والاحترام المتبادل المنشود والضروري لاستئناف الحوار بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وكذلك صلّى من أجل لبنان الذي لا يزال يبحث عن الاستقرار والوحدة، لكي يتخطّى الانقسامات ويعمل جميع المواطنين معًا من أجل خير البلاد العام. ولم تغب سورية عن الصلوات بسبب الأوضاع السياسيّة التي لم تستقرّ بعد، وكذلك بسبب الأوضاع الإنسانيّة الصعبة بعد الزلزال الذي ضرب تركيا وسورية حيث صلّى من أجل الذين فقدوا عائلاتهم وأصدقاءهم وتُركوا بلا مأوى، لكي ينالوا العزاء من الله والمساعدة من عائلة الأمم. إنّ الوطن العربي ليس غائبًا عن صلوات ونيات صادقة من رؤساء الكنائس والأديان في العالم. سمع الله لأدعيتهم، ومتّع منطقتنا والعالم أجمع بالخير والطمأنينة والسلام.