موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ١٤ مارس / آذار ٢٠٢٢

الحج المسيحيّ للأردن.. بين الأمس واليوم

الأب بدر والدكتورة هبة فاروق هارون

الأب بدر والدكتورة هبة فاروق هارون

الأب رفعت بدر :

 

بين يدي اطروحة دكتوراة قدمتها الدكتورة هبة فاروق هارون في الجامعة الأردنية وتناولت فيها الحج المسيحي للأراضي المقدسة في العصر البيزنطي من القرن الرابع الميلادي إلى بدايات القرن السابع الميلادي، وركزت على الحج المسيحي لمنطقة نهر الأردن والجانب الشرقي بشكل خاص، والأراضي المقدسة (فلسطين وسيناء) بشكل عام.

 

قسّمت الدكتورة هارون الدراسة إلى خمسة فصول، تناولت في الفصل الأول مفهوم الحج المسيحي، وفي الفصل الثاني تحدثت عن مسارات الحج المسيحي إلى الأراضي المقدسة من خلال رحلة الحاجة إيجيريا والحاج بيتشانزا، أما الفصل الثالث فقد تناولت الباحثة فيه مواقع الحج المسيحي للجانب الشرقي لنهر الأردن والواردة في نصوص الانجيل.

 

وفي الفصل الرابع تناولت طرق الحج المسيحي ونشأة وإعمار المباني الدينية في شرق الأردن، أما في الفصل الخامس، فتناولت الباحثة الاستشراق والحج المسيحي من خلال وجهة نظر علماء الدين المسيحي حالياً، وخلصت الدراسة إلى الكشف عن تأثير نصوص الانجيل في مفهوم حج المؤمنات التائبات من نساء الطبقة الثرية في روما، وأيضاً على أدب الحج النصي المتعلق بالحجاج، بالإضافة إلى تعريف القارئ بمسارات الحج إلى الأراضي المقدسة، ووسائل النقل التي استخدمها الحجاج في سفرهم براً وبحراً والمحطات التي نزلوا فيها، مع التركيز على أهمية نهر الأردن تاريخياً من خلال كتابات الرحالة والحجاج الأوائل للمنطقة التي ساهمت في التوصل إلى حقائق تاريخية مهمة عن معمودية السيد المسيح، وعن طرق الحج المسيحي لنهر الأردن، وعن أهم المواقع الدينية المكتشفة مثل المغطس، وادي الخرار، جبل نيبو، تل مار الياس، بالإضافة إلى تعريف القارئ بأهم المباني الدينية مثل كهوف الرهبان والكنائس والأديرة الواقعة في الجانب الشرقي لنهر الأردن.

 

وقد خلصت الدراسة أيضاً إلى إبراز أهمية روحانية الحج المسيحي في الوقت الحاضر. ومن أهم توصياتها حث المؤمنين على الحج الى الاماكن المقدسة، في فلسطين والاردن، والى غيرهما من الاماكن المقدسة، من أجل الحصول على "مغفرة الخطايا، والشعور بالسلام الداخلي الذي وصل اليه المسيحيون الاوائل".

 

وبعد، فما ان اتممت قراءة الرسالة المعمّقة (237 صفحة) والاطلاع على صفحات المراجع (33 صفحة) فقد جعلتني افخر بما قرأت، وبالوف القوافل من الحجاج الذين أمّوا بلادنا المقدّسة، عبر العصور، ممّا يحتّم ان نحمل اليوم مسؤولية الحفاظ على ما أورثه لنا الاباء والاجداد، ايمانيا وحضاريا، وكذلك الى البحث عن سبل الترويج المنظم والمؤسسي، بعيدا عن نظام الفزعات الذي نتبعه أحيانا.

 

وهنا أشيد بالندوة الخاصة بالسياحة التي عقدت في الديوان الملكي، وترأس جلالة الملك عبدالله الثاني جانبا منها، ضمن المؤتمر الاقتصادي الاسبوعي «الانتقال نحو المستقبل»، كما ترأس سمو ولي العهد الامير الحسين بن عبدالله الجلسة الثانية في الاسبوع التالي. فهي ندوات تصب باتجاه ضروري، اي وضع استراتيجيات منظمة للترويج السياحي، لكي يأتي الينا السياح والحجاج بغزارة كبيرة، وبالاخص بعد انحسار موجات الكورونا ومتحوراتها نهائيا، فنستقبلهم بطريقة لائقة تكون أكبر حافز لغيرهم أن يأتوا ويتقدسوا بتراب الاردن ومياهه المقدسة.

 

علينا على سبيل المثال ربط شبكة من المعارف والشراكات مع الافراد والمؤسسات في كل أنحاء العالم، لكي نضع الاردن على خريطة الحج التي ينوون تنظيمها في هذا العام وفي الاعوام المقبلة.

 

وقد سعدت قبل ايام بلقاء الصديق النيجيري Ogunkeyede Ajibola Shina الذي يعتزم هذا العام تسيير رحلات حج من نيجيريا الى الاردن المقدّس، تضم 7 الاف حاج وحاجة. وبين اطروحة الدكتورة هبة، وخطط الصديق النيجيري، صلة كبيرة، في انّ الاردن ماضيا وحاضرا هو مقصد الحجاج الاتقياء المقدّرين لقداسة الوطن الذي نعيش به بافتخار كبير.