موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ١٨ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢٠

أن أكون إيجابيًا (2)

يطلب منّا النظر بإيجابية إزاء الاحداث، وذلك بتبني موقفين: التفهم والتقبل

يطلب منّا النظر بإيجابية إزاء الاحداث، وذلك بتبني موقفين: التفهم والتقبل

الأب رفعت بدر :

 

أضع إلى جانب العنوان رقم (2) وذلك لأنني في 16/1 عام 2006 قد نشرت مقالاً يحمل ذات العنوان «أن أكون إيجابيًا» في صحيفة الرأي الأردنيّة. واليوم أجد نفسي أختار ذات العنوان ولكن بظروف ومعانٍ مختلفة عمّا كان قبل 15 عامًا.

 

الإيجابي والسلبي: كلمتان قد تعنيان فرحًا أو حزنًا. وقد انقلبت الموازين اليوم. فما كان إيجابيًا ينتج فرحًا وسرورًا وتفاؤلاً، قد بات محزنًا ومقلقًا وجالبًا للحظر والابتعاد عن الناس حينًا. فقد أصبحت النتيجة: ايجابي، أو Positive، سلبية بمعنى تأتي للمصاب بفحص الـPCR أو فيروس الكورونا بالنتيجة المقلقة. أمّا السلبي، فإنَّ صاحبه يفرح به ذلك أن نتيجة سلبي تعني إيجابية وخلوًا من الإصابة وصحة وعافية.

 

تبدّلت الأمور إذن، كما الحال في العديد من مرافق هذه الحياة. واختطلت شؤون الدنيا بين السلبي والإيجابي، وصارت القيم التي يؤمن بها المرء، أو يتصرف بموجبها، متداخلة ضبابية، ولم تعد الرؤية صافية للتمييز بين ما هو إيجابي وما هو سلبي.

 

ويأتي السؤال الجوهري: كيف نتعامل –أو ننظر– إيجابيًا، إلى أحداث الكون إزاء الأخبار وتفاقم المشكلات يوميًا، على مستوى الوطن الواحد، والأسرة الكونية الواحدة المتحدة والمتضامنة على الألم اليوم وعلى الأمل غدًا؟ ففي ذات النهار تجري ألوف الفحوصات في وطننا والعالم أجمع، وهنالك عودة الى تشديد إجراءات الدول الأمنية والصحية، وبالأخص في تصدّر قوة النتائج الإيجابية على السلبية. كذلك، تكتظ وسائط التواصل الاجتماعي بالعديد من الأخبار والقصص، وخبرات الناس الموجعة، حين فراق أحدهم، وحين إصابته، وحين النتيجة الإيجابية، وبعدها بأيام بالسلبية!.

 

يطلب منّا النظر بإيجابية إزاء الاحداث، وذلك بتبني موقفين: التفهم والتقبل.

 

أما التفهم فيخص أوضاع اليوم بأنها جزء من حركة الكون والتاريخ. فليست المرة الأولى التي يجتاز عالمنا مثل هذه الرياح القوية، وها نحن ندخل بفصل الشتاء الثاني والكورونا الجائحة جاثمة فوق صدور الناس، لكنها ليست المرة الأولى التي يحتاج الكون مثل هذا الوباء، وكم عبرت البشرية بأنفاق مظلمة مثل هذه التي نعبرها اليوم، وقد كانت نقاطًا موجعة في تاريخ البشر، إلا أنّها زالت وأصبحت من ذكريات الماضي، وعاد الإيجابي إيجابيًا والسلبي سلبيًا.

 

وثانيًا التقبل، وكم سمعت عن أشخاص واجهوا النتائج الايجابية بإيجابية، رغم كونها «رحلة» قد لا يدرك المرء في بدايتها ما ينتظره مع تقادم الأيام. لكن التقبل–الذي لا يعني اليأس والاستكانة ولا الاستهتار- هو بداية الحل والعلاج والشفاء. والتقبل كذلك هو للاجراءات الحكومية والرسمية التي تصدر على شكل أوامر الدفاع، فهي مؤلمة نعم، ولكنّها طريقة لتقليص اعداد الاشخاص المصابين، ومنع انتشار الفيروس بطريقة أوسع. فالبشرية اليوم في حرب كونية، وسينتصر العلم بإيجاد اللقاح الوقائي والدواء العلاجي، وقد استقبل العالم بإيجابية الأخبار القادمة عن توصّل عدد من الشركات لتحضير اللقاح المناسب لكوفيد 19.