موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ١٠ يونيو / حزيران ٢٠٢٠

أنا عندي حلم.. I have a dream

نقل نعش جورج فلويد الذهبي بواسطة عربة يجرها أحصنة إلى مثواه الأخير بجانب قبر والدته في هيوستن

نقل نعش جورج فلويد الذهبي بواسطة عربة يجرها أحصنة إلى مثواه الأخير بجانب قبر والدته في هيوستن

الأب رفعت بدر :

 

هل كان جورج فلويد، رحمه الله، يحلم يومًا بجنازة مهيبة كالتي حصلت له يوم أمس؟ هل كان يدرك بأن انبطاحه عند إطار السيارة وتحت ركبة الشرطي، سيؤدي به إلى أن يحمل نعشه على عربة الأحصنة التي حملت عبر التاريخ القادة والكبار من المؤثرين في العالم؟ بالطبع لا. لكنّها إرادة الباري عزّ وجلّ، أرادت أن تكون نهايته المأساوية، فاتحة خير على بلاده الواسعة، وعلى العالم أجمع.

 

فبعد فترة الثمانية أعوام لحكم الرئيس الأمريكي "أسود البشرة" أوباما، ظنّ العالم بأنّ العنصرية قد ولّت إلى غير رجعة. لكنها عادت وبشراسة. فما كان من جورج فلويد إلا أن يخترق بجنازة مهيبة أفواج الألوف من الجنازات الصامتة بسبب كورونا (404 ألف قتيل ليوم أمس). وقد اعتاد العالم على "أرقام وأعداد" الموتى يوميًا، دون أن يدرك بأن كل رقم هو شخص بشري له تاريخه، وكان لديه آماله وطموحاته بعالم مشرق.

 

وحده جورج فلويد، اخترق الصمت العالمي، وقال بأنّ كلّ شخص مهما بدا بسيطًا وعاديًا، بإمكانه أن يصنع التغيير في "أقوى" دولة في العالم، وبينما هو لا يستطيع التنفس، تنفس ملايين الناس هواء الحرية وخرجوا، يتنفسون، وإن من خلف الكمامات، ويقولون: حرية حرية... ولذلك صرخت ابنته الصغيرة، عبر شاشات العالم: إن والدي قد غيّر العالم... نعم إني مشتاقة له، ولكنه بغيابه غيّر العالم.

 

رحمك الله يا جورج فلويد... ورحم كل شهداء الحرية في العالم، فالله تعالى قادر دائمًا أن يختار من الفقراء والبسطاء، وأن يحدث التغيير المنشود... وقد دخل اسمك في كتب التاريخ، كونك واحدًا ممن يحلمون، وممن يحققون حلم جدكم مارتن لوثر كينغ. ولقد كسرت القاعدة اليوم، فليس الأغنياء وأصحاب السلطات هم من يغيّرون العالم، بل أنّ الرب الذي ينظر إلى القلب، هو الذي يختار أدوات التغيير والسلام في العالم. هي سياسته تعالى... ولا نقوى اليوم إلا للتسليم لإرادته التي لا تدرَك...