موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢١ سبتمبر / أيلول ٢٠١٩

الاضراب من وجهة نظر كنسيّة

الاب د. رفعـت بدر :

اللجوء إلى الإضراب كوسيلة لحل النزاعات بين العمال وأصحاب العمل هو أمر "معترف به في التعليم الاجتماعي الكاثوليكي باعتباره شرعيا في الظروف المناسبة وفي حدود تتسم بالعدالة"، هذا ما جاء في رسالة البابا يوحنا بولس الثاني الصادرة عام 1981 والمعنونة ب " العمل البشري" ، حول اخلاقيات العمل والعمال . كان البابا قادما وقتها من بولندا حيث دعمت الكنيسة التاريخ الطويل للعمل النقابي والمهني والعمالي ، وبالاخص نقابات التضامن (Solidarno?) التي اثرت كثيرا في الحياة السياسة في بولندا، وتأسست عام 1980 كأول نقابة مستقلة تم الاعتراف بها في بلد من بلدان حلف وارسو الشيوعي. وبحسب تعليم الكنيسة، يحق بناء على الحق الأساسي الخاص بتكوين الجمعيات مع أشخاص آخرين، ويحق للعمال أيضا تشكيل نقابات، ولها دور هام في حماية حقوق العمال، وبالتالي فهي "عنصر لا يمكن الإستغناء عنه في الحياة الاجتماعيه". ولكن لا يتعين على النقابات "إقامة نزاع ضد" الجانب الآخر، كما أنها مدعوة للعمل "من أجل الخير العام" بحيث يتسم ذلك بالتعاون مع الفاعليات الاجتماعية والمهنية والحكومات. أما الاضراب ، فبحسب تعليم الكنيسة يكون مشروعا عندما تتحقق الشروط الخمس التاليه: إولا: أن تكون كل الوسائل الأخرى لحل النزاعات غير فعالة، ثانيا: من الضروري تحقيق الحصول على فائدة متناسبه مع ذلك، ثالثا: أن تكون الاجراءات سلميّة ، رابعا: ان يرتبط الهدف بصورة مباشره مع ظروف العمل، وخامسا: أن يتطابق الهدف مع الصالح العام. بالإضافة إلى ذلك ، يجب ألا ننسى أبدًا أنه عندما تكون الخدمات المجتمعية الرئيسيه محل تساؤل، فيجب ضمانها في كل حالة إذا لزم الأمر عن طريق اللجوء للتشريعات المناسبه. وفي عام 1992 ، صدر عن الفاتيكان كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية ، وجاء فيه بعبارات واضحة وصريحة: "يكون الاضراب مشروعا من الوجهة الاخلاقية عندما يصبح الملاذ الذي لا بدّ منه، ان لم يكن الضروري ، في سبيل فائدة مناسبة. لكنه يصبح غير مقبول أخلاقيا عندما يصحبه العنف، أو تحدّد له أهداف لا ترتبط مباشرة بظروف العمل او تتعارض مع الخير العام". (الفقرة رقم 2435). وفي النهاية يجب التذكير بانّ التعاليم الاجتماعية للكنيسة ، ومنها ما يختص بالعمل والعمال والنقابات والاضراب وغيرها من الاجراءات ، وحتى ما يختص بالنزاعات السياسية ، فانها تحث دائما على التفاوض والحوار عوضا عن التصادم والنزاعات، مسلحة كانت أم غير ذلك.