موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ١٧ مارس / آذار ٢٠٢١

الصوم هذا العام من أجل شفاء العالم

دعاؤنا إلى الله في هذا الوقت المقدس، وهو زمن الصوم الثاني الذي يحلُّ علينا وما زال وباء الكورونا موجودًا، أن ينعم الله على البشرية بالشفاء

دعاؤنا إلى الله في هذا الوقت المقدس، وهو زمن الصوم الثاني الذي يحلُّ علينا وما زال وباء الكورونا موجودًا، أن ينعم الله على البشرية بالشفاء

الأب د. رفعت بدر :

 

تكتمل الحلقة في هذا الأسبوع حيث يبدأ المسيحيون السائرون على التقويم اليولياني (أو الشرقي) صومهم المقدس، بعد أن بدأ الأخوة السائرون على التقويم الغريغوري (الغربي) هذا الزمن قبل 4 أسابيع. وبعيداً عن الأسباب التي دعت إلى تأخير الصوم لدى الشرقيين هذا العام حيث أنَّ الحسابات فلكية بحتة، فإننا ننظر إلى الصوم هذا العام 2021 بخصوصية بالغة. فهذا العام يأتي الصوم من جديد، كما في العام الماضي، والكنائس مغلقة تقريبًا في كل أنحاء العالم، وفي بلدنا بعد أن أعلن قبل أيام ببيان رسمي عن إغلاق الكنائس أيام الآحاد والاحتفالات الكبرى في كنائس المملكة.

 

هذا المعنى الأول من الصوم؛ أن يصوم الانسان عن المجيء إلى الكنيسة بسبب الإغلاق المفروض بسبب تفشي وباء الكورونا. إن هذه لتضحية يقدمها المواطن لدينا في الأردن بعدم التوجه أيام الجمع إلى المساجد، وأيام الآحاد إلى الكنائس، لكي يحافظ العابد لله على صحته ومن خلال اهتمامه بصحته يهتم أيضاً بالضرورة بصحة الآخرين.

 

الصوم هو فعل تنقية مستمر للإنسان، وإننا في الفترة الأخيرة قد شاهدنا الفساد الاداري الذي عمل في وضح النهار وأدى إلى قتل النفوس البريئة، وهذا يدعونا إلى التفكير بالمعنى الحقيقي للصوم وهو تنقية النفس من الخطايا والذنوب. الناس خطاؤون، وهنالك طبعًا أخطاء شخصية، يتحملها كل إنسان ولكن هنالك خطايا تؤدي إلى إلحاق الضرر بالآخرين، ففي هذا الزمن دعونا نسأل الله تعالى المغفرة، والتنقية و"تعقيم القلب" مما علق به من مساوئ، وأخطاء، وخطايا، ومن ذنوب مقصودة أو عن إهمال واضح.

 

زمن الصوم هو أيضا زمن رجاء، وقد جاء في رسالة البابا فرنسيس للصوم هذا العام: في السياق الحالي المحفوف بالقلق الذي نعيش فيه والذي يبدو فيه كلّ شيء هشًا وغير مضمون، قد يبدو الحديث عن الرجاء وكأنّه استفزاز. لكنّ زمن الصوم الأربعيني هو مخصّص للرجاء، ولكي نعود فنوجّه نظرنا إلى صبر الله الذي يستمرّ في الاهتمام بخلقه، في حين أننا غالبًا ما نسيء معاملته.. لِنَكُن في الصوم الأربعيني أكثر حرصًا على قول كلمات تشجيع، تقوّي، وتعزّي، وتحفّز، بدلاً من أن «تذلّ، أو تُحزِن، أو تُغضِب، أو تحتقر. فلكي أمنح الرجاء يكفي في بعض الأحيان أن أكون شخصًا لطيفًا، يضع جانبًا همومه وإلحاحه للانتباه، لإعطاء ابتسامة، لقول كلمة تحفيز، لإفساح المجال للاستماع فيما بينهما إلى الكثير من اللامبالاة».

 

إنّ الزمن الأربعيني أو زمن الصوم هو كذلك زمن الصدقة التي تجد لها هذا العام مئة طريقة وطريقة، ذلك أنَّ هناك العديد من الأشخاص ممن تعثروا أو أثر عليهم وباء الكورونا اقتصاديًا في مجتمعنا فزادت نسبة الفقر والبطالة في العديد من بيوتنا الكريمة. لذلك من المؤمّل في هذا الزمن أن يتم تقديم المساعدة عبر الكنائس ومؤسسات المحبة، وكذلك من الأفراد الذين يقدمون بدل صومهم بعض المساعدة المادية أو العينية لإخوتهم الفقراء. هنالك العديد من المبادرات في الكنائس، وبخاصة بعد أن تُفتح أبوابها، ويعود الناس الى الصلاة وجاهيًا، بتقديم مساعدات على مدار هذا الزمن المقدس فتوزع إلى البيوت العفيفة.

 

دعاؤنا إلى الله في هذا الوقت المقدس، وهو زمن الصوم الثاني الذي يحلُّ علينا وما زال وباء الكورونا موجودًا، أن ينعم الله على البشرية بالشفاء، وأن تُقدم كل التضحيات والاماتات والصوم من أجل شفاء العالم وعودة الطمأنينة إلى النفوس الخائفة، وتقديم العزاء للحزانى، والشفاء للمرضى، والراحة الأبدية لشهداء الكورونا، ومن أجل السلامة للجميع. مع أمنياتنا لجميع الصائمين بزمن مبارك بإذن الله.