موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢٥ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠١٧

الوجه الجديد للتلاقي الاسلامي المسيحي

الاب رفعت بدر :

في عام 2007 انطلقت من الأردن تحديدًا رسالة عالمية بعنوان «كلمة سواء» وما زالت حتى اليوم تلهم العديد من الدارسين والباحثين في مجال الحوار بين أتباع الأديان، وبخاصة بين المسلمين والمسيحيين الذين يشكلون في العالم أكثر من 58 بالمئة من سكان العالم أجمع. وعلى إثر ذلك تأسس المنتدى الكاثوليكي-الإسلامي وأعطي صفة «الدائم» لكي لا يتأثر مع التغيرات السياسية، إقليمية كانت أم دولية، فيبقى السند والعون في زمن التوترات والكوارث البشرية. وهكذا عقدت اجتماعات متعددة للمنتدى الذي يضم 24 عالمًا مسيحيًا و24 عالمًا مسلمًا برئاسة سمو الأمير غازي بن محمد المستشار الشخصي لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم للشؤون الدينية والثقافية. كان الاجتماع الأول من 4 إلى 6 تشرين الثاني 2008 في الفاتيكان، وقد تشرفنا باستضافة الاجتماع الثاني في موقع المعمودية المغطس من 21 إلى 23 تشرين الثاني 2011. والثالث في روما من 11 إلى 13 تشرين الثاني 2014. أما الرابع فعقد، قبل أيام، برعاية صاحب السمو الملكي في كلية الزيتونة في بيركلي، كاليفورنيا، في الولايات المتحدة الأميركية. وقد ركز على عدة أمور من شأنها تقوية أواصر «الصداقة» بين المسلمين والمسيحين في العالم، ومن خلالهم في العالم أجمع، فقد تم التأكيد على أن المسيحية والإسلام يشتركان بأن الله خلق البشرية ووضعها على قمة خلائقه، لكي تقوم بامتنان وحكمة باحترام الطبيعة من خلال إدارتها للأرض ومواردها الموهوبة من قبل الله سبحانه وتعالى لجميع الأجيال. وقد منح الله تعالى لكل كائن بشري كرامة غير قابلة للتصرف، ومنها يستمد الإنسان حقوقه الأساسية، فضلاً عن التزام الحكومات بحمايتها. وأكد المجتمعون المساواة في الكرامة لجميع الأشخاص بغض النظر عن العرق أو الجنس أو الدين أو الوضع الاجتماعي، وأدانوا بشكل قاطع أية محاولات لإضفاء صبغة نمطية على أي شخص، أو تحميلهم الذنب الجماعي إزاء أفعال عدد من الأفراد بينهم. ومن الجديد التأكيد بشكل صريح ومباشر على مكان ومكانة «حرية الضمير والدين» على قمة صرح حقوق الإنسان، لذلك فإن «واجبنا الجماعي يتطلب احترام هذه الحقوق والمحافظة عليها وتعزيزها». وقال البيان الختامي إننا كمؤمنين ندعو إلى بذل كل ما في وسعنا لمعالجة كل ما يعيق التنمية المتكاملة للإنسانية، بما في ذلك التفسيرات أو الفهم الخاطىء لنصوصنا وتقاليدنا المقدسة. وعبر عن «التزام المسلمين والمسيحيين الأخلاقي في التنديد بالحروب وتجارة الأسلحة وتسهيل بيعها، وأن تستخدم الموارد البشرية بدلاً من ذلك من أجل ازدهار الانسان على المستوى الفردي والجماعي». وبعد، فقد أتى هذا الاجتماع الرابع المهم، في وقت كان شيخ الأزهر سماحة الدكتور أحمد الطيب يقوم بزيارته الثانية إلى «منزل» البابا فرنسيس في الفاتيكان، وسارا يدًا بيد، وجلسا على طاولة الطعام بشكل عفوي، الأمر الذي لم نكن معتادين عليه من قبل. وكذلك قبل أيام من زيارة تاريخية قام بها البطريرك بشارة الراعي إلى السعودية، وقابل خادم الحرمين وكبار المسؤولين، الامر الذي لم يعرفه التاريخ الحديث الا عام 1975 حين زار البطريرك الياس الرابع المعوض المملكة السعودية، مهنئا باستلام الملك خالد بن عبد العزيز مقاليد الحكم. إننا اذا في أجواء تفاؤلية، بالأخص مع بداية الحديث عن «بداية» نهاية الحركات المتطرفة والإرهابية والإلغائية للآخر، والتي كانت تستخدم الدين للعنف والتقتيل. اننا وبحمد الله نعيش أجواء جديدة، تقدم اشكالا جديدة من التلاقي–وليس فقط الحوار- بين المسلمين والمسيحيين في العالم، وهو شكل جديد سيفضي الى رسم وجه جديد من التعاون بين اتباع الديانتين اللتين تشتركان بأمور كثيرة، اهمها الاجماع على تلخيص الدين في جملة واحدة: محبة الله ومحبة القريب.